صفحة جزء
[ هلك ]

هلك : الهلك : الهلاك . قال أبو عبيد : يقال الهلك والهلك ، والملك والملك ، هلك يهلك هلكا وهلكا وهلاكا : مات . ابن جني : ومن الشاذ قراءة من قرأ : ( ويهلك الحرث والنسل ) ; قال : هو من باب ركن يركن ، وقنط يقنط ، وكل ذلك عند أبي بكر لغات مختلطة ; قال : وقد يجوز أن يكون ماضي يهلك هلك كعطب ، فاستغنى عنه بهلك ، وبقيت يهلك دليلا عليها ، واستعمل أبو حنيفة الهلكة في جفوف النبات وبيوده فقال يصف النبات : من لدن ابتدائه إلى تمامه ، ثم توليه وإدباره إلى هلكته وبيوده . ورجل هالك من قوم هلك وهلاك وهلكى وهوالك ، الأخيرة شاذة ، وقال الخليل : إنما قالوا : هلكى وزمنى ومرضى لأنها أشياء ضربوا بها وأدخلوا فيها ، وهم لها كارهون . الأزهري : قوم هلكى ، وهالكون . الجوهري : وقد يجمع هالك على هلكى وهلاك ; قال زياد بن منقذ :


ترى الأرامل والهلاك تتبعه يستن منه عليهم وابل رزم

يعني به الفقراء ; وهلك الشيء وهلكه وأهلكه ; قال العجاج :

[ ص: 81 ]

ومهمه هالك من تعرجا     هائلة أهواله من أدلجا

يعني مهلك ، لغة تميم ، كما يقال ليل غاض أي مغض . وقال الأصمعي في قوله : هالك من تعرجا ، أي هالك المتعرجين إن لم يهذبوا في السير أي من تعرض فيه هلك ; وأنشد ثعلب :


قالت سليمى هلكوا يسارا

الجوهري : هلك الشيء يهلك هلاكا وهلوكا ومهلكا ومهلكا ومهلكا وتهلكة ، والاسم الهلك ، بالضم ; قال اليزيدي : التهلكة من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس ، قال ابن بري : وكذلك التهلوك الهلاك ; قال : وأنشد أبو نخيلة لشبيب بن شبة :


شبيب عادى الله من يجفوكا     وسبب الله له تهلوكا

وأهلكه غيره واستهلكه . وفي الحديث عن أبي هريرة : إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم ; يروى بفتح الكاف وضمها ، فمن فتحها كانت فعلا ماضيا ، ومعناه أن الغالين الذين يؤيسون الناس من رحمة الله تعالى ، يقولون : هلك الناس أي استوجبوا النار والخلود فيها بسوء أعمالهم ، فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى ، أو هو الذي لما قال لهم ذلك وأيأسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي ، فهو الذي أوقعهم في الهلاك ، وأما الضم فمعناه أنه إذا قال ذلك لهم فهو أهلكهم أي أكثرهم هلاكا ، وهو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ، ويرى له عليهم فضلا . وقال مالك في قوله أهلكهم أي أبسلهم . وفي الحديث : ما خالطت الصدقة مالا إلا أهلكته ; قيل : هو حض على تعجيل الزكاة من قبل أن تختلط بالمال بعد وجوبها فيه فتذهب به ، وقيل : أراد تحذير العمال عن اختزال شيء منها وخلطهم إياه بها ، وقيل : أن يأخذ الزكاة وهو غني عنها . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أتاه سائل فقال له : هلكت وأهلكت أي أهلكت عيالي . وفي التنزيل : وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا . وقال أبو عبيدة

: أخبرني رؤبة أنه يقول هلكتني بمعنى أهلكتني ، قال : وليست بلغتي . أبو عبيدة : تميم تقول : هلكه يهلكه هلكا بمعنى أهلكه . وفي المثل : فلان هالك في الهوالك ; وأنشد أبو عمرو لابن جذل الطعان :


تجاوزت هندا رغبة عن قتاله     إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك
فأيقنت أني ثائرابن مكدم     غداة إذ أو هالك في الهوالك

قال : وهذا شاذ على ما فسر في فوارس ; قال ابن بري : يجوز أن يريد هالك في الأمم الهوالك ، فيكون جمع هالكة على القياس ، وإنما جاز فوارس لأنه مخصوص بالرجال فلا لبس فيه ، قال : وصواب إنشاد البيت :


فأيقنت أني عند ذلك ثائر

والهلكة : الهلاك ; ومنه قولهم : هي الهلكة الهلكاء ، وهو توكيد لها ، كما يقال همج هامج . أبو عبيد : يقال وقع فلان في الهلكة الهلكى ، والسوأة السوأى . وقوله - عز وجل - : وجعلنا لمهلكهم موعدا ; أي لوقت هلاكهم أجلا ، ومن قرأ لمهلكهم فمعناه لإهلاكهم . وفي حديث أم زرع : وهو إمام القوم في المهالك ، أرادت في الحروب ، وأنه لثقته بشجاعته يتقدم ولا يتخلف ، وقيل : إنه لعلمه بالطرق يتقدم القوم فيهديهم وهم على أثره . واستهلك المال : أنفقه وأنفده ; أنشد سيبويه :


تقول إذا استهلكت مالا للذة     فكيهة هشيء بكفيك لائق

قال سيبويه : يريد هل شيء ؟ فأدغم اللام في الشين ، وليس ذلك بواجب كوجوب إدغام الشم والشراب ولا جميعهم يدغم هل شيء . وأهلك المال : باعه . في بعض أخبار هذيل : أن حبيبا الهذلي قال لمعقل بن خويلد : ارجع إلى قومك ، قال : كيف أصنع بإبلي ؟ قال : أهلكها أي بعها . والمهلكة والمهلكة والمهلكة : المفازة لأنه يهلك فيها كثيرا . ومفازة هالكة من سلكها أي هالكة للسالكين . وفي حديث التوبة : وتركها مهلكة أي موضع لهلاك نفسه ، وجمعها مهالك ، وتفتح لامها وتكسر أيضا للمفازة . والهلكون : الأرض الجدبة وإن كان فيها ماء . ابن بزرج : يقال هذه أرض آرمة هلكون ، وأرض هلكون إذا لم يكن فيها شيء . يقال : هلكون نبات أرضين . ويقال : تركها آرمة هلكين إذا لم يصبها الغيث منذ دهر طويل . يقال : مررت بأرض هلكين ، بفتح الهاء واللام . والهلك والهلكات : السنون لأنها مهلكة ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد لأسود بن يعفر :


قالت له أم صمعا إذ تؤامره     ألا ترى لذوي الأموال والهلك

الواحدة هلكة ، بفتح اللام ، أيضا . والهلاك : الجهد المهلك . وهلاك مهتلك : على المبالغة ; قال رؤبة :


من السنين والهلاك

المهتلك


ولأذهبن فإما هلك وإما ملك

والفتح فيهما لغة ، أي لأذهبن ، فإما أن أهلك ، وإما أن أملك . وهالك أهل : الذي يهلك في أهله ; قال الأعشى :


وهالك أهل يعودونه     وآخر في قفرة لم يجن

قال : ويكون وهالك أهل الذي يهلك أهله . والهلك : جيفة الشيء الهالك . والهلك : مشرفة المهواة من جو السكاك لأنها مهلكة ، وقيل : الهلك ما بين كل أرض إلى التي تحتها إلى الأرض السابعة ، وهو من ذلك ; فأما قول الشاعر :


الموت تأتي لميقات خواطفه     وليس يعجزه هلك ولا لوح

فإنه سكن للضرورة ، وهو مذهب كوفي ، وقد حجر عليه سيبويه إلا في المكسور والمضموم ، وقيل : الهلك ما بين أعلى الجبل وأسفله ثم يستعار لهواء ما بين كل شيئين ، وكله من الهلاك ، وقيل : الهلك المهواة بين الجبلين ; وأنشد لامرئ القيس :


أرى ناقة القيس قد أصبحت     على الأين ذات هباب نوارا
رأت هلكا بنجاف الغبيط     فكادت تجد الحقي الهجارا

ويروى : تجد لذاك الهجارا ; قوله هباب : نشاط ، ونوارا : نفارا ، وتجد : تقطع الحبل نفورا من المهواة ، والهجار : حبل يشد في رسغ البعير . والهلك : المهواة بين الجبلين ; وقال ذو الرمة يصف امراة جيداء :

[ ص: 82 ]

ترى قرطها في واضح الليت     مشرفا على هلك في نفنف يتطوح

والهلك ، بالتحريك : الشيء الذي يهوي ويسقط . والتهلكة : الهلاك . وفي التنزيل العزيز : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ; وقيل : التهلكة كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك . والتهلوك : الهلاك ; وأنشد بيت شبيب :


وسبب الله له تهلوكا

ووقع في وادي تهلك ، بضم التاء والهاء واللام مشددة ، وهو غير مصروف مثل تخيب ، أي في الباطل والهلاك كأنهم سموه بالفعل . والاهتلاك والانهلاك : رمي الإنسان بنفسه في تهلكة . والقطاة تهتلك من خوف البازي أي ترمي بنفسها في المهالك . ويقال : تهتلك تجتهد في طيرانها ، ويقال منه : اهتلكت القطاة . والمهتلك : الذي ليس له هم إلا أن يتضيفه الناس يظل نهاره فإذا جاء الليل أسرع إلى من يكفله خوف الهلاك لا يتمالك دونه ; قال أبو خراش :


إلى بيته يأوي الغريب إذا شتا     ومهتلك بالي الدريسين عائل

والهلاك : الصعاليك الذين ينتابون الناس ابتغاء معروفهم من سوء حالهم ، وقيل : الهلاك المنتجعون الذين قد ضلوا الطريق ، وكله من ذلك ; أنشد ثعلب لجميل :


أبيت مع الهلاك ضيفا لأهلها     وأهلي قريب موسعون ذوو فضل

وكذلك المتهلكون ; وأنشد ثعلب للمتنخل الهذلي :


لو أنه جاءني جوعان مهتلك     من بؤس الناس عنه الخير محجوز

وافعل ذلك إما هلكت هلك أي على كل حال ، بضم الهاء واللام ، غير مصروف ; قال ابن سيده : وبعضهم لا يصرفه أي على ما خيلت نفسك ولو هلكت ، والعامة تقول : إن هلك الهلك ; قال ابن بري : حكى أبو علي عن الكسائي هلكت هلك ، مصروفا وغير مصروف . وفي حديث الدجال : وذكر صفته ثم قال : ولكن الهلك كل الهلك أن ربكم ليس بأعور ، وفي رواية : فإما هلكت هلك فإن ربكم ليس بأعور ; الهلك الهلاك ، ومعنى الرواية الأولى الهلاك كل الهلاك للدجال لأنه وإن ادعى الربوبية ولبس على الناس بما لا يقدر عليه البشر ، فإنه لا يقدر على إزالة العور ; لأن الله منزه عن النقائص والعيوب ، وأما الثانية فهلك ، بالضم والتشديد ، جمع هالك ، أي فإن هلك به ناس جاهلون وضلوا فاعلموا أن الله ليس بأعور ، ولو روي : فإما هلكت هلك على قول العرب افعل كذا إما هلكت هلك وهلك ، بالتخفيف منونا وغير منون ، لكان وجها قويا ومجراه مجرى قولهم : افعل ذلك على ما خيلت أي على كل حال . وهلك : صفة مفردة بمعنى هالكة كناقة سرح ، وامرأة عطل ، فكأنه قال : فكيفما كان الأمر فإن ربكم ليس بأعور ، وفي رواية : فإما هلك الهلك فإن ربكم ليس بأعور . قال الفراء : العرب تقول افعل ذلك إما هلكت هلك وهلك بإجراء وغير إجراء ، وبعضهم يضيفه إما هلكت هلكه أي على ما خيلت أي على كل حال ، وقيل في تفسير الحديث : إن شبه عليكم بكل معنى وعلى كل حال فلا يشبهن عليكم أن ربكم ليس بأعور ، وقوله على ما خيلت أي أرت وشبهت ، وروى بعضهم حديث الدجال وخزيه وبيان كذبه في عوره . والهلوك من النساء : الفاجرة الشبقة المتساقطة على الرجال ، سميت بذلك لأنها تتهالك أي تتمايل وتنثني عند جماعها ، ولا يوصف الرجل الزاني بذلك فلا يقال رجل هلوك ; وقال بعضهم : الهلوك الحسنة التبعل لزوجها . وفي حديث مازن : إني مولع بالخمر والهلوك من النساء . وفي الحديث : فتهالكت عليه فسألته أي سقطت عليه ورميت بنفسي فوقه . وتهالك الرجل على المتاع والفراش : سقط عليه ، وتهالكت المرأة في مشيها : من ذلك . والهالكي : الحداد ، وقيل الصيقل ، قال ابن الكلبي : أول من عمل الحديد من العرب الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة ، وكان حدادا نسب إليه الحداد ، فقيل الهالكي ، ولذلك قيل لبني أسد : القيون ; وقال لبيد :


جنوح الهالكي على يديه     مكبا يجتلي نقب النصال

أراد بالهالكي الحداد ; وقال آخر :


ولا تك مثل الهالكي وعرسه     سقته على لوح سمام الذرارح
فقالت شراب بارد قد جدحته ولم     يدر ما خاضت له بالمجادح

أي خلطته بالسويق . قال عرام في حديثه : كنت أتهلك في مفاوز أي كنت أدور فيها شبه المتحير ; وأنشد :


كأنها قطرة جاد السحاب بها     بين السماء وبين الأرض تهتلك

واستهلك الرجل في كذا إذا جهد نفسه واهتلك معه ; وقال الراعي :


لهن حديث فاتن يترك الفتى     خفيف الحشا مستهلك الربح طامعا

أي يجهد قلبه في إثرها . وطريق مستهلك الورد أي يجهد من سلكه ; قال الحطيئة يصف الطريق :


مستهلك الورد كالأستي قد جعلت     أيدي المطي به عادية ركبا الأستي

والأسدي : يعني به السدى والستى ; شبه شرك الطريق بسدى الثوب . وفلان هلكة من الهلك أي ساقطة من السواقط أي هالك . والهلكى : الشرهون من النساء والرجال ، يقال : رجال هلكى ونساء هلكى ، الواحد هالك وهالكة . ابن الأعرابي : الهالكة النفس الشرهة ; يقال : هلك يهلك هلاكا إذا شره ; ومنه قوله :


ولم أهلك إلى اللبن

أي لم أشره . ويقال للمزاحم على الموائد : المتهالك والملاهس والوارش والحاضر واللعو ، فإذا أكل بيد ومنع بيد فهو جردبان ; وأنشد شمر :


إن سدى خير إلى غير أهله     كهالكة من السحاب المصوب

قال : هو السحاب الذي يصوب المطر ثم يقلع فلا يكون له مطر فذلك هلاكه .

التالي السابق


الخدمات العلمية