صفحة جزء
[ هيب ]

هيب : الهيبة : المهابة ، وهي الإجلال والمخافة . ابن سيده : الهيبة التقية من كل شيء . هابه يهابه هيبا ومهابة ، والأمر منه هب ، بفتح الهاء ; لأن أصله هاب ، سقطت الألف لاجتماع الساكنين ، وإذا أخبرت عن نفسك قلت : هبت ، وأصله هيبت ، بكسر الياء ، فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين ونقلت كسرتها إلى ما قبلها ، فقس عليه ; وهذا الشيء مهيبة لك . وهيبت إليه الشيء إذا جعلته مهيبا عنده . ورجل هائب ، وهيوب ، وهياب ، وهيابة ، وهيوبة ، وهيب ، وهيبان ، وهيبان ; قال ثعلب : الهيبان الذي يهاب ، فإذا كان ذلك كان الهيبان في معنى المفعول ، وكذلك الهيوب قد يكون الهائب ، وقد يكون المهيب . الصحاح : رجل مهيب أي يهابه الناس ، وكذلك رجل مهوب ، ومكان مهوب بني على قولهم : هوب الرجل ، لما نقل من الياء إلى الواو ، فيما لم يسم فاعله ; أنشد [ ص: 118 ] الكسائي لحميد بن ثور :


ويأوي إلى زغب مساكين دونهم فلا لا تخطاه الرفاق مهوب

قال ابن بري : صواب إنشاده : وتأوي بالتاء ، لأنه يصف قطاة ; وقبله :


فجاءت ومسقاها الذي وردت به     إلى الزور مشدود الوثاق كتيب

والكتيب : من الكتب ، وهو الخرز ; والمشهور في شعره :


تعيث به زغبا مساكين دونهم     ومكان مهاب أي مهوب

; قال أمية بن أبي عائذ الهذلي :


ألا يا لقوم لطيف الخيال     أرق من نازح ذي دلال
أجاز إلينا على بعده     مهاوي خرق مهاب مهال

قال ابن بري : والبيت الأول من أبيات كتاب سيبويه ، أتى به شاهدا على فتح اللام الأولى ، وكسر الثانية ، فرقا بين المستغاث به والمستغاث من أجله . والطيف : ما يطيف بالإنسان في المنام من خيال محبوبته . والنازح : البعيد . وأرق : منع النوم . وأجاز : قطع ، والفاعل المضمر فيه يعود على الخيال . ومهاب : موضع هيبة . ومهال : موضع هول . والمهاوي : جمع مهوى ومهواة ، لما بين الجبلين ونحوهما . والخرق : الفلاة الواسعة . والهيبان : الجبان . والهيوب : الجبان الذي يهاب الناس . ورجل هيوب : جبان يهاب من كل شيء . وفي حديث عبيد بن عمير : الإيمان هيوب ، أي يهاب أهله ، فعول بمعنى مفعول ، فالناس يهابون أهل الإيمان ; لأنهم يهابون الله ويخافونه ; وقيل : هو فعول بمعنى فاعل ، أي إن المؤمن يهاب الذنوب والمعاصي فيتقيها ; قال الأزهري : فيه وجهان : أحدهما أن المؤمن يهاب الذنب فيتقيه ، والآخر : المؤمن هيوب أي مهيوب ; لأنه يهاب الله تعالى ، فيهابه الناس حتى يوقروه ; ومنه قول الشاعر :


لم يهب حرمة النديم

أي لم يعظمها . يقال : هب الناس يهابوك أي وقرهم يوقروك . يقال : هاب الشيء يهابه إذا خافه ، وإذا وقره ، وإذا عظمه . واهتاب الشيء كهابه ، قال :


ومرقب تسكن العقبان قلته     أشرفته مسفرا والشمس مهتابه

ويقال : تهيبني الشيء بمعنى تهيبته أنا . قال ابن سيده : تهيبت الشيء وتهيبني : خفته وخوفني ; قال ابن مقبل :


وما تهيبني الموماة أركبها     إذا تجاوبت الأصداء بالسحر

قال ثعلب : أي لا أتهيبها أنا ، فنقل الفعل إليها . وقال الجرمي : لا تهيبني الموماة أي لا تملأني مهابة . والهيبان : زبد أفواه الإبل . والهيبان : التراب ; وأنشد :


أكل يوم شعر مستحدث     نحن إذا في الهيبان نبحث

والهيبان : الراعي ; عن السيرافي . والهيبان : الكثير من كل شيء . والهيبان : المنتفش الخفيف ; قال ذو الرمة :


تمج اللغام الهيبان كأنه جنى     عشر تنفيه أشداقها الهدل

وقيل : الهيبان ، هنا ، الخفيف النحز . وأورد الأزهري هذا البيت مستشهدا به على إزباد مشافر الإبل ، فقال : قال ذو الرمة يصف إبلا وإزبادها مشافرها . وجنى العشر يخرج مثل رمانة صغيرة ، فتنشق عن مثل القز ، فشبه لغامها به ، والبوادي يجعلونه حراقا يوقدون به النار . وهاب هاب : من زجر الإبل . وأهاب بالإبل : دعاها . وأهاب بصاحبه : دعاه ، وأصله في الإبل . وفي حديث الدعاء : وقويتني على ما أهبت بي إليه من طاعتك . يقال : أهبت بالرجل إذا دعوته إليك ; ومنه حديث ابن الزبير في بناء الكعبة : وأهاب الناس إلى بطحه ، أي دعاهم إلى تسويته . وأهاب الراعي بغنمه أي صاح بها لتقف أو لترجع . وأهاب بالبعير ; وقال طرفة بن العبد :


تريع إلى صوت المهيب وتتقي     بذي خصل روعات أكلف ملبد

تريع : ترجع وتعود . وتتقي بذي خصل : أراد بذنب ذي خصل . وروعات : فزعات . والأكلف : الفحل الذي يشوب حمرته سواد . والملبد : الذي يخطر بذنبه ، فيتلبد البول على وركيه . وهاب : زجر للخيل . وهبي : مثله ، أي أقدمي وأقبلي ، وهلا أي قربي ; قال الكميت :


نعلمها هبي وهلا وأرحب

والهاب : زجر الإبل عند السوق ; يقال : هاب هاب ، وقد أهاب بها الرجل ; قال الأعشى :


ويكثر فيها هبي واضرحي     ومرسون خيل وأعطالها

وأما الإهابة فالصوت بالإبل ودعاؤها ، قال ذلك الأصمعي وغيره ومنه ; قول ابن أحمر :


إخالها سمعت عزفا فتحسبه     إهابة القسر ليلا حين تنتشر

وقسر : اسم راعي إبل ابن أحمر قائل هذا الشعر . قال الأزهري : وسمعت عقيليا يقول لأمة كانت ترعى روائد خيل ، فجفلت في يوم عاصف ، فقال لها : ألا وأهيبي بها ، ترع إليك ; فجعل دعاء الخيل إهابة أيضا . قال : وأما هاب ، فلم أسمعه إلا في الخيل دون الإبل ; وأنشد بعضهم :


والزجر هاب وهلا ترهبه



التالي السابق


الخدمات العلمية