صفحة جزء
[ هون ]

هون : الهون : الخزي . وفي التنزيل العزيز : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون ; أي ذي الخزي . والهون ، بالضم : الهوان . والهون والهوان : نقيض العز ، هان يهون هوانا ، وهو هين وأهون . وفي التنزيل العزيز : وهو أهون عليه ; أي كل ذلك هين على الله ، وليست للمفاضلة لأنه ليس شيء أيسر عليه من غيره ، وقيل : الهاء هنا راجعة إلى الإنسان ، ومعناه أن البعث أهون على الإنسان من إنشائه ; لأنه يقاسي في النشء ما لا يقاسيه في الإعادة والبعث ، ومثل ذلك قول الشاعر :


لعمرك ما أدري وإني لأوجل على أينا تعدو المنية أول

وأهانه وهونه واستهان به وتهاون به : استخف به ، والاسم الهوان والمهانة . ورجل فيه مهانة أي ذل وضعف . قال ابن بري : المهانة من [ ص: 113 ] الهوان ، مفعلة منه ، وميمها زائدة . والمهانة من الحقارة : فعالة مصدر مهن مهانة إذا كان حقيرا . وفي الحديث : ليس بالجافي ولا المهين ; يروى بفتح الميم وضمها ، فالفتح من المهانة ، وقد تقدم في مهن ، والضم من الإهانة الاستخفاف بالشيء والاستحقار ، والاسم الهوان ، وهذا موضعه . واستهان به وتهاون به : استحقره ; وقوله :


ولا تهين الفقير علك أن     تركع يوما والدهر قد رفعه

أراد : لا تهينن ، فحذف النون الخفيفة لما استقبلها ساكن .

والهون : مصدر هان عليه الشيء أي خف . وهونه الله عليه أي سهله وخففه . وشيء هين على فيعل أي سهل ، وهين ، مخفف ، والجمع أهوناء كما قالوا شيء وأشيئاء ، على أفعلاء ; قال ابن بري : أشيئاء لم تنطق بها العرب ، وإنما نطقت بأشياء ، فقال بعضهم : أصله أشيئاء ، فحذفت الهمزة تخفيفا ، وقال الخليل : أصله شيئاء ، على فعلاء ثم قدمت الهمزة التي هي لام فصارت أشياء ، ووزنها الآن لفعاء ; وقال بعضهم : الهون والهون واحد ، وقيل : الهون الهوان والهون الرفق ; وأنشد :


مررت على الوديعة ذات يوم     تهادى في رداء المرط هونا

وقال امرؤ القيس :


تميل عليه هونة غير معطال

قال : هونة ضعيفة من خلقتها لا تكون غليظة كأنها رجل ، وروى غيره : هونة أي مطاوعة ; وقال جندل الطهوي :


داويتهم من زمن إلى زمن     دواء بقيا بالرقى وبالهون
وبالهوينا دائبا فلم أون بالهون

، يريد : بالتسكين والصلح . ابن الأعرابي : هين بين الهون . ابن شميل : إنه ليهون علي هونا وهوانا . الفراء في قوله تعالى : أيمسكه على هون ; قال : الهون في لغة قريش الهوان ، قال : وبعض بني تميم يجعل الهون مصدرا للشيء الهين ، قال : وقال الكسائي : سمعت العرب تقول إن كنت لقليل هون المئونة مذ اليوم ، قال : وقد سمعت الهوان في مثل هذا المعنى ; قال رجل من العرب لبعير له . ما به بأس غير هوانه ، يقول : إنه خفيف الثمن . وإذا قالت العرب : أقبل يمشي على هونه ، لم يقولوه إلا ، بالفتح ; قال الله - عز وجل - : الذين يمشون على الأرض هونا ; قال عكرمة ومجاهد : بالسكينة والوقار ; وقال الكميت :


شم مهاوين أبدان الجزور مخا     ميص العشيات لا خور ولا قزم

قال ابن سيده : يجوز أن يكون مهاوين جمع مهون . ومذهب سيبويه أنه جمع مهوان . ورجل هين وهين . والجمع أهوناء ، وشيء هون : حقير . قال ابن بري : الهون هوان الشيء الحقير الهين الذي لا كرامة له . وتقول : أهنت فلانا وتهاونت به واستهنت به . والهون الهوان والشدة . أصابه هون شديد أي شدة ومضرة وعوز ; قالت الخنساء :


تهين النفوس وهون النفوس

تريد : إهانة النفوس . ابن بري : الهون ، بالضم ، الهوان ; قال ذو الإصبع :


اذهب إليك فما أمي براعية     ترعى المخاض ولا أغضي على الهون

ويقال : إنه لهون من الخيل ، والأنثى هونة ، إذا كان مطواعا سلسا . والهون والهوينا : التؤدة والرفق والسكينة والوقار . رجل هين وهين ، والجمع هينون ; ومنه : قوم هينون لينون ; قال ابن سيده : وتسليمه يشهد أنه فيعل . وفلان يمشي على الأرض هونا ; الهون : مصدر الهين في معنى السكينة والوقار . قال ابن بري : الهون الرفق ; قال الشاعر :


هونكما لا يرد الدهر ما فاتا     لا تهلكا أسفا في إثر من ماتا

وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : يمشي هونا ; الهون : الرفق واللين والتثبت . وفي رواية : كان يمشي الهوينا ، تصغير الهونى ، تأنيث الأهون ، وهو من الأول ، وفرق بعضهم بين الهين والهين ، فقال : الهين من الهوان ، والهين من اللين . وامرأة هونة وهونة ; الأخيرة عن أبي عبيدة : متئدة ; أنشد ثعلب :


تنوء بمتنيها الروابي وهونة     على الأرض جماء العظام لعوب

وتكلم على هينته أي رسله . وفي الحديث : أنه سار على هينته أي عادته في السكون والرفق . يقال : امش على هينتك ، أي على رسلك . وجاء عن علي - عليه السلام - : أحبب حبيبك هونا ما ، أي حبا مقتصدا لا إفراط فيه ، وإضافة ما إليه تفيد التقليل ، يعني لا تسرف في الحب والبغض ، فعسى أن يصير الحبيب بغيضا ، والبغيض حبيبا ، فلا تكون قد أسرفت في الحب فتندم ، ولا في البغض فتستحيي . وتقول : تكلم على هينتك . ورجل هين لين وهين لين . شمر : الهون الرفق والدعة . وقال في تفسير حديث علي - عليه السلام - : يقول لا تفرط في حبه ولا في بغضه . ويقال : أخذ أمره بالهونى ، تأنيث الأهون ، وأخذ فيه بالهوينا ، وإنك لتعمد للهوينا من أمرك لأهونه ، وإنه ليأخذ في أمره بالهون أي بالأهون . ابن الأعرابي : العرب تمدح بالهين اللين ، مخفف وتذم بالهين اللين ، مثقل . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : المسلمون هينون لينون ، جعله مدحا لهم . وقال غير ابن الأعرابي : هين وهين ، ولين ولين بمعنى واحد ، والأصل هين ، فخفف فقيل هين ، وهين فيعل من الهون ، وهو السكينة والوقار والسهولة ، وعينه واو . وشيء هين وهين أي سهل . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : النساء ثلاث : فهينة ، لينة ، عفيفة . وفي النوادر : هن عندي اليوم ، واخفض عندي اليوم ، وأرح عندي ، وارفه عندي ، واسترفه عندي ، ورفه عندي ، وأنفه عندي ، واستنفه عندي ; وتفسيره أقم عندي ، واسترح ، واستجم ، هن من الهون ، وهو الرفق والدعة والسكون . وأهون : اسم يوم الاثنين في الجاهلية ; قال بعض شعراء الجاهلية :


أؤمل أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار
[ ص: 114 ] أو التالي دبار أم فيومي     بمؤنس أو عروبة أو شيار

قال ابن بري : ويقال ليوم الاثنين أيضا أوهد من الوهدة ، وهي الانحطاط لانخفاض العدد من الأول إلى الثاني . والأهون : اسم رجل . وما أدري أي الهون هو أي أي الخلق . قال ابن سيده : والزاي أعلى . والهون : أبو قبيلة ، وهو الهون بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر أخو القارة . وقال أبو طالب : الهون والهون جميعا ابن خزيمة بن مدركة بن ذات القارة أتيغ بن الهون بن خزيمة ، سموا قارة لأن هرير بن الحارث قال لغوث بن كعب حين أراد أن يفرق بين أتيغ : دعنا قارة واحدة ، فمن يومئذ سموا قارة ; ابن الكلبي : أراد يعمر الشداخ أن يفرق بطون الهون في بطون كنانة ، فقال رجل من الهون :


دعونا قارة لا تنفرونا     فنجفل مثلما جفل الظليم

المفضل الضبي : القارة بنو الهون . والهاون والهاون والهاوون ، فارسي معرب : هذا الذي يدق فيه ; قيل : كان أصله هاوون ; لأن جمعه هواوين ، مثل قانون وقوانين ، فحذفوا منه الواو الثانية استثقالا وفتحوا الأولى ، لأنه ليس في كلامهم فاعل ، بضم العين . والمهوئن : الوطيء من الأرض نحو الهجل والغائط والوادي ، وجمعه مهوئنات .

التالي السابق


الخدمات العلمية