صفحة جزء
[ هوا ]

هوا : الهواء ، ممدود : الجو ما بين السماء والأرض ، والجمع الأهوية ، وأهل الأهواء واحدها هوى ، وكل فارغ هواء . والهواء : الجبان لأنه لا قلب له ، فكأنه فارغ ، الواحد والجمع في ذلك سواء . وقلب هواء : فارغ ، وكذلك الجمع . وفي التنزيل العزيز : وأفئدتهم هواء ، يقال فيه : إنه لا عقول لهم . أبو الهيثم : وأفئدتهم هواء قال : كأنهم لا يعقلون من هول يوم القيامة ، وقال الزجاج : وأفئدتهم هواء أي : منحرفة لا تعي شيئا من الخوف ، وقيل : نزعت أفئدتهم من أجوافهم ; قال حسان :


ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء

والهواء والخواء واحد ، والهواء : كل فرجة بين شيئين كما بين أسفل البيت إلى أعلاه وأسفل البئر إلى أعلاها . ويقال : هوى صدره يهوي هواء إذا خلا ; قال جرير :


ومجاشع قصب هوت أجوافه     لو ينفخون من الخئورة طاروا

أي : هم بمنزلة قصب جوفه هواء أي : خال لا فؤاد لهم كالهواء الذي بين السماء والأرض ; وقال زهير :


كأن الرحل منها فوق صعل     من الظلمان جؤجؤه هواء

وقال الجوهري : كل خال هواء ; قال ابن بري : قال كعب الأمثال :


ولا تك من أخدان كل يراعة     هواء كسقب البان جوف مكاسره

قال : ومثله قوله - عز وجل - : وأفئدتهم هواء ; وفي حديث عاتكة :


فهن هواء والحلوم عوازب

أي : بعيدة خالية العقول من قوله تعالى : وأفئدتهم هواء . والمهواة والهوة والأهوية والهاوية : كالهواء . الأزهري : المهواة موضع في الهواء مشرف ما دونه من جبل وغيره . ويقال : هوى يهوي هويانا ، ورأيتهم يتهاوون في المهواة إذا سقط بعضهم في إثر بعض . الجوهري : [ ص: 115 ] والمهوى والمهواة ما بين الجبلين ونحو ذلك . وتهاوى القوم من المهواة إذا سقط بعضهم في إثر بعض . وهوت الطعنة تهوي : فتحت فاها بالدم ; قال أبو النجم :


فاختاض أخرى فهوت رجوحا     للشق يهوي جرحها مفتوحا

وقال ذو الرمة :


طويناهما حتى إذا ما أنيختا     مناخا هوى بين الكلى والكراكر

أي : خلا وانفتح من الضمر . وهوى وأهوى وانهوى : سقط ; قال يزيد بن الحكم الثقفي :


وكم منزل لولاي طحت كما هوى     بأجرامه من قلة النيق منهوي

وهوت العقاب تهوي هويا إذا انقضت على صيد أو غيره ما لم ترغه ، فإذا أراغته قيل : أهوت له إهواء ; قال زهير :


أهوى لها أسفع الخدين مطرق     ريش القوادم لم ينصب له الشبك

والإهواء : التناول باليد والضرب ، والإراغة : أن يذهب الصيد هكذا وهكذا ، والعقاب تتبعه : ابن سيده : والإهواء والاهتواء الضرب باليد والتناول . وهوت يدي للشيء وأهوت : امتدت وارتفعت . وقال ابن الأعرابي : هوى إليه من بعد ، وأهوى إليه من قرب ، وأهويت له بالسيف وغيره ، وأهويت بالشيء إذا أومأت به ، وأهوى إليه بيده ليأخذه . وفي الحديث : فأهوى بيده إليه أي : مدها نحوه وأمالها إليه . يقال : أهوى يده وبيده إلى الشيء ليأخذه . قال ابن بري : الأصمعي ينكر أن يأتي أهوى بمعنى هوى ، وقد أجازه غيره ، وأنشد لزهير :


أهوى لها أسفع الخدين مطرق

وكان الأصمعي يرويه : هوى لها ; وقال زهير أيضا :


أهوى لها فانتحت كالطير حانية     ثم استمر عليها وهو مختضع

وقال ابن أحمر :


أهوى لها مشقصا حشرا فشبرقها     وكنت أدعو قذاها الإثمد القردا

وأهوى إليه بسهم واهتوى إليه به . والهاوي من الحروف واحد : وهو الألف ، سمي بذلك لشدة امتداده وسعة مخرجه . وهوت الريح هويا : هبت ; قال :


كأن دلوي في هوي ريح

وهوى ، بالفتح ، يهوي هويا وهويا وهويانا وانهوى : سقط من فوق إلى أسفل ، وأهواه هو يقال : أهويته إذا ألقيته من فوق . وقوله - عز وجل - : والمؤتفكة أهوى يعني : مدائن قوم لوط أي : أسقطها فهوت أي : سقطت . وهوى السهم هويا : سقط من علو إلى سفل . وهوى هويا وهى ، وكذلك الهوي في السير إذا مضى . ابن الأعرابي : الهوي السريع إلى فوق ، وقال أبو زيد مثله ، وأنشد :


والدلو في إصعادها عجلى الهوي

وقال ابن بري : ذكر الرياشي عن أبي زيد أن الهوي ، بفتح الهاء إلى أسفل ، وبضمها إلى فوق ; وأنشد : عجلى الهوي ; وأنشد :


هوي الدلو أسلمها الرشاء

فهذا إلى أسفل ; وأنشد لمعقر بن حمار البارقي :


هوى زهدم تحت الغبار لحاجب     كما انقض باز أقتم الريش كاسر

وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : كأنما يهوي من صبب أي : ينحط ، وذلك مشية القوي من الرجال . يقال : هوى يهوي هويا ، بالفتح ، إذا هبط ، وهوى يهوي هويا ، بالضم ، إذا صعد ، وقيل : بالعكس ، وهوى يهوي هويا إذا أسرع في السير . وفي حديث البراق : ثم انطلق يهوي أي : يسرع . والمهاواة : الملاجة . والمهاواة : شدة السير . وهاوى : سار سيرا شديدا ; قال ذو الرمة :


فلم تستطع مي مهاواتنا السرى     ولا ليل عيس في البرين خواضع

وفي التهذيب :


ولا ليل عيس في البرين سوام

وأنشد ابن بري لأبي صخرة :


إياك في أمرك والمهاواه     وكثرة التسويف والمماناه

الليث : العامة تقول : الهوي في مصدر هوى يهوي في المهواة هويا . قال : فأما الهوي الملي فالحين الطويل من الزمان ، تقول : جلست عنده هويا . والهوي : الساعة الممتدة من الليل . ومضى هوي من الليل ، على فعيل أي : هزيع منه . وفي الحديث : كنت أسمعه الهوي من الليل ; الهوي ، بالفتح : الحين الطويل من الزمان ، وقيل : هو مختص بالليل . ابن سيده : مضى هوي من الليل وهوي وتهواء أي : ساعة منه . ويقال : هوت الناقة والأتان وغيرهما تهوي هويا ، فهي هاوية إذا عدت عدوا شديدا أرفع العدو ، كأنه في هواء بئر تهوي فيها ، وأنشد :


فشد بها الأماعز وهي تهوي     هوي الدلو أسلمها الرشاء

والهوى ، مقصور : هوى النفس ، وإذا أضفته إليك قلت : هواي . قال ابن بري : وجاء هوى النفس ممدودا في الشعر ; قال :


وهان على أسماء إن شطت النوى     نحن إليها والهواء يتوق

ابن سيده : الهوى العشق ، يكون في مداخل الخير والشر . والهوي : المهوي ; قال أبو ذؤيب :


فهن عكوف كنوح الكري     م قد شف أكبادهن الهوي

أي : فقد المهوي . وهوى النفس : إرادتها ، والجمع الأهواء . التهذيب : قال اللغويون : الهوى محبة الإنسان الشيء وغلبته على قلبه ; قال الله - عز وجل - : ونهى النفس عن الهوى ; معناه : نهاها عن شهواتها وما تدعو إليه من معاصي الله - عز وجل - الليث : الهوى مقصور هوى الضمير ، تقول : هوي ، بالكسر ، يهوى هوى أي : أحب . ورجل هو : ذو هوى مخامره . وامرأة هوية : لا تزال تهوى على تقدير فعلة ، [ ص: 116 ] فإذا بني منه فعلة بجزم العين تقول : هية مثل طية . وفي حديث بيع الخيار : يأخذ كل واحد من البيع ما هوي أي : ما أحب ، ومتى تكلم بالهوى مطلقا لم يكن إلا مذموما حتى ينعت بما يخرج معناه كقولهم : هوى حسن وهوى موافق للصواب ; وقول أبي ذؤيب :


سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم     فتخرموا ولكل جنب مصرع

قال ابن حبيب : قال : هوي لغة هذيل ، وكذلك تقول : قفي وعصي ، قال الأصمعي : أي ماتوا قبلي ولم يلبثوا لهواي وكنت أحب أن أموت قبلهم ، وأعنقوا لهواهم : جعلهم كأنهم هووا الذهاب إلى المنية لسرعتهم إليها ، وهم لم يهووها في الحقيقة ، وأثبت سيبويه الهوى لله - عز وجل - فقال : فإذا فعل ذلك فقد تقرب إلى الله بهواه وهذا الشيء أهوى إلي من كذا أي : أحب إلي ; قال أبو صخر الهذلي :


ولليلة منها تعود لنا     في غير ما رفث ولا إثم
أهوى إلى نفسي ولو نزحت     مما ملكت ومن بني سهم

وقوله - عز وجل - : فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات ; فيمن قرأ به إنما عداه بإلى لأن فيه معنى تميل ، والقراءة المعروفة : تهوي إليهم ، أي : ترتفع ، والجمع أهواء ; وقد هويه هوى ، فهو هو ; وقال الفراء : معنى الآية يقول : اجعل أفئدة من الناس تريدهم ، كما تقول : رأيت فلانا يهوي نحوك ، معناه : يريدك ، قال : وقرأ بعض الناس : ( تهوى إليهم ) ، بمعنى تهواهم ، كما قال : ردف لكم وردفكم ; الأخفش : تهوى إليهم زعموا أنه في التفسير تهواهم ; الفراء : تهوي إليهم ، أي : تسرع . والهوى أيضا : المهوي ; قال أبو ذؤيب :


زجرت لها طير السنيح فإن تكن     هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها

واستهوته الشياطين : ذهبت بهواه وعقله . وفي التنزيل العزيز : كالذي استهوته الشياطين ; وقيل : استهوته : استهامته وحيرته ، وقيل : زينت الشياطين له هواه حيران في حال حيرته . ويقال للمستهام الذي استهامته الجن : استهوته الشياطين . القتيبي : استهوته الشياطين : هوت به وأذهبته ، جعله من هوى يهوي ، وجعله الزجاج من هوي يهوى أي : زينت له الشياطين هواه . وهوى الرجل : مات ; قال النابغة :


وقال الشامتون هوى زياد     لكل منية سبب متين

قال : وتقول : أهوى فأخذ ; معناه : أهوى إليه يده ، وتقول : أهوى إليه بيده . وهاوية والهاوية : اسم من أسماء جهنم ، وهي معرفة بغير ألف ولام . وقوله - عز وجل - : فأمه هاوية ; أي : مسكنه جهنم ومستقره النار ، وقيل : إن الذي له بدل ما يسكن إليه نار حامية . الفراء في قوله : فأمه هاوية قال بعضهم : هذا دعاء عليه كما تقول : هوت أمه على قول العرب ; وأنشد قول كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه :


هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا     وماذا يؤدي الليل حين يئوب

ومعنى هوت أمه أي : هلكت أمه . وتقول : هوت أمه فهي هاوية أي : ثاكلة . وقال بعضهم : أمه هاوية صارت هاوية مأواه ، كما تئوي المرأة ابنها ، فجعلها إذ لا مأوى له غيرها أما له ، وقيل : معنى قوله : فأمه هاوية أم رأسه تهوي في النار ; قال ابن بري : لو كانت هاوية اسما علما للنار لم ينصرف في الآية . والهاوية : كل مهواة لا يدرك قعرها ; وقال عمرو بن ملقط الطائي :


يا عمرو لو نالتك أرماحنا     كنت كمن تهوي به الهاويه

وقالوا : إذا أجدب الناس أتى الهاوي والعاوي ، فالهاوي : الجراد ، والعاوي : الذئب . وقال ابن الأعرابي : إنما هو الغاوي ، بالغين المعجمة ، والهاوي ، فالغاوي : الجراد ، والهاوي : الذئب لأن الذئاب تأتي إلى الخصب . ابن الأعرابي : إذا أخصب الزمان جاء الغاوي والهاوي ; قال : الغاوي الجراد وهو الغوغاء ، والهاوي الذئاب لأن الذئاب تهوي إلى الخصب . قال : وقال : إذا جاءت السنة جاء معها أعوانها ، يعني : الجراد والذئاب والأمراض . ويقال : سمعت لأذني هويا أي : دويا ، وقد هوت أذنه تهوي . الكسائي : هاوأت الرجل وهاويه ، في باب ما يهمز وما لا يهمز ، ودارأته وداريته . والهواهي : الباطل واللغو من القول ، وقد ذكر أيضا في موضعه ; قال ابن أحمر :


أفي كل يوم يدعوان أطبة إلي وما يجدون إلا الهواهيا

قال ابن بري : صوابه الهواهي الأباطيل ، لأن الهواهي جمع هوهاءة من قوله : هوهاءة اللب أخرق ، وإنما خففه ابن أحمر ضرورة ; وقياسه هواهي كما قال الأعشى :


ألا من مبلغ الفتيا     ن أنا في هواهي
وإمساء وإصباح     وأمر غير مقضي

قال : وقد يقال : رجل هواهية إلا أنه ليس من هذا الباب . والهوهاءة ، بالمد : الأحمق . وفي النوادر : فلان هوة أي : أحمق لا يمسك شيئا في صدره . وهو من الأرض : جانب منها . والهوة : كل وهدة عميقة ; وأنشد :

كأنه في هوة تقحذما قال : وجمع الهوة هوى . ابن سيده : الهوة : ما انهبط من الأرض ، وقيل : الوهدة الغامضة من الأرض . وحكى ثعلب : اللهم أعذنا من هوة الكفر ودواعي النفاق ، قال : ضربه مثلا للكفر ، والأهوية على أفعولة مثلها . أبو بكر : يقال : وقع في هوة أي : في بئر مغطاة ; وأنشد :


إنك لو أعطيت أرجاء هوة     مغمسة لا يستبان ترابها
بثوبك في الظلماء ثم دعوتني     لجئت إليها سادما لا أهابها

النضر : الهوة ، بفتح الهاء ، الكوة ; حكاها عن أبي الهذيل ، قال : والهوة والمهواة بين جبلين . ابن الفرج : سمعت خليفة يقول للبيت : كواء كثيرة وهواء كثيرة ، الواحدة : كوة وهوة ، وأما النضر فإنه زعم أن جمع الهوة بمعنى الكوة هوى مثل قرية وقرى ; الأزهري في قول الشماخ :


ولما رأيت الأمر عرش هوية     تسليت حاجات الفؤاد بشمرا

قال : هوية تصغير هوة ، وقيل : الهوية : بئر بعيدة المهواة ، وعرشها سقفها المغمى عليها بالتراب فيغتر به واطئه فيقع فيها ويهلك ، أراد لما رأيت الأمر مشرفا بي على هلكة طوي طي سقف [ ص: 117 ] هوة مغماة تركته ومضيت وتسليت عن حاجتي من ذلك الأمر ، وشمر : اسم ناقة أي : ركبتها ومضيت . ابن شميل : الهوة : ذاهبة في الأرض بعيدة القعر مثل الدحل غير أن له ألجافا ، والجماعة الهو ، ورأسها مثل رأس الدحل . الأصمعي : هوة وهوى . والهوة : البئر قال أبو عمرو ، وقيل : الهوة : الحفرة البعيدة القعر ، وهي المهواة . ابن الأعرابي : الرواية عرش هوية ، أراد أهوية ، فلما سقطت الهمزة ردت الضمة إلى الهاء ، المعنى : لما رأيت الأمر مشرفا على الفوت مضيت ولم أقم . وفي الحديث : إذا عرستم فاجتنبوا هوي الأرض ; هكذا جاء في رواية ، وهي جمع هوة ، وهي الحفرة ، والمطمئن من الأرض ، ويقال لها : المهواة أيضا . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - ووصفت أباها قالت : وامتاح من المهواة ، أرادت البئر العميقة أي : أنه تحمل ما لم يتحمل غيره . الأزهري : أهوى اسم ماء لبني حمان ، واسمه السبيلة ، أتاهم الراعي فمنعوه الورد فقال :


إن على أهوى لألأم حاضر     حسبا وأقبح مجلس ألوانا
قبح الإله ولا أحاشي غيرهم     أهل السبيلة من بني حمانا

وأهوى ، وسوقة أهوى ، ودارة أهوى : موضع أو مواضع ، والهاء حرف هجاء ، وهي مذكورة في موضعها من باب الألف اللينة .

التالي السابق


الخدمات العلمية