صفحة جزء
[ تمم ]

تمم : تم الشيء يتم تما وتما وتمامة وتماما وتمامة وتماما وتماما وتمة ، وأتمه غيره وتممه واستتمه بمعنى ، وتممه الله تتميما وتتمة ، وتمام الشيء وتمامته وتتمته : ما تم به . قال الفارسي : تمام الشيء ما تم به ، بالفتح لا غير ، يحكيه عن أبي زيد . وأتم الشيء وتم به يتم : جعله تاما ، وأنشد ابن الأعرابي :


إن قلت يوما نعم بدءا ، فتم بها فإن إمضاءها صنف من الكرم .



وفي الحديث : " أعوذ بكلمات الله التامات " ، قال ابن الأثير : إنما وصف كلامه بالتمام ؛ لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص أو عيب كما يكون في كلام الناس ، وقيل : معنى التمام ههنا أنها تنفع المتعوذ بها وتحفظه من الآفات وتكفيه . وفي حديث دعاء الأذان : " اللهم رب هذه الدعوة التامة " ، وصفها بالتمام لأنها ذكر الله ويدعى بها إلى عبادته ، وذلك هو الذي يستحق صفة الكمال والتمام . وتتمة كل شيء : ما يكون تمام غايته كقولك : هذه الدراهم تمام هذه المائة وتتمة هذه المائة . والتم : الشيء التام ، وقوله - عز وجل - : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ; قال الفراء : يريد فعمل بهن ، والكلمات عشر من السنة : خمس في الرأس ، وخمس في الجسد ، فالتي في الرأس : الفرق وقص الشارب والمضمضة والاستنشاق والسواك ، وأما التي في الجسد : فالختانة ، وحلق العانة ، وتقليم الأظفار ، ونتف الرفغين ، والاستنجاء بالماء . ويقال : تم إلى كذا وكذا أي : بلغه ، قال العجاج :


لما دعوا يال تميم تموا     إلى المعالي ، وبهن سموا .



وفي حديث معاوية : إن تممت على ما تريد ، قال ابن الأثير : هكذا روي مخففا وهي بمعنى المشدد . يقال : تم على الأمر وتمم عليه ، بإظهار الإدغام ، أي : استمر عليه . وقوله في الحديث : تتامت إليه قريش ، أي : أجابته وجاءته متوافرة متتابعة . وقوله - عز وجل - : وأتموا الحج والعمرة لله ، قيل : إتمامهما تأدية كل ما فيهما من الوقوف والطواف وغير ذلك . وولد فلان لتمام ولتمام ، بالكسر . وليل التمام ، بالكسر لا غير ، أطول ما يكون من ليالي الشتاء ، ويقال : هي ثلاث ليال لا يستبان زيادتها من نقصانها ، وقيل : هي إذا بلغت اثنتي عشرة ساعة فما زاد ، قال امرؤ القيس :


فبت أكابد ليل التما     م ، والقلب من خشية مقشعر .



وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم الليلة التمام فيقرأ سورة البقرة وآل عمران وسورة النساء ولا يمر بآية إلا دعا الله فيها ، قال ابن شميل : ليل التمام أطول ما يكون من الليل ، ويكون لكل نجم هوي من الليل يطلع فيه حتى تطلع كلها فيه ، فهذا ليل التمام . ويقال : سافرنا شهرنا ليل التمام لا نعرسه ، وهذه ليالي التمام ، أي : شهرا في ذلك الزمان . الأصمعي : ليل التمام في الشتاء أطول ما يكون من الليل ; قال : ويطول ليل التمام حتى تطلع فيه النجوم كلها ، وهي ليلة ميلاد عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - والنصارى تعظمها وتقوم فيها . حكي عن أبي عمرو الشيباني أنه قال : ليل تمام إذا كان الليل ثلاث عشرة ساعة إلى خمس عشرة ساعة . ويقال لليلة أربع عشرة وهي الليلة التي يتم فيها القمر ليلة التمام ، بفتح التاء . وقال أبو عمرو : ليل التمام ستة أشهر : ثلاثة أشهر حين يزيد على ثنتي عشرة ساعة ، وثلاثة أشهر حين يرجع ; قال : وسمعت ابن الأعرابي يقول : كل ليلة طالت عليك فلم تنم فيها فهي ليلة التمام أو هي كليلة التمام . ويقال : ليل تمام وليل تمام ، على الإضافة ، وليل التمام وليل تمامي أيضا ، وقال الفرزدق :


تماميا ، كأن شآميات     رجحن بجانبيه من الغئور .



وقال ابن شميل : ليلة السواء ليلة ثلاث عشرة وفيها يستوي القمر ، وهي ليلة التمام . وليلة تمام القمر ، هذا بفتح التاء ، والأول ، بالكسر . ويقال : رئي الهلال لتم الشهر ، وولدت المرأة لتم وتمام وتمام إذا ألقته وقد تم خلقه . وحكى ابن بري عن الأصمعي : ولدته للتمام ، بالألف واللام ، قال : ولا يجيء نكرة إلا في الشعر . وأتمت المرأة وهي متم : دنا ولادها . وأتمت الحبلى ، فهي متم إذا تمت أيام حملها . وفي حديث أسماء : خرجت وأنا متم ، يقال : امرأة متم للحامل إذا [ ص: 239 ] شارفت الوضع ، وولد المولود لتمام وتمام . وأتمت الناقة ، وهي متم : دنا نتاجها . وأتم النبت : اكتهل . وأتم القمر : امتلأ فبهر ، وهو بدر تمام وتمام وبدر تمام . قال ابن دريد : ولد الغلام لتم وتمام وبدر تمام وكل شيء بعد هذا فهو تمام ، بالفتح . غيره : وقمر تمام وتمام إذا تم ليلة البدر . وفي التنزيل العزيز : ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ; قال الزجاج : يجوز أن يكون تماما على المحسن ، أراد تماما من الله على المحسنين ، ويجوز تماما على الذي أحسنه موسى من طاعة الله واتباع أمره ، ويجوز تماما على الذي هو أحسن الأشياء ، وتماما منصوب مفعول له ، وكذلك وتفصيلا لكل شيء ، المعنى : آتيناه لهذه العلة أي : للتمام والتفصيل ; قال : والقراءة على الذي أحسن ، بفتح النون ; قال : ويجوز أحسن على إضمار الذي هو أحسن ، وأجاز القراء أن يكون أحسن في موضع خفض ، وأن يكون من صفة الذي ، وهو خطأ عند البصريين لأنهم لا يعرفون الذي إلا موصولة ولا توصف إلا بعد تمام صلتها . والمستتم في شعر أبي دواد : هو الذي يطلب الصوف والوبر ليتم به نسج كسائه ، والموهوب تمة ، قال ابن بري : صوابه عن أبي زيد ، والجمع تمم ، بالكسر ، وهو الجزة من الصوف أو الشعر أو الوبر ، وبيت أبي دواد هو قوله :


فهي كالبيض ، في الأداحي ، لا يو     هب منها لمستتم عصام .



أي : هذه الإبل كالبيض في الصيانة ، وقيل : في الملاسة لا يوهب منها لمستتم أي : لا يوجد فيها ما يوهب لأنها قد سمنت وألقت أوبارها ; قال : والمستتم الذي يطلب التمة ، والعصام : خيط القربة . والمتتمم : المتكسر ، قال الشاعر :


إذا ما رآها رؤية هيض قلبه     بها ، كانهياض المتعب المتتمم .



وتمم على الجريح : أجهز . وتم على الشيء : أكمله ، قال الأعشى :


فتم على معشوقة لا يزيدها     إليه ، بلاء السوء ، إلا تحببا .



قال ابن سيده : وقول أبي ذؤيب :


فبات بجمع ثم ثاب إلى منى     فأصبح رأدا يبتغي المزج بالسحل .



قال : أراه يعني بتم : أكمل حجه . واستتم النعمة : سأل إتمامها . وجعله تما أي : تماما . وجعلته لك تما أي : بتمامه . وتمم الكسر فتمم وتتمم : انصدع ولم يبن ، وقيل : إذا انصدع ثم بان . وقالوا : أبى قائلها إلا تما وتما وتما ، ثلاث لغات ، أي : تماما ، ومضى على قوله ولم يرجع عنه ، والكسر أفصح ، قال الراعي :


حتى وردن لتم خمس بائص     جدا ، تعاوره الرياح وبيلا .



بائص : بعيد شاق ، ووبيلا : وخيما . والتميم : الطويل ; وأنشد بيت العجاج :


لما دعوا يال تميم تموا .



والتميم : التام الخلق . والتميم : الشاد الشديد . والتميم : الصلب ; قال :


وصلب تميم يبهر اللبد جوزه     إذا ما تمطى في الحزام تبطرا .



أي : يضيق عنه اللبد لتمامه ، وقيل : التميم التام الخلق الشديده من الناس والخيل . وفي حديث سليمان بن يسار : الجذع التام التم يجزئ ، قال ابن الأثير : يقال تم وتم بمعنى التام ، ويروى الجذع التام التمم ، فالتام الذي استوفى الوقت الذي يسمى فيه جذعا وبلغ أن يسمى ثنيا ، والتمم التام الخلق ، ومثله خلق عمم . والتميم : العوذ ، واحدتها تميمة . قال أبو منصور : أراد الخرز الذي يتخذ عوذا . والتميمة : خرزة رقطاء تنظم في السير ثم يعقد في العنق ، وهي التمائم والتميم ، عن ابن جني ، وقيل : هي قلادة يجعل فيها سيور وعوذ ، وحكي عن ثعلب : تممت المولود علقت عليه التمائم . والتميمة : عوذة تعلق على الإنسان ، قال ابن بري : ومنه قول سلمة بن الخرشب :


تعوذ بالرقى من غير خبل     وتعقد في قلائدها التميم .



قال : والتميم جمع تميمة ، وقال رفاع بن قيس الأسدي :


بلاد بها نيطت علي تمائمي     وأول أرض مس جلدي ترابها .



وفي حديث ابن عمرو : ما أبالي ما أتيت إن تعلقت تميمة . وفي الحديث : " من علق تميمة فلا أتم الله له " ، ويقال : هي خرزة كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء ; قال : وأما المعاذات إذا كتب فيها القرآن وأسماء الله تعالى فلا بأس بها . والتميمة : قلادة من سيور ، وربما جعلت العوذة التي تعلق في أعناق الصبيان . وفي حديث ابن مسعود : التمائم والرقى والتولة من الشرك . قال أبو منصور : التمائم واحدتها تميمة ، وهي خرزات كان الأعراب يعلقونها على أولادهم ينفون بها النفس والعين بزعمهم ، فأبطله الإسلام ، وإياها أراد الهذلي بقوله :


وإذا المنية أنشبت أظفارها     ألفيت كل تميمة لا تنفع .



وقال آخر :


إذا مات لم تفلح مزينة بعده     فنوطي عليه يا مزين ، التمائما .



وجعلها ابن مسعود من الشرك لأنهم جعلوها واقية من المقادير والموت ، وأرادوا دفع ذلك بها وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه ، فكأنهم جعلوا له شريكا فيما قدر وكتب من آجال العباد والأعراض التي تصيبهم ، ولا دافع لما قضى ولا شريك له - تعالى وتقدس - فيما قدر . قال أبو منصور : ومن جعل التمائم سيورا فغير مصيب ، وأما قول الفرزدق :


وكيف يضل العنبري ببلدة [ ص: 240 ]     بها قطعت عنه سيور التمائم ؟



فإنه أضاف السيور إلى التمائم لأن التمائم خرز تثقب ويجعل فيها سيور وخيوط تعلق بها . قال : ولم أر بين الأعراب خلافا أن التميمة هي الخرزة نفسها ، وعلى هذا مذهب قول الأئمة ، وقول طفيل :


فإلا أمت أجعل لنفر قلادة     يتم بها نفر قلائده قبل .



قال : أي : عاذه الذي كان تقلده قبل ، قال : يتم يحطها تميمة خرز قلائده إلى الواسطة ، وإنما أراد أقلده الهجاء . ابن الأعرابي : تم إذا كسر وتم إذا بلغ ، وقال رؤبة :


في بطنه غاشية تتممه .



قال شمر : الغاشية ورم يكون في البطن ، وقال : تتممه أي : تهلكه وتبلغه أجله ، وقال ذو الرمة :


كانهياض المعنت المتتمم .



يقال : ظلع فلان ثم تتمم تتمما أي : تم عرجه كسرا ، من قولك تم إذا كسر . والمتم : منقطع عرق السرة . والتمم والتمم من الشعر والوبر والصوف : كالجزز ، الواحدة تمة . قال ابن سيده : فأما التم فأراه اسما للجمع . واستتمه : طلب منه التمم ، وأتمه : أعطاه إياها . ابن الأعرابي : التم الفأس ، وجمعه تممة . والتام من الشعر : ما يمكن أن يدخله الزحاف فيسلم منه ، وقد تم الجزء تماما ، وقيل : المتمم كل ما زدت عليه بعد اعتدال البيت ، وكانا من الجزء الذي زدته عليه نحو فاعلاتن في ضرب الرمل ، سمي متمما لأنك تممت أصل الجزء . ورجل متمم إذا فاز قدحه مرة بعد مرة فأطعم لحمه المساكين . وتممهم : أطعمهم نصيب قدحه ، حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد قول النابغة :


إني أتمم أيساري وأمنحهم     مثنى الأيادي ، وأكسو الجفنة الأدما

.

أي : أطعمهم ذلك اللحم . ومتمم بن نويرة : من شعرائهم شاعر بني يربوع ، قال ابن الأعرابي : سمي بالمتمم الذي يطعم اللحم المساكين والأيسار ، وقيل : التتميم في الأيسار أن ينقص الأيسار في الجزور فيأخذ رجل ما بقي حتى يتمم الأنصباء . وتميم : قبيلة ، وهو تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر قال سيبويه : من العرب من يقول هذه تميم يجعله اسما للأب ويصرف ، ومنهم من يجعله اسما للقبيلة فلا يصرف ، وقال : قالوا تميم بنت مر فأنثوا ولم يقولوا ابن . وتمم الرجل : صار هواه تميميا . وتمم : انتسب إلى تميم ، وقول العجاج :


إذا دعوا يال تميم تموا .



قال ابن سيده : أراه من هذا أي : أسرعوا إلى الدعوة . الليث : تمم الرجل إذا صار تميمي الرأي والهوى والمحلة . قال أبو منصور : وقياس ما جاء في هذا الباب تتمم ، بتاءين ، كما يقال تمضر وتنزر ، وكأنهم حذفوا إحدى التاءين استثقالا للجمع . وتتاموا أي : جاءوا كلهم وتموا . والتمتمة : رد الكلام إلى التاء والميم ، وقيل : هو أن يعجل بكلامه فلا يكاد يفهمك ، وقيل : هو أن تسبق كلمته إلى حنكه الأعلى ، والفأفاء : الذي يعسر عليه خروج الكلام ، ورجل تمتام ، والأنثى تمتامة . وقال الليث : التمتمة في الكلام أن لا يبين اللسان يخطئ موضع الحرف فيرجع إلى لفظ كأنه التاء والميم ، وإن لم يكن بينا . محمد بن يزيد : التمتمة الترديد في التاء ، والفأفأة الترديد في الفاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية