صفحة جزء
[ هلل ]

هلل : هل السحاب بالمطر وهل المطر هلا وانهل بالمطر انهلالا واستهل : وهو شدة انصبابه . وفي حديث الاستسقاء : فألف الله السحاب وهلتنا . قال ابن الأثير : جاء في رواية لمسلم ، يقال : هل السحاب إذا أمطر بشدة ، والهلال الدفعة منه ، وقيل : هو أول ما يصيبك منه ، والجمع أهلة على القياس ، وأهاليل نادرة . وانهل المطر انهلالا : سال بشدة ، واستهلت السماء في أول المطر ، والاسم الهلال . وقال غيره : هل السحاب إذا قطر قطرا له صوت ، وأهله الله ; ومنه انهلال الدمع وانهلال المطر ; قال أبو نصر : الأهاليل الأمطار ، ولا واحد لها في قول ابن مقبل :


وغيث مريع لم يجدع نباته ولته أهاليل السماكين معشب

وقال ابن بزرج :

هلال وهلاله وما أصابنا     هلال ولا بلال ولا طلال

; قال : وقالوا الهلل الأمطار ، واحدها هلة ; وأنشد :


من منعج جادت     روابيه الهلل

وانهلت السماء إذا صبت ، واستهلت إذا ارتفع صوت وقعها ، وكأن استهلال الصبي منه . وفي حديث النابغة الجعدي قال : فنيف على المائة ، وكأن فاه البرد المنهل ; كل شيء انصب فقد انهل ، يقال : انهل السماء بالمطر ينهل انهلالا ، وهو شدة انصبابه . قال : ويقال هل السماء بالمطر هللا ، ويقال للمطر هلل وأهلول . والهلل : أول المطر . يقال : استهلت السماء وذلك في أول مطرها . ويقال : هو صوت وقعه . واستهل الصبي بالبكاء : رفع صوته وصاح عند الولادة . وكل شيء ارتفع صوته فقد استهل . والإهلال بالحج : رفع الصوت بالتلبية . وكل متكلم رفع صوته أو خفضه فقد أهل واستهل . وفي الحديث : الصبي إذا ولد لم يورث ولم يرث حتى يستهل صارخا . وفي حديث الجنين : كيف ندي من لا أكل ولا شرب ولا استهل ؟ وقال الراجز :


يهل بالفرقد ركبانها     كما يهل الراكب المعتمر

وأصله رفع الصوت . وأهل الرجل واستهل إذا رفع صوته . وأهل المعتمر إذا رفع صوته بالتلبية ، وتكرر في الحديث ذكر الإهلال ، وهو رفع الصوت بالتلبية . أهل المحرم بالحج يهل إهلالا إذا لبى ورفع صوته . والمهل ، بضم الميم : موضع الإهلال ، وهو الميقات الذي يحرمون منه ، ويقع على الزمان والمصدر . الليث : المحرم يهل بالإحرام إذا أوجب الحرم على نفسه ، تقول : أهل بحجة أو بعمرة في معنى أحرم بها ، وإنما قيل للإحرام إهلال لرفع المحرم صوته بالتلبية . والإهلال : التلبية ، وأصل الإهلال رفع الصوت . وكل رافع صوته فهو مهل ، وكذلك قوله - عز وجل - : وما أهل لغير الله به ; هو ما ذبح للآلهة وذلك ; لأن الذابح كان يسميها عند الذبح ، فذلك هو الإهلال ; قال النابغة يذكر درة أخرجها غواصها من البحر :


أو درة صدفية غواصها     بهج متى يرها يهل ويسجد

يعني بإهلاله رفعه صوته بالدعاء والحمد لله إذا رآها ; قال أبو عبيد : وكذلك الحديث في استهلال الصبي أنه إذا ولد لم يرث ولم يورث حتى يستهل صارخا وذلك أنه يستدل على أنه ولد حيا بصوته . وقال أبو الخطاب : كل متكلم رافع الصوت أو خافضه فهو مهل ومستهل ; وأنشد :


وألفيت الخصوم وهم     لديه مبرسمة أهلوا ينظرونا

وقال :


غير يعفور أهل به     جاب دفيه عن القلب

قيل في الإهلال : إنه شيء يعتريه في ذلك الوقت يخرج من جوفه شبيه بالعواء الخفيف ، وهو بين العواء والأنين ، وذلك من حاق الحرص وشدة الطلب وخوف الفوت . وانهلت السماء منه يعني كلب الصيد إذا أرسل على الظبي فأخذه ; قال الأزهري : ومما يدل على صحة ما قاله أبو عبيد وحكاه عن أصحابه قول الساجع عند سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قضى في الجنين إذا سقط ميتا بغرة فقال :

أرأيت من لا شرب ولا أكل     ولا صاح فاستهل


ومثل دمه يطل

، فجعله مستهلا برفعه صوته عند الولادة . وانهلت عينه وتهللت : سالت بالدمع . وتهللت دموعه : سالت : واستهلت العين : دمعت ; قال أوس :


لا تستهل من الفراق شئوني

وكذلك انهلت العين ; قال :


أو سنبلا كحلت به فانهلت

والهليلة : الأرض التي استهل بها المطر ، وقيل : الهليلة الأرض الممطورة ، وما حواليها غير ممطور . وتهلل السحاب بالبرق : تلألأ . وتهلل وجهه فرحا : أشرق واستهل . وفي حديث فاطمة - عليها السلام - : فلما رآها استبشر وتهلل وجهه ، أي استنار وظهرت عليه أمارات السرور . الأزهري : تهلل الرجل فرحا ; وأنشد :


تراه إذا ما جئته متهللا     كأنك تعطيه الذي أنت سائله

واهتل كتهلل ; قال :


ولنا أسام ما تليق بغيرنا     ومشاهد تهتل حين ترانا

وما جاء بهلة ولا بلة ، الهلة : من الفرح والاستهلال ، والبلة : أدنى بلل من الخير ; وحكاهما كراع جميعا ، بالفتح . ويقال : ما أصاب عنده هلة ولا بلة أي شيئا . ابن الأعرابي : هل يهل إذا فرح ، وهل يهل إذا صاح . والهلال : غرة القمر حين يهله الناس في غرة الشهر ، وقيل : يسمى هلالا لليلتين من الشهر ثم لا يسمى به إلى أن يعود في الشهر الثاني ، وقيل : يسمى به ثلاث ليال ثم يسمى قمرا ، وقيل : يسماه حتى يحجر ، وقيل : يسمى هلالا إلى أن يبهر ضوءه سواد الليل . وهذا لا يكون إلا في الليلة السابعة . قال أبو إسحاق : والذي عندي وما عليه الأكثر أن يسمى هلالا ابن ليلتين ، فإنه في الثالثة يتبين ضوءه ، والجمع أهلة ; قال :


يسيل الربى واهي الكلى عرض     الذرى أهلة نضاخ الندى سابغ القطر

أهلة نضاخ الندى كقوله :

[ ص: 84 ]

تلقى نوءهن سرار شهر     وخير النوء ما لقي السرارا

التهذيب عن أبي الهيثم : يسمى القمر لليلتين من أول الشهر هلالا ولليلتين من آخر الشهر ست وعشرين وسبع وعشرين هلالا ، ويسمى ما بين ذلك قمرا . وأهل الرجل : نظر إلى الهلال . وأهللنا هلال شهر كذا ، واستهللناه : رأيناه . وأهللنا الشهر واستهللناه : رأينا هلاله . المحكم : وأهل الشهر واستهل ظهر هلاله وتبين ، وفي الصحاح : ولا يقال أهل . قال ابن بري : وقد قاله غيره ; المحكم أيضا : وهل الشهر ، ولا يقال أهل . وهل الهلال وأهل وأهل واستهل ، على ما لم يسم فاعله : ظهر ، والعرب تقول عند ذلك : الحمد لله إهلالك إلى سرارك ! ينصبون إهلالك على الظرف ، وهي من المصادر التي تكون أحيانا لسعة الكلام كخفوق النجم . الليث

: تقول : أهل القمر ولا يقال أهل الهلال ، قال الأزهري : هذا غلط وكلام العرب أهل الهلال . روى أبو عبيد عن أبي عمرو : أهل الهلال واستهل لا غير ، وروي عن ابن الأعرابي : أهل الهلال واستهل ، قال : واستهل أيضا ، وشهر مستهل ; وأنشد :


وشهر مستهل بعد شهر     ويوم بعده يوم جديد

قال أبو العباس : وسمي الهلال هلالا ; لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أن ناسا قالوا له : إنا بين الجبال لا نهل هلالا إذا أهله الناس أي لا نبصره إذا أبصره الناس لأجل الجبال . ابن شميل : انطلق بنا حتى نهل الهلال أي ننظر أنراه . وأتيتك عند هلة الشهر وهله وإهلاله أي استهلاله . وهال الأجير مهالة وهلالا : استأجره كل شهر من الهلال إلى الهلال بشيء ; عن اللحياني ، وهالل أجيرك كذا ; حكاه اللحياني عن العرب ; قال ابن سيده : فلا أدري أهكذا سمعه منهم أم هو الذي اختار التضعيف ; فأما ما أنشده أبو زيد من قوله :


تخط لام ألف موصول     والزاي والرا أيما تهليل

فإنه أراد تضعها على شكل الهلال ، وذلك لأن معنى قوله تخط تهلل ، فكأنه قال : تهلل لام ألف موصول تهليلا أيما تهليل . والمهللة ، بكسر اللام ، من الإبل : التي قد ضمرت وتقوست . وحاجب مهلل : مشبه بالهلال . وبعير مهلل ، بفتح اللام : مقوس . والهلال : الجمل الذي قد ضرب حتى أداه ذلك الهزال والتقوس .

الليث : يقال للبعير إذا استقوس وحنا ظهره والتزق بطنه هزالا وإحناقا : قد هلل البعير تهليلا ; قال ذو الرمة :


إذا ارفض أطراف السياط وهللت     جروم المطايا عذبتهن صيدح

ومعنى هللت أي انحنت كأنها الأهلة دقة وضمرا . وهلال البعير : ما استقوس منه عند ضمره ; قال ابن هرمة :


وطارق هم قد قريت هلاله     يخب إذا اعتل المطي ويرسم

أراد أنه قرى الهم الطارق سير هذا البعير . والهلال : الجمل المهزول من ضراب أو سير . والهلال : حديدة يعرقب بها الصيد . والهلال : الحديدة التي تضم ما بين حنوي الرحل من حديد أو خشب ، والجمع الأهلة . أبو زيد : يقال للحدائد التي تضم ما بين أحناء الرحال أهلة ، وقال غيره : هلال النؤي ما استقوس منه . والهلال : الحية ما كان ، وقيل : هو الذكر من الحيات ; ومنه قول ذي الرمة :


إليك ابتذلنا كل وهم كأنه     هلال بدا في رمضة يتقلب

يعني حية . والهلال : الحية إذا سلخت ; قال الشاعر :


ترى الوشي لماعا عليها كأنه     قشيب هلال لم تقطع شبارقه

وأنشد ابن الأعرابي يصف درعا شبهها في صفائها بسلخ الحية :


في نثلة تهزأ بالنصال     كأنها من خلع الهلال

وهزؤها بالنصال : ردها إياها . والهلال : الحجارة المرصوف بعضها إلى بعض . والهلال : نصف الرحى . والهلال : الرحى ; ومنه قول الراجز :


ويطحن الأبطال والقتيرا     طحن الهلال البر والشعيرا

والهلال : طرف الرحى إذا انكسر منه . والهلال : البياض الذي يظهر في أصول الأظفار . والهلال : الغبار ، وقيل : الهلال قطعة من الغبار . وهلال الإصبع : المطيف بالظفر . والهلال : بقية الماء في الحوض . ابن الأعرابي : والهلال ما يبقى في الحوض من الماء الصافي ; قال الأزهري : وقيل له هلال ; لأن الغدير عند امتلائه من الماء يستدير ، وإذا قل ماؤه ذهبت الاستدارة وصار الماء في ناحية منه . الليث : الهلاهل من وصف الماء الكثير الصافي ، والهلال : الغلام الحسن الوجه ، قال : ويقال للرحى هلال إذا انكسرت . والهلال : شيء تعرقب به الحمير . وهلال النعل : ذؤابتها . والهلل : الفزع والفرق ; قال :


ومت مني هللا إنما     موتك لو واردت وراديه

يقال : هلك فلان هللا وهلا أي فرقا ، وحمل عليه فما كذب ولا هلل ، أي ما فزع وما جبن . يقال : حمل فما هلل أي ضرب قرنه . ويقال : أحجم عنا هللا وهلا ; قاله أبو زيد . والتهليل : الفرار والنكوص ; قال كعب بن زهير :


لا يقع الطعن إلا في نحورهم     وما لهم عن حياض الموت تهليل

أي نكوص وتأخر . يقال : هلل عن الأمر إذا ولى عنه ونكص . وهلل عن الشيء : نكل . وما هلل عن شتمي أي ما تأخر . قال أبو الهيثم : ليس شيء أجرأ من النمر ، ويقال : إن الأسد يهلل ويكلل ، وإن النمر يكلل ولا يهلل ، قال : والمهلل الذي يحمل على قرنه ثم يجبن فينثني ويرجع ، ويقال : حمل ثم هلل ، والمكلل : الذي يحمل فلا يرجع حتى يقع بقرنه ; وقال :


قومي على الإسلام لما يمنعوا     ماعونهم ويضيعوا التهليلا

أي لما يرجعوا عما هم عليه من الإسلام ، من قولهم : هلل عن قرنه وكلس ; قال الأزهري : أراد ولما يضيعوا شهادة أن لا إله إلا الله ، وهو رفع الصوت بالشهادة وهذا على رواية من رواه ويضيعوا التهليلا ، وقال الليث : التهليل قول لا إله إلا الله ; قال الأزهري : ولا أراه مأخوذا إلا من رفع قائله به صوته ; وقوله أنشده ثعلب :


وليس بها ريح ولكن وديقة     يظل بها السامي يهل وينقع

[ ص: 85 ] فسره فقال : مرة يذهب ريقه يعني يهل ، ومرة يجيء يعني ينقع ; والسامي الذي يصطاد ويكون في رجله جوربان ; وفي التهذيب في تفسير هذا البيت : السامي الذي يطلب الصيد في الرمضاء ، يلبس مسماتيه ويثير الظباء من مكانسها ، فإذا رمضت تشققت أظلافها ويدركها السامي فيأخذها بيده ، وجمعه السماة ; وقال الباهلي في قوله يهل : هو أن يرفع العطشان لسانه إلى لهاته فيجمع الريق ; يقال : جاء فلان يهل من العطش . والنقع : جمع الريق تحت اللسان . وتهلل : من أسماء الباطل كثهلل ، جعلوه اسما له علما وهو نادر ، وقال بعض النحويين : ذهبوا في تهلل إلى أنه تفعل لما لم يجدوا في الكلام " ت ه ل " معروفة ، ووجدوا " ه ل ل " وجاز التضعيف فيه لأنه علم ، والأعلام تغير كثيرا ، ومثله عندهم تحبب . وذهب في هليان وبذي هليان أي حيث لا يدرى أين هو . وامرأة هل : متفضلة في ثوب واحد ; قال :


أناة تزين البيت إما تلبست     وإن قعدت هلا فأحسن بها هلا

والهلل : نسج العنكبوت ، ويقال لنسج العنكبوت الهلل والهلهل . وهلل الرجل أي قال : لا إله إلا الله . وقد هيلل الرجل إذا قال : لا إله إلا الله . وقد أخذنا في الهيللة إذا أخذنا في التهليل ، وهو مثل قولهم حولق الرجل وحوقل ، إذا قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ; وأنشد :


فداك من الأقوام كل مبخل     يحولق إما ساله العرف سائل

الخليل : حيعل الرجل إذا قال : حي على الصلاة . قال : والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى ; منه قولهم : لا تبرقل علينا ; والبرقلة : كلام لا يتبعه فعل ، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه . قال أبو العباس : الحولقة والبسملة والسبحلة والهيللة ، قال : هذه الأربعة أحرف جاءت هكذا ، قيل له : فالحمدلة ؟ قال : ولا أنكره . وأهل بالتسمية على الذبيحة ، وقوله تعالى : وما أهل به لغير الله ; أي نودي عليه بغير اسم الله . ويقال : أهللنا عن ليلة كذا ، ولا يقال أهللناه ، فهل كما يقال أدخلناه فدخل ، وهو قياسه . وثوب هل وهلهل وهلهال وهلاهل ومهلهل : رقيق سخيف النسج . وقد هلهل النساج الثوب إذا أرق نسجه وخففه . والهلهلة : سخف النسج . وقال ابن الأعرابي : هلهله بالنسج خاصة . وثوب هلهل رديء النسج ، وفيه من اللغات جميع ما تقدم في الرقيق ; قال النابغة :


أتاك بقول هلهل النسج كاذب     ولم يأت بالحق الذي هو ناصع

ويروى : لهله . ويقال : أنهج الثوب هلهالا . والمهلهلة من الدروع : أردؤها نسجا . شمر : يقال ثوب ملهله ومهلهل ومنهنه ; وأنشد :


ومد قصي وأبناؤه     عليك الظلال فما هلهلوا

وقال شمر في كتاب السلاح : المهلهلة من الدروع ، قال بعضهم : هي الحسنة النسج ليست بصفيقة ، قال : ويقال هي الواسعة الحلق . قال ابن الأعرابي : ثوب لهله النسج أي رقيق ليس بكثيف . ويقال : هلهلت الطحين أي نخلته بشيء سخيف ; وأنشد لأمية :


كما تذري المهلهلة الطحينا

وشعر هلهل : رقيق . ومهلهل : اسم شاعر ، سمي بذلك لرداءة شعره ، وقيل : لأنه أول من أرق الشعر وهو امرؤ القيس بن ربيعة أخو كليب وائل ، وقيل : سمي مهلهلا بقوله لزهير بن جناب :


لما توعر في الكراع هجينهم     هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا

ويقال : هلهلت أدركه كما يقال كدت أدركه ، وهلهل يدركه أي كاد يدركه ، وهذا البيت أنشده الجوهري :


لما توغل في الكراع هجينهم

قال ابن بري : والذي في شعره لما توعر كما أوردناه عن غيره ، وقوله لما توعر أي أخذ في مكان وعر . ويقال : هلهل فلان شعره إذا لم ينقحه وأرسله كما حضره ، ولذلك سمي الشاعر مهلهلا . والهلهل : السم القاتل ، وهو معرب ; قال الأزهري : ليس كل سم قاتل يسمى هلهلا ، ولكن الهلهل سم من السموم بعينه قاتل ، قال : وليس بعربي وأراه هنديا . وهلهل الصوت : رجعه . وماء هلاهل : صاف كثير . وهلهل عن الشيء : رجع . والهلاهل : الماء الكثير الصافي . والهلهلة : الانتظار والتأني ، وقال الأصمعي في قول حرملة بن حكيم :


هلهل بكعب بعد ما وقعت     فوق الجبين بساعد فعم

ويروى : هلل ومعناهما جميعا : انتظر به ما يكون من حاله من هذه الضربة ; وقال الأصمعي : هلهل بكعب أي أمهله بعد ما وقعت به شجة على جبينه ، وقال شمر : هلهلت تلبثت وتنظرت . التهذيب : ويقال أهل السيف بفلان إذا قطع فيه ; ومنه قول ابن أحمر :


ويل أم خرق أهل المشرفي به     على الهباءة لا نكس ولا ورع

وذو هلاهل : قيل من أقيال حمير . وهل : حرف استفهام ، فإذا جعلته اسما شددته . قال ابن سيده : هل كلمة استفهام ، هذا هو المعروف ، قال : وتكون بمنزلة أم للاستفهام ، وتكون بمنزلة بل ، وتكون بمنزلة قد كقوله - عز وجل - : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ، قالوا : معناه قد امتلأت ; قال ابن جني : هذا تفسير على المعنى دون اللفظ ، وهل مبقاة على استفهامها ، وقولها : هل من مزيد ، أي أتعلم يا ربنا أن عندي مزيدا ، فجواب هذا منه - عز اسمه - لا ، أي فكما تعلم أن لا مزيد فحسبي ما عندي ، وتكون بمعنى الجزاء ، وتكون بمعنى الجحد ، وتكون بمعنى الأمر . قال الفراء : سمعت أعرابيا يقول : هل أنت ساكت ؟ بمعنى اسكت ; قال ابن سيده : هذا كله قول ثعلب وروايته . الأزهري : قال الفراء هل قد تكون جحدا وتكون خبرا ، قال : وقول الله - عز وجل - : هل أتى على الإنسان حين من الدهر ; قال : معناه قد أتى على الإنسان معناه الخبر ، قال : والجحد أن تقول : وهل يقدر أحد على مثل هذا ; قال : ومن الخبر قولك للرجل : هل وعظتك هل أعطيتك ، تقرره بأنك قد وعظته وأعطيته ; قال الفراء : وقال الكسائي هل تأتي استفهاما ، وهو بابها ، وتأتي جحدا ، مثل قوله :

[ ص: 86 ]

ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم

معناه : ألا ما أخو عيش ; قال : وتأتي شرطا ، وتأتي بمعنى قد ، وتأتي توبيخا ، وتأتي أمرا ، وتأتي تنبيها ، قال : فإذا زدت فيها ألفا كانت بمعنى التسكين ، وهو معنى قوله إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر ، قال : معنى حي أسرع بذكره ، ومعنى هلا أي اسكن ، عند ذكره حتى تنقضي فضائله ; وأنشد :


وأي حصان لا يقال لها هلا

أي اسكني للزوج ; قال : فإن شددت لامها صارت بمعنى اللوم والحض ، اللوم على ما مضى من الزمان ، والحض على ما يأتي من الزمان ، قال : ومن الأمر قوله : فهل أنتم منتهون . وهلا : زجر للخيل ، وهال مثله أي اقربي . وقولهم : هلا استعجال وحث . وفي حديث جابر : هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك ; هلا ، بالتشديد : حرف معناه الحث والتحضيض ، يقال : حي هلا الثريد ، ومعناه هلم إلى الثريد ، فتحت ياؤه لاجتماع الساكنين وبنيت حي وهل اسما واحدا ، مثل خمسة عشر ، وسمي به الفعل ويستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث ، وإذا وقفت عليه قلت حيهلا ، والألف لبيان الحركة كالهاء في قوله كتابيه وحسابيه ; لأن الألف من مخرج الهاء ; وفي الحديث : إذا ذكر الصالحون فحيهل بعمر ، بفتح اللام مثل خمسة عشر ، أي فأقبل به وأسرع ، وهي كلمتان جعلتا كلمة واحدة ، فحي بمعنى أقبل وهلا بمعنى أسرع ، وقيل : معناه عليك بعمر أي أنه من هذه الصفة ، ويجوز فحيهلا ، بالتنوين ، يجعل نكرة ، وأما حيهلا بلا تنوين فإنما يجوز في الوقف ، فأما في الإدراج فهي لغة رديئة ; قال ابن بري : قد عرفت العرب حيهل ; وأنشد فيه ثعلب :


وقد غدوت قبل رفع الحيهل     أسوق نابين ونابا ملإبل

وقال : الحيهل الأذان . والنابان : عجوزان ; وقد عرف بالإضافة أيضا في قول الآخر :


وهيج الحي من دار فظل     لهم يوم كثير تناديه وحيهله

قال : وأنشد الجوهري عجزه في آخر الفصل :


هيهاؤه وحيهله

وقال أبو حنيفة : الحيهل نبت من دق الحمض ، واحدته حيهلة ، سميت بذلك لسرعة نباتها كما يقال في السرعة والحث حيهل ; وأنشد لحميد بن ثور :


بميث بثاء نصيفية دميث     بها الرمث والحيهل

وأما قول لبيد يذكر صاحبا له في السفر كان أمره بالرحيل :

يتمارى في الذي قلت له ولقد يسمع قولي حيهل فإنما سكنه للقافية . وقد يقولون : حي من غير أن يقولوا هل ، من ذلك قولهم في الأذان : حي على الصلاة ! حي على الفلاح ! إنما هو دعاء إلى الصلاة والفلاح ; قال ابن أحمر :


أنشأت أسأله ما بال رفقته     حي الحمول فإن الركب قد ذهبا

قال : أنشأ يسأل غلامه كيف أخذ الركب . وحكى سيبويه عن أبي الخطاب أن بعض العرب يقول : حيهلا الصلاة ، يصل بهلا كما يوصل بعلى ، فيقال حيهلا الصلاة ، ومعناه ائتوا الصلاة واقربوا من الصلاة وهلموا إلى الصلاة ; قال ابن بري : الذي حكاه سيبويه عن أبي الخطاب حيهل الصلاة بنصب الصلاة لا غير ، قال : ومثله قولهم حيهل الثريد ، بالنصب لا غير . وقد حيعل المؤذن كما يقال حولق وتعبشم مركبا من كلمتين ; قال الشاعر :


ألا رب طيف منك بات معانقي     إلى أن دعا داعي الصباح فحيعلا

وقال آخر :


أقول لها ودمع العين جار     ألم تحزنك حيعلة المنادي

وربما ألحقوا به الكاف فقالوا حيهلك كما يقال رويدك والكاف للخطاب فقط ، ولا موضع لها من الإعراب لأنها ليست باسم . قال أبو عبيدة : سمع أبو مهدية الأعرابي رجلا يدعو بالفارسية رجلا يقول له : زوذ ، فقال : ما يقول ؟ قلنا : يقول عجل ، فقال : ألا يقول : حيهلك أي هلم وتعال ; وقول الشاعر :


هيهاؤه وحيهله

فإنما جعله اسما ، ولم يأمر به أحدا . الأزهري : عن ثعلب أنه قال : حيهل أي أقبل إلي ، وربما حذف فقيل هلا إلي ، وجعل أبو الدقيش هل التي للاستفهام اسما فأعربه وأدخل عليه الألف واللام ، وذلك أنه قال له الخليل : هل لك في زبد وتمر ؟ فقال أبو الدقيش : أشد الهل وأوحاه ، فجعله اسما كما ترى وعرفه بالألف واللام ، وزاد في الاحتياط بأن شدده غير مضطر لتتكمل له عدة حروف الأصول ، وهي الثلاثة ، وسمعه أبو نواس فتلاه فقال للفضل بن الربيع :


هل لك والهل خير     فيمن إذا غبت حضر

ويقال : كل حرف أداة إذا جعلت فيه ألفا ولاما صار اسما فقوي وثقل ، كقوله :


إن ليتا وإن لوا عناء

قال الخليل : إذا جاءت الحروف اللينة في كلمة نحو لو وأشباهها ثقلت ; لأن الحرف اللين خوار أجوف لا بد له من حشو يقوى به إذا جعل اسما ، قال : والحروف الصحاح القوية مستغنية بجروسها لا تحتاج إلى حشو فتترك على حالها ، والذي حكاه الجوهري في حكاية أبي الدقيش عن الخليل قال : قلت لأبي الدقيش هل لك في ثريدة كأن ودكها عيون الضياون ؟ فقال : أشد الهل ; قال ابن بري : قال ابن حمزة روى أهل الضبط عن الخليل أنه قال لأبي الدقيش أو غيره هل لك في تمر وزبد ؟ فقال : أشد الهل وأوحاه ، وفي رواية أنه قال له : هل لك في الرطب ؟ قال : أسرع هل وأوحاه ; وأنشد :


هل لك والهل خير     في ماجد ثبت الغدر

وقال شبيب بن عمرو الطائي :


هل لك أن تدخل في جهنم     قلت لها لا والجليل الأعظم


ما لي من هل ولا تكلم

[ ص: 87 ] قال ابن سلامة : سألت سيبويه عن قوله - عز وجل - : فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس ; على أي شيء نصب ؟ قال : إذا كان معنى إلا لكن نصب ، وقال الفراء في قراءة أبي ( فهلا ) ، وفي مصحفنا ( فلولا ) ، قال : ومعناها أنهم لم يؤمنوا ثم استثنى قوم يونس بالنصب على الانقطاع مما قبله كأن قوم يونس كانوا منقطعين من قوم غيره ; وقال الفراء أيضا : لولا إذا كانت مع الأسماء فهي شرط ، وإذا كانت مع الأفعال فهي بمعنى هلا ، لوم على ما مضى ، وتحضيض على ما يأتي . وقال الزجاج في قوله تعالى : لولا أخرتني إلى أجل قريب ، معناه هلا . وهل قد تكون بمعنى ما ; قالت ابنة الحمارس :


هل هي إلا حظة أو تطليق     أو صلف من بين ذاك تعليق

أي ما هي ، ولهذا أدخلت لها إلا . وحكي عن الكسائي أنه قال : هل زلت تقوله بمعنى ما زلت تقوله ، قال : فيستعملون هل بمعنى ما . ويقال : متى زلت تقول ذلك ، وكيف زلت ; وأنشد :


وهل زلتم تأوي العشيرة فيكم     وتنبت في أكناف أبلج خضرم

وقوله :


وإن شفائي عبرة مهراقة فهل     عند رسم دارس من معول

قال ابن جني : هذا ظاهره استفهام لنفسه ومعناه التحضيض لها على البكاء كما تقول : أحسنت إلي فهل أشكرك ، أي فلأشكرنك ، وقد زرتني فهل أكافئنك . أي فلأكافئنك . وقوله : هل أتى على الإنسان ، قال أبو عبيدة : معناه قد أتى قال ابن جني : يمكن عندي أن تكون مبقاة في هذا الموضع على ما بها من الاستفهام فكأنه قال ، والله أعلم : وهل أتى على الإنسان هذا فلا بد في جوابهم من نعم ملفوظا بها أو مقدرة ، أي فكما أن ذلك كذلك ، فينبغي للإنسان أن يحتقر نفسه ولا يباهي بما فتح له ، وكما تقول لمن تريد الاحتجاج عليه : بالله هل سألتني فأعطيتك ، أم هل زرتني فأكرمتك ، أي فكما أن ذلك كذلك فيجب أن تعرف حقي عليك وإحساني إليك ; قال الزجاج : إذا جعلنا معنى هل أتى قد أتى ، فهو بمعنى ألم يأت على الإنسان حين من الدهر ; قال ابن جني : وروينا عن قطرب عن أبي عبيدة أنهم يقولون : ألفعلت ، يريدون هل فعلت . الأزهري : ابن السكيت إذا قيل هل لك في كذا وكذا ؟ قلت : لي فيه ، وإن لي فيه ، وما لي فيه ، ولا تقل إن لي فيه هلا ، والتأويل : هل لك فيه حاجة فحذفت الحاجة لما عرف المعنى ، وحذف الراد ذكر الحاجة كما حذفها السائل . وقال الليث : هل حقيقة استفهام . تقول : هل كان كذا وكذا ، وهل لك في كذا وكذا ; قال : وقول زهير :


أهل أنت واصله اضطرار

لأن هل حرف استفهام ، وكذلك الألف ولا يستفهم بحرفي استفهام . ابن سيده : هلا كلمة تحضيض مركبة من هل ولا . وبنو هلال : قبيلة من العرب . وهلال : حي من هوازن . والهلال : الماء القليل في أسفل الركي . والهلال : السنان الذي له شعبتان يصاد به الوحش .

التالي السابق


الخدمات العلمية