صفحة جزء
ودع

ودع : الودع والودع والودعات : مناقيف صغار تخرج من البحر تزين بها العثاكيل وهي خرز بيض جوف في بطونها شق كشق النواة ، تتفاوت في الصغر والكبر ، وقيل : هي جوف في جوفها دويبة كالحلمة ; قال عقيل بن علفة :


ولا ألقي لذي الودعات سوطي لأخدعه وغرته أريد



قال ابن بري : صواب إنشاده :


ألاعبه وزلته أريد



واحدتها ودعة وودعة . وودع الصبي : وضع في عنقه الودع . وودع الكلب : قلده الودع ; قال :


يودع بالأمراس كل عملس     من المطعمات اللحم غير الشواحن



أي يقلدها ودع الأمراس . وذو الودع : الصبي ; لأنه يقلدها ما دام صغيرا ; قال جميل :


ألم تعلمي يا أم ذي الودع أنني     أضاحك ذكراكم وأنت صلود ؟



ويروى : أهش لذكراكم ; ومنه الحديث : من تعلق ودعة لا ودع الله له ، وإنما نهى عنها ؛ لأنهم كانوا يعلقونها مخافة العين ، وقوله : لا ودع الله له أي لا جعله في دعة وسكون ، وهو لفظ مبني من الودعة ، أي لا خفف الله عنه ما يخافه . وهو يمردني الودع ويمرثني أي يخدعني كما يخدع الصبي بالودع فيخلى يمرثها . ويقال للأحمق : هو يمرد الودع ، يشبه بالصبي ; قال الشاعر :


والحلم حلم صبي يمرث الودعه



قال ابن بري : أنشد الأصمعي هذا البيت في الأصمعيات لرجل من تميم بكماله :


السن من جلفزيز عوزم خلق     والعقل عقل صبي يمرس الودعه



قال : وتقول خرج زيد فودع أباه وابنه وكلبه وفرسه ودرعه أي ودع أباه عند سفره من التوديع ، وودع ابنه : جعل الودع في عنقه ، وكلبه : قلده الودع ، وفرسه : رفهه ، وهو فرس مودع ومودوع ، على غير قياس ، ودرعه ، والشيء : صانه في صوانه . والدعة والتدعة على البدل : الخفض في العيش والراحة ، والهاء عوض من الواو . والوديع : الرجل الهادئ الساكن ذو التدعة . ويقال ذو وداعة ، ودع يودع دعة ووداعة ، زاد ابن بري : وودعه ، فهو وديع ووادع أي ساكن ; وأنشد شمر قول عبيد الراعي :


ثناء تشرق الأحساب منه     به تتودع الحسب المصونا



أي تقيه وتصونه ، وقيل أي تقره على صونه وادعا . ويقال : ودع الرجل يدع إذا صار إلى الدعة والسكون ; ومنه قول سويد بن كراع :


أرق العين خيال لم     يدع لسليمى ففؤادي منتزع



أي لم يبق ولم يقر . ويقال : نال فلان المكارم وادعا أي من غير أن يتكلف فيها مشقة . وتودع واتدع تدعة وتدعة وودعه : رفهه ، والاسم المودوع . ورجل متدع أي صاحب دعة وراحة ، فأما قول خفاف بن ندبة :


إذا ما استحمت أرضه من سمائه [ ص: 179 ]     جرى وهو مودوع وواعد مصدق



فكأنه مفعول من الدعة ، أي أنه ينال متدعا من الجري متروكا لا يضرب ولا يزجر ما يسبق به ، وبيت خفاف بن ندبة هذا أورده الجوهري وفسره فقال أي متروك لا يضرب ولا يزجر ; قال ابن بري : مودوع هاهنا من الدعة التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أنه جرى ولم يجهد كما أوردناه ، وقال ابن بزرج : فرس وديع ومودوع ومودع ; وقال ذو الإصبع العدواني :


أقصر من قيده وأودعه     حتى إذا السرب ريع أو فزعا



والدعة : من وقار الرجل الوديع . وقولهم : عليك بالمودوع أي بالسكينة والوقار ، فإن قلت : فإنه لفظ مفعول ولا فعل له إذ لم يقولوا ودعته في هذا المعنى ; قيل : قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حكي من قولهم رجل مفئود للجبان ، ومدرهم للكثير الدرهم ، ولم يقولوا فئد ولا درهم . وقالوا : أسعده الله ، فهو مسعود ، ولا يقال سعد إلا في لغة شاذة . وإذا أمرت الرجل بالسكينة والوقار قلت له : تودع واتدع ; قال الأزهري : وعليك بالمودوع من غير أن تجعل له فعلا ولا فاعلا مثل المعسور والميسور ، قال الجوهري : وقولهم عليك بالمودوع أي بالسكينة والوقار ، قال : لا يقال منه ودعه كما لا يقال من المعسور والميسور عسره ويسره . وودع الشيء يدع واتدع ، كلاهما : سكن ; وعليه أنشد بعضهم بيت الفرزدق :


وعض زمان يا ابن مروان     لم يدع من المال إلا مسحت أو مجلف



فمعنى لم يدع لم يتدع ولم يثبت ، والجملة بعد زمان في موضع جر لكونها صفة له ، والعائد منها إليه محذوف للعلم بموضعه ، والتقدير فيه لم يدع فيه أو لأجله من المال إلا مسحت أو مجلف ، فيرتفع مسحت بفعله ومجلف عطف عليه ، وقيل : معنى قوله : لم يدع لم يبق ولم يقر ، وقيل : لم يستقر ; وأنشده سلمة إلا مسحتا أو مجلف ، أي لم يترك من المال إلا شيئا مستأصلا هالكا أو مجلف كذلك ، ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره ، قال : وهو كقولك ضربت زيدا وعمرو ، تريد وعمرو مضروب ، فلما لم يظهر له الفعل رفع ; وأنشد ابن بري لسويد بن أبي كاهل :


أرق العين خيال لم يدع     من سليمى ففؤادي منتزع



أي لم يستقر . وأودع الثوب وودعه : صانه . قال الأزهري : والتوديع أن تودع ثوبا في صوان لا يصل إليه غبار ولا ريح . وودعت الثوب بالثوب وأنا أدعه ، مخفف . وقال أبو زيد : الميدع كل ثوب جعلته ميدعا لثوب جديد تودعه به أي تصونه به . ويقال : ميداعة ، وجمع الميدع موادع ، وأصله الواو ، لأنك ودعت به ثوبك أي رفهته به ; قال ذو الرمة :


هي الشمس إشراقا إذا ما تزينت     وشبه النقا مقترة في الموادع



وقال الأصمعي : الميدع الثوب الذي تبتذله وتودع به ثياب الحقوق ليوم الحفل ، وإنما يتخذ الميدع ليودع به المصون . وتودع فلان فلانا إذا ابتذله في حاجته . وتودع ثياب صونه إذا ابتذلها . وفي الحديث : صلى معه عبد الله بن أنيس وعليه ثوب متمزق فلما انصرف دعا له بثوب فقال : تودعه بخلقك هذا أي تصونه به ، يريد البس هذا الذي دفعته إليك في أوقات الاحتفال والتزين . والتوديع : أن يجعل ثوبا وقاية ثوب آخر . والميدع والميدعة والميداعة : ما ودعه به . وثوب ميدع : صفة ; قال الضبي :


أقدمه قدام نفسي وأتقي به     الموت إن الصوف للخز ميدع



وقد يضاف . والميدع أيضا : الثوب الذي تبتذله المرأة في بيتها . يقال : هذا مبذل المرأة وميدعها ، وميدعتها : التي تودع بها ثيابها . ويقال للثوب الذي يبتذل : مبذل وميدع ومعوز ومفضل . والميدع والميدعة : الثوب الخلق ; قال شمر أنشد ابن أبي عدنان :


في الكف مني مجلات     أربع مبتذلات ما لهن ميدع



قال : ما لهن ميدع أي ما لهن من يكفيهن العمل فيدعهن أي يصونهن عن العمل . وكلام ميدع إذا كان يحزن ، وذلك إذا كان كلاما يحتشم منه ولا يستحسن . والميداعة : الرجل الذي يحب الدعة ; عن الفراء . وفي الحديث : إذا لم ينكر الناس المنكر فقد تودع منهم أي أهملوا وتركوا وما يرتكبون من المعاصي حتى يكثروا منها ، ولم يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله ، وأصله من التوديع وهو الترك ، قال : وهو من المجاز لأن المعتني بإصلاح شأن الرجل إذا يئس من صلاحه تركه واستراح من معاناة النصب معه ، ويجوز أن يكون من قولهم تودعت الشيء أي صنته في ميدع ، يعني قد صاروا بحيث يتحفظ منهم ويتصون كما يتوقى شرار الناس . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : إذا مشت هذه الأمة السميهاء فقد تودع منها . ومنه الحديث : اركبوا هذه الدواب سالمة وايتدعوها سالمة أي اتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها ، وهو افتعل من ودع ، بالضم ، وداعة ودعة أي سكن وترفه . وايتدع فهو متدع أي صاحب دعة ، أو من ودع إذا ترك ، يقال اتدع وايتدع على القلب والإدغام والإظهار . وقولهم : دع هذا أي اتركه ، وودعه يدعه : تركه ، وهي شاذة ، وكلام العرب : دعني وذرني ويدع ويذر ، ولا يقولون ودعتك ولا وذرتك ، استغنوا عنهما بتركتك والمصدر فيهما تركا ، ولا يقال ودعا ولا وذرا ; وحكاهما بعضهم ولا وادع ، وقد جاء في بيت أنشده الفارسي في البصريات :


فأيهما ما أتبعن فإنني     حزين على ترك الذي أنا وادع



قال ابن بري : وقد جاء وادع في شعر معن بن أوس :


عليه شريب لين وادع     العصا يساجلها حماته وتساجله



وفي التنزيل : ما ودعك ربك وما قلى ; أي لم يقطع الله الوحي عنك ولا أبغضك ، وذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - استأخر الوحي عنه فقال ناس من الناس : إن محمدا قد ودعه ربه وقلاه ، فأنزل الله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى ، المعنى وما قلاك ، وسائر القراء قرءوه : ودعك ، [ ص: 180 ] بالتشديد ، وقرأ عروة بن الزبير : ( ما ودعك ربك ) ، بالتخفيف ، والمعنى فيهما واحد ، أي ما تركك ربك ; قال :


وكان ما قدموا لأنفسهم     أكثر نفعا من الذي ودعوا



وقال ابن جني : إنما هذا على الضرورة ; لأن الشاعر إذا اضطر جاز له أن ينطق بما ينتجه القياس ، وإن لم يرد به سماع ; وأنشد قول أبي الأسود الدؤلي :


ليت شعري عن خليلي ما     الذي غاله في الحب حتى ودعه



وعليه قرأ بعضهم : ما ودعك ربك وما قلى ; لأن الترك ضرب من القلى ، قال : فهذا أحسن من أن يعل باب استحوذ واستنوق الجمل لأن استعمال ودع مراجعة أصل ، وإعلال استحوذ واستنوق ونحوهما من المصحح ترك أصل ، وبين مراجعة الأصول وتركها ما لا خفاء به ; وهذا البيت روى الأزهري عن ابن أخي الأصمعي : أن عمه أنشده لأنس بن زنيم الليثي :


ليت شعري عن أميري     ما الذي غاله في الحب حتى ودعه
لا يكن برقك برقا خلبا     إن خير البرق ما الغيث معه



قال ابن بري : وقد روي البيتان للمذكورين ; وقال الليث : العرب لا تقول ودعته فأنا وادع أي تركته ، ولكن يقولون في الغابر يدع ، وفي الأمر دعه ، وفي النهي لا تدعه ; وأنشد :


أكثر نفعا من الذي ودعوا



يعني تركوا . وفي حديث ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات ، أو ليختمن على قلوبهم أي عن تركهم إياها والتخلف عنها من ودع الشيء يدعه ودعا إذا تركه ، وزعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدر يدع ويذر واستغنوا عنه بترك ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أفصح العرب ، وقد رويت عنه هذه الكلمة ; قال ابن الأثير : وإنما يحمل قولهم على قلة استعماله فهو شاذ في الاستعمال صحيح في القياس ، وقد جاء في غير حديث حتى قرئ به قوله تعالى : ما ودعك ربك وما قلى ، بالتخفيف ; وأنشد ابن برى

[ لأبي الأسود الدؤلي ] :


سل أميري ما الذي غيره     عن وصالي اليوم حتى ودعه



وأنشد لسويد بن أبي كاهل :


فسعى مسعاته في قومه     ثم لم يدرك ولا عجزا ودع



وقالوا : لم يدع ولم يذر شاذ ، والأعرف لم يودع ولم يوذر ، وهو القياس . والوداع ، بالفتح : الترك . وقد ودعه ووادعه وودعه ووادعه دعاء له من ذلك ; قال :


فهاج جوى في القلب ضمنه     الهوى ببينونة ينأى بها من يوادع



وقيل في قول ابن مفرغ :


دعيني من اللوم بعض الدعه



أي اتركيني بعض الترك . وقال ابن هانئ في المرربه الذي يتصنع في الأمر ولا يعتمد منه على ثقة : دعني من هند فلا جديدها ودعت ، ولا خلقها رقعت . وفي حديث الخرص : إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث ، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع ; قال الخطابي : ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يترك لهم من عرض المال توسعة عليهم ; لأنه إن أخذ الحق منهم مستوفى أضر بهم ، فإنه يكون منها الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس ، وكان عمر - رضي الله عنه - يأمر الخراص بذلك . وقال بعض العلماء : لا يترك لهم شيء شائع في جملة النخل بل يفرد لهم نخلات معدودة قد علم مقدار ثمرها بالخرص ، وقيل : معناه أنهم إذا لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا حقه ويتركوا الباقي إلى أن يجف ويؤخذ حقه ، لا أنه يترك لهم بلا عوض ولا إخراج ; ومنه الحديث : دع داعي اللبن أي اترك منه في الضرع شيئا يستنزل اللبن ولا تستقص حلبه . والوداع : توديع الناس بعضهم بعضا في المسير . وتوديع المسافر أهله إذا أراد سفرا : تخليفه إياهم خافضين وادعين ، وهم يودعونه إذا سافر تفاؤلا بالدعة التي يصير إليها إذا قفل . ويقال ودعت ، بالتخفيف ، فودع ; وأنشد ابن الأعرابي :


وسرت المطية مودوعة     تضحي رويدا وتمسي زريقا



وهو من قولهم فرس وديع ومودوع ومودع . وتودع القوم وتوادعوا : ودع بعضهم بعضا . والتوديع عند الرحيل ، والاسم الوداع ، بالفتح . قال شمر : والتوديع يكون للحي والميت ; وأنشد بيت لبيد :


فودع بالسلام أبا حريز     وقل وداع أربد بالسلام



وقال القطامي :


قفي قبل التفرق يا ضباعا     ولا يك موقف منك الوداعا



أراد ولا يك موقف الوداع ، وليكن موقف غبطة وإقامة ; لأن موقف الوداع يكون للفراق ويكون منغصا بما يتلوه من التباريح والشوق . قال الأزهري : والتوديع ، وإن كان أصله تخليف المسافر أهله وذويه وادعين ، فإن العرب تضعه موضع التحية والسلام ; لأنه إذا خلف دعا لهم بالسلامة والبقاء ودعوا بمثل ذلك ; ألا ترى أن لبيدا قال في أخيه وقد مات :


فودع بالسلام أبا حريز



أراد الدعاء له بالسلام بعد موته ، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودعه توديع الحي إذا سافر ، وجائز أن يكون التوديع تركه إياه في الخفض والدعة . وفي نوادر الأعراب : تودع مني أي سلم علي . قال الأزهري : فمعنى تودع منهم أي سلم عليهم للتوديع ; وأنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته :


قاظت أثال إلى الملا وتربعت     بالحزن عازبة تسن وتودع



قال : تودع أي تودع تسن أي تصقل بالرعي . يقال : سن إبله إذا أحسن القيام عليها وصقلها ، وكذلك صقل فرسه إذا أراد أن يبلغ [ ص: 181 ] من ضمره ما يبلغ الصيقل من السيف ، وهذا مثل ; وروى شمر عن محارب : ودعت فلانا من وادع السلام . وودعت فلانا أي هجرته . والوداع : القلى . والموادعة والتوادع : شبه المصالحة والتصالح . والوديع : العهد . وفي حديث طهفة : قال - عليه السلام - : لكم يا بني نهد ودائع الشرك ووضائع المال ، ودائع الشرك أي العهود والمواثيق ، يقال : أعطيته وديعا أي عهدا . قال ابن الأثير : وقيل يحتمل أن يريدوا بها ما كانوا استودعوه من أموال الكفار الذين لم يدخلوا في الإسلام ، أراد إخلالها لهم ؛ لأنها مال كافر قدر عليه من غير عهد ولا شرط ، ويدل عليه قوله في الحديث : ما لم يكن عهد ولا موعد . وفي الحديث : أنه وادع بني فلان أي صالحهم وسالمهم على ترك الحرب والأذى ، وحقيقة الموادعة المتاركة أي يدع كل واحد منهما ما هو فيه ; ومنه الحديث : وكان كعب القرظي موادعا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي حديث الطعام : غير مكفور ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ربنا أي غير متروك الطاعة ، وقيل : هو من الوداع وإليه يرجع . وتوادع القوم : أعطى بعضهم بعضا عهدا ، وكله من المصالحة ; حكاه الهروي في الغريبين . وقال الأزهري : توادع الفريقان إذا أعطى كل منهم الآخرين عهدا أن لا يغزوهم ; تقول : وادعت العدو إذا هادنته موادعة ، وهي الهدنة والموادعة . وناقة مودعة : لا تركب ولا تحلب . وتوديع الفحل : اقتناؤه للفحلة . واستودعه مالا وأودعه إياه : دفعه إليه ليكون عنده وديعة . وأودعه : قبل منه الوديعة ; جاء به الكسائي في باب الأضداد ; قال الشاعر :


استودع العلم قرطاس فضيعه     فبئس مستودع العلم القراطيس



وقال أبو حاتم : لا أعرف أودعته قبلت وديعته ، وأنكره شمر ، إلا أنه حكى عن بعضهم استودعني فلان بعيرا فأبيت أن أودعه أي أقبله ; قال الأزهري : قاله ابن شميل في كتاب المنطق والكسائي لا يحكي عن العرب شيئا إلا قد ضبطه وحفظه . ويقال : أودعت الرجل مالا واستودعته مالا ; وأنشد :


يا ابن أبي ويا بني أميه     أودعتك الله الذي هو حسبيه



، وأنشد ابن الأعرابي :


حتى إذا ضرب القسوس     عصاهم ودنا من المتنسكين ركوع
أودعتنا أشياء واستودعتنا     أشياء ليس يضيعهن مضيع



وأنشد أيضا :


إن سرك الري قبيل الناس     فودع الغرب بوهم شاس



ودع الغرب أي اجعله وديعة لهذا الجمل أي ألزمه الغرب . والوديعة : واحدة الودائع ، وهي ما استودع . وقوله تعالى : فمستقر ومستودع ; المستودع ما في الأرحام ، واستعاره علي - رضي الله عنه - للحكمة والحجة ، فقال : بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم ; وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : فمستقر ، بكسر القاف ، وقرأ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح ، وكلهم قال : فمستقر في الرحم ، ومستودع في صلب الأب ، روي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد والضحاك . وقال الزجاج : فلكم في الأرحام مستقر ولكم في الأصلاب مستودع ، ومن قرأ فمستقر ، بالكسر ، فمعناه فمنكم مستقر في الأحياء ومنكم مستودع في الثرى . وقال ابن مسعود في قوله : ويعلم مستقرها ومستودعها أي مستقرها في الأرحام ومستودعها في الأرض . وقال قتادة في قوله - عز وجل - : ودع أذاهم وتوكل على الله ; يقول : اصبر على أذاهم . وقال مجاهد : ودع أذاهم ؛ أي أعرض عنهم ، وفي شعر العباس يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - :


من قبلها طبت في الظلال     وفي مستودع حيث يخصف الورق



المستودع : المكان الذي تجعل فيه الوديعة ، يقال : استودعته وديعة إذا استحفظته إياها ، وأراد به الموضع الذي كان به آدم وحواء من الجنة ، وقيل : أراد به الرحم . وطائر أودع : تحت حنكه بياض . والودع والودع : اليربوع ، والأودع أيضا من أسماء اليربوع . والودع : الغرض يرمى فيه . والودع : وثن . وذات الودع : وثن أيضا . وذات الودع : سفينة نوح - عليه السلام - كانت العرب تقسم بها فتقول : بذات الودع ; قال عدي بن زيد العبادي :


كلا يمينا بذات الودع لو     حدثت فيكم وقابل قبر الماجد الزارا



يريد سفينة نوح - عليه السلام - يحلف بها ، ويعني بالماجد النعمان بن المنذر ، والزار أراد الزارة بالجزيرة ، وكان النعمان مرض هنالك . وقال أبو نصر : ذات الودع مكة لأنها كان يعلق عليها في ستورها الودع ; ويقال : أراد بذات الودع الأوثان . أبو عمرو : الوديع المقبرة . والودع ، بسكون الدال : حائر يحاط عليه حائط يدفن فيه القوم موتاهم ; حكاه ابن الأعرابي عن المسروحي ; وأنشد :


لعمري لقد أوفى ابن عوف عشية     على ظهر ودع أتقن الرصف صانعه
وفي الودع لو يدري ابن عوف عشية     غنى الدهر أو حتف لمن هو طالعه



قال المسروحي : سمعت رجلا من بني رويبة بن قصيبة بن نصر بن سعد بن بكر يقول : أوفى رجل منا على ظهر ودع بالجمهورة ، وهي حرة لبني سعد بن بكر ، قال : فسمعت قائلا يقول ما أنشدناه ، قال : فخرج ذلك الرجل حتى أتى قريشا فأخبر بها رجلا من قريش فأرسل معه بضعة عشر رجلا ، فقال : احفروه واقرءوه القرآن عنده واقلعوه ، فأتوه فقلعوا منه فمات ستة منهم أو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فزعا ، فأخبروا صاحبهم فكفوا عنه ، قال : ولم يعد له بعد ذلك أحد ; كل ذلك حكاه ابن الأعرابي عن المسروحي ، وجمع الودع ودوع ; عن المسروحي أيضا . والوداع : واد بمكة ، وثنية الوداع منسوبة إليه . ولما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح استقبله إماء مكة يصفقن ويقلن :

[ ص: 182 ]

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع     وجب الشكر علينا ما دعا لله داع



وودعان : اسم موضع ; وأنشد الليث :


ببيض ودعان بساط سي



ووادعة : قبيلة إما أن تكون من همدان ، وإما أن تكون همدان منها ، ومودوع : اسم فرس هرم بن ضمضم المري ، وكان هرم قتل في حرب داحس ; وفيه تقول نائحته :


يا لهف نفسي لهف المفجوع     أن لا أرى هرما على مودوع



التالي السابق


الخدمات العلمية