صفحة جزء
[ هوم ]

هوم : الهوم والتهوم والتهويم : النوم الخفيف ; قال الفرزدق يصف صائدا :


عاري الأشاجع مشفوه أخو قنص ما تطعم العين نوما غير تهويم

وهوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس ، وهوم القوم وتهوموا كذلك ، وقد هومنا . أبو عبيد : إذا كان النوم قليلا فهو التهويم . وفي حديث رقيقة : فبينا أنا نائمة أو مهومة ; التهويم : أول النوم ، وهو دون النوم الشديد . والهامة : رأس كل شيء من الروحانيين ; عن الليث ; قال الأزهري : أراد الليث بالروحانيين ذوي الأجسام القائمة بما جعل الله فيها من الأرواح ; وقال ابن شميل : الروحانيون هم الملائكة والجن التي ليس لها أجسام ترى ، قال : وهذا القول هو الصحيح عندنا . الجوهري : الهامة الرأس ، والجمع هام ، وقيل : الهامة ما بين حرفي الرأس ، وقيل : هي وسط الرأس ومعظمه من كل شيء ، وقيل : من ذوات الأرواح خاصة . أبو زيد : الهامة أعلى الرأس ، وفيه الناصية والقصة ، وهما ما أقبل على الجبهة من شعر الرأس ، وفيه المفرق ، وهو فرق الرأس بين الجبينين إلى الدائرة ، وكانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لم يدرك بثأره تصير هامة فتزقو عند قبره ، تقول : [ ص: 112 ] اسقوني اسقوني ! فإذا أدرك بثأره طارت ; وهذا المعنى أراد جرير بقوله :


ومنا الذي أبكى صدي بن مالك     ونفر طيرا عن جعادة وقعا

يقول : قتل قاتله فنفرت الطير عن قبره . وأزقيت هامة فلان إذا قتلته ; قال :


فإن تك هامة بهراة تزقو     فقد أزقيت بالمروين هاما

وكانوا يقولون : إن القتيل تخرج هامة من هامته فلا تزال تقول اسقوني اسقوني حتى يقتل قاتله ; ومنه قول ذي الإصبع :


يا عمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتي     أضربك حتى تقول الهامة اسقوني

يريد أقتلك . ويقال : هذا هامة اليوم أو غد ، أي يموت اليوم أو غدا ; قال كثير :


وكل خليل رانئ فهو قائل     من اجلك هذا هامة اليوم أو غد

وفي الحديث : وتركت المطي هاما ; قيل : هو جمع هامة من عظام الميت التي تصير هامة ، أو هو جمع هائم وهو الذاهب على وجهه ، يريد أن الإبل من قلة المرعى ماتت من الجدب أو ذهبت على وجهها . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا عدو ولا هامة ولا صفر ; الهامة : الرأس ، واسم طائر ، وهو المراد في الحديث ; وقيل : هي البومة . أبو عبيدة : أما الهامة فإن العرب كانت تقول إن عظام الموتى ، وقيل أرواحهم ، تصير هامة فتطير ، وقيل : كانوا يسمون ذلك الطائر الذي يخرج من هامة الميت الصدى ، فنفاه الإسلام ونهاهم عنه ; ذكره الهروي وغيره في الهاء والواو ، وذكره الجوهري في الهاء والياء ; وأنشد أبو عبيدة :


سلط الموت والمنون عليهم     فلهم في صدى المقابر هام

وقال لبيد :


فليس الناس بعدك في نقير     ولا هم غير أصداء وهام

ابن الأعرابي : معنى قوله : لا هامة ولا صفر ; كانوا يتشاءمون بهما ، معناه لا تتشاءموا . ويقال : أصبح فلان هامة إذا مات . وبنات الهام : مخ الدماغ ; قال الراعي :


يزيل بنات الهام عن سكناتها     وما يلقه من ساعد فهو طائح

والهامة : تميم ، تشبيها بذلك ; عن ابن الأعرابي . وهامة القوم : سيدهم ورئيسهم ; وأنشد ابن بري للطرماح :


ونحن أجازت بالأقيصر هامنا     طهية يوم الفارعين بلا عقد

وقال ذو الرمة :


لنا الهامة الكبرى التي كل هامة     وإن عظمت منها أذل وأصغر

وفي حديث أبي بكر والنسابة : أمن هامها أم من لهازمها ؟ أي من أشرافها أنت أو من أوساطها ؟ فشبه الأشراف بالهام ، وهو جمع هامة الرأس . والهامة : جماعة الناس ، والجمع من كل ذلك هام ; قال جريبة بن أشيم :


ولقل لي مما جعلت مطية     في الهام أركبها إذا ما ركبوا

يعني بذلك البلية ، وهي الناقة تعقل عند قبر صاحبها حتى تبلى ، وكان أهل الجاهلية يزعمون أن صاحبها يركبها يوم القيامة ولا يمشي إلى المحشر . والهامة من طير الليل : طائر صغير يألف المقابر ، وقيل : هو الصدى ، والجمع هام ; قال ذو الرمة :


قد أعسف النازح المجهول معسفه     في ظل أخضر يدعو هامه البوم

ابن سيده : والهامة طائر يخرج من رأس الميت إذا بلي ، والجمع أيضا هام . ويقال : إنما أنت من الهام . ويقال للفرس هامة ، بتخفيف الميم ، وأنكرها ابن السكيت ، وقال : إنما هي الهامة ، بالتشديد . ابن الأثير في الحديث : اجتنبوا هوم الأرض ، فإنها مأوى الهوام ; قال : هكذا جاء في رواية والمشهور هزم الأرض ، بالزاي ، وقد تقدم ; وقال الخطابي : لست أدري ما هوم الأرض ، وقال غيره : هوم الأرض بطن منها في بعض اللغات . والهامة : موضع من دون مصر - حماها الله تعالى - قال :


مارسن رمل الهامة الدهاسا

وهامة : اسم حائط بالمدينة ; أنشد أبو حنيفة :


من الغلب من عضدان هامة شربت     لسقي وجمت للنواضح بئرها

الهوماة : الفلاة ، وبعضهم يقول الهومة والهوماة ، وذكر ابن الأثير في هذه الترجمة قال : وفي حديث صفوان : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر إذ ناداه أعرابي بصوت جهوري : يا محمد ، فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من صوته : هاؤم ، بمعنى تعال ، وبمعنى خذ ، ويقال للجماعة كقوله - عز وجل - : هاؤم اقرءوا كتابيه ، وإنما رفع صوته من طريق الشفقة عليه ، لئلا يحبط عمله ، من قوله - عز وجل - : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ; فعذره بجهله ورفع النبي - صلى الله عليه وسلم - صوته حتى كان مثل صوته أو فوقه لفرط رأفته به ، ولا أعدمنا رأفته ورحمته يوم ضرورتنا إلى شفاعته وفاقتنا إلى رحمته ، إنه رءوف رحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية