صفحة جزء
وصل

وصل : وصلت الشيء وصلا وصلة ، والوصل ضد الهجران . ابن سيده : الوصل خلاف الفصل . وصل الشيء بالشيء يصله وصلا وصلة وصلة ; الأخيرة عن ابن جني ، قال : لا أدري أمطرد هو أم غير مطرد ؟ قال : وأظنه مطردا ، كأنهم يجعلون الضمة مشعرة بأن المحذوف إنما هي الفاء التي هي الواو ، وقال أبو علي : الضمة في الصلة ضمة الواو المحذوفة من الوصلة ، والحذف والنقل في الضمة شاذ كشذوذ حذف الواو في يجد ، ووصله كلاهما : لأمه . وفي التنزيل العزيز : ولقد وصلنا لهم القول ، أي وصلنا ذكر الأنبياء وأقاصيص من مضى بعضها ببعض ، لعلهم يعتبرون . واتصل الشيء بالشيء : لم ينقطع ; وقوله أنشده ابن جني :


قام بها ينشد كل منشد وايتصلت بمثل ضوء الفرقد

إنما أراد اتصلت ، فأبدل من التاء الأولى ياء كراهة للتشديد ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


سحيرا وأعناق المطي كأنها     مدافع ثغبان أضر بها الوصل

معناه : أضر بها فقدان الوصل ، وذلك أن ينقطع الثغب فلا يجري ولا يتصل ، والثغب : مسيل دقيق ، شبه الإبل في مدها أعناقها إذا جهدها السير بالثغب الذي يخده السيل في الوادي . ووصل الشيء إلى الشيء وصولا وتوصل إليه : انتهى إليه وبلغه ; قال أبو ذؤيب :


توصل بالركبان حينا وتؤلف ال     جوار ويغشيها الأمان ربابها

ووصله إليه وأوصله : أنهاه إليه وأبلغه إياه . وفي حديث النعمان بن مقرن : أنه لما حمل على العدو ما وصلنا كتفيه حتى ضرب في القوم أي لم نتصل به ولم نقرب منه حتى حمل عليهم من السرعة . وفي الحديث : رأيت سببا واصلا من السماء إلى الأرض أي موصولا ، فاعل بمعنى مفعول كماء دافق ; قال ابن الأثير : كذا شرح ، قال : ولو جعل على بابه لم يبعد . وفي حديث علي - عليه السلام - : صلوا السيوف بالخطى والرماح بالنبل ; قال ابن الأثير : أي إذا قصرت السيوف عن الضريبة فتقدموا تلحقوا وإذا لم تلحقهم الرماح فارموهم بالنبل ; قال : ومن أحسن وأبلغ ما قيل في هذا المعنى قول زهير :


يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا     ضاربهم فإذا ما ضاربوا اعتنقا

وفي الحديث : كان اسم نبله - عليه السلام - الموتصلة ، سميت بها تفاؤلا بوصولها إلى العدو . والموتصلة لغة قريش فإنها لا تدغم هذه الواو وأشباهها في التاء . فيقول موتصل وموتفق وموتعد ونحو ذلك . وغيرهم يدغم فيقول متصل ومتفق ومتعد . وأوصله غيره ووصل : بمعنى اتصل أي دعا دعوى الجاهلية ، وهو أن يقول : يال فلان ! وفي التنزيل العزيز : إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ; أي يتصلون ; المعنى اقتلوهم ولا تتخذوا منهم أولياء ، إلا من اتصل بقوم بينكم وبينهم ميثاق واعتزوا إليهم . واتصل الرجل : انتسب ، وهو من ذلك ; قال الأعشى :


إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل     وبكر سبتها والأنوف رواغم

أي إذا انتسبت . وقال ابن الأعرابي في قوله : إلا الذين يصلون إلى قوم ; أي ينتسبون . قال الأزهري : والاتصال أيضا الاعتزاء المنهي عنه إذا قال يال بني فلان ! ابن السكيت : الاتصال أن يقول يا لفلان ، والاعتزاء أن يقول أنا ابن فلان . وقال أبو عمرو : الاتصال دعاء الرجل رهطه دنيا ، والاعتزاء عند شيء يعجبه فيقول أنا ابن فلان . وفي الحديث : من اتصل فأعضوه أي من ادعى دعوى الجاهلية ، وهي قولهم يالفلان ، فأعضوه أي قولوا له اعضض أير أبيك . يقال : وصل إليه إذا انتمى . وفي حديث أبي : أنه أعض إنسانا اتصل . والواصلة من النساء : التي تصل شعرها بشعر غيرها ، والمستوصلة : الطالبة لذلك ، وهي التي يفعل بها ذلك . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الواصلة والمستوصلة ; قال أبو عبيد : هذا في الشعر وذلك أن تصل المرأة شعرها بشعر آخر زورا . وروي في حديث آخر : أيما امرأة وصلت شعرها بشعر آخر كان زورا . قال : وقد رخصت الفقهاء في القرامل ، وكل شيء وصل به الشعر ، وما لم يكن الوصل شعرا فلا بأس به . وروي عن عائشة أنها قالت : ليست الواصلة بالتي تعنون ، ولا بأس أن تعرى المرأة عن الشعر فتصل قرنا من قرونها بصوف أسود ، وإنما الواصلة التي تكون بغيا في شبيبتها ، فإذا أسنت وصلتها بالقيادة ; قال ابن الأثير : قال أحمد بن حنبل لما ذكر ذلك له : ما سمعت بأعجب من ذلك . ووصله وصلا وصلة وواصله مواصلة ووصالا كلاهما يكون في عفاف الحب ودعارته ، [ ص: 225 ] وكذلك وصل حبله وصلا وصلة ; قال أبو ذؤيب :


فإن وصلت حبل الصفاء فدم لها     وإن صرمته فانصرف عن تجامل

وواصل حبله : كوصله . والوصلة : الاتصال . والوصلة : ما اتصل بالشيء . قال الليث : كل شيء اتصل بشيء فما بينهما وصلة ، والجمع وصل . ويقال : وصل فلان رحمه يصلها صلة . وبينهما وصلة أي اتصال وذريعة . ووصل كتابه إلي وبره يصل وصولا ، وهذا غير واقع . ووصله توصيلا إذا أكثر من الوصل ، وواصله مواصلة ووصالا ، ومنه المواصلة بالصوم وغيره . وواصلت الصيام وصالا إذا لم تفطر أياما تباعا ; وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال في الصوم ، وهو أن لا يفطر يومين أو أياما ، وفيه النهي عن المواصلة في الصلاة ، وقال : إن امرأ واصل في الصلاة خرج منها صفرا ; قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ما كنا ندري ما المواصلة في الصلاة حتى قدم علينا الشافعي ، فمضى إليه أبي فسأله عن أشياء وكان فيما سأله عن المواصلة في الصلاة ، فقال الشافعي : هي في مواضع : منها أن يقول الإمام ولا الضالين ، فيقول من خلفه آمين معا أي يقولها بعد أن يسكت الإمام ، ومنها أن يصل القراءة بالتكبير ، ومنها السلام عليكم ورحمة الله فيصلها بالتسليمة الثانية ، الأولى فرض والثانية سنة فلا يجمع بينهما ، ومنها إذا كبر الإمام فلا يكبر معه حتى يسبقه ولو بواو . وتوصلت إلى فلان بوصلة وسبب توصلا إذا تسببت إليه بحرمة . وتوصل إليه أي تلطف في الوصول إليه . وفي حديث عتبة والمقدام : أنهما كانا أسلما فتوصلا بالمشركين حتى خرجا إلى عبيدة بن الحارث أي أرياهم أنهما معهم حتى خرجا إلى المسلمين ، وتوصلا بمعنى توسلا وتقربا . والوصل : ضد الهجران . والتواصل : ضد التصارم . وفي الحديث : من أراد أن يطول عمره فليصل رحمه ، تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم ; قال أبو الأثير : وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار والعطف عليهم والرفق بهم والرعاية لأحوالهم ، وكذلك إن بعدوا أو أساءوا ، وقطع الرحم ضد ذلك كله . يقال : وصل رحمه يصلها وصلا وصلة ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة فكأنه بالإحسان إليهم قد وصل ما بينه وبينهم من علاقة القرابة والصهر . وفي حديث جابر : إنه اشترى مني بعيرا وأعطاني وصلا من ذهب أي صلة وهبة ، كأنه ما يتصل به أو يتوصل في معاشه . ووصله إذا أعطاه مالا . والصلة : الجائزة والعطية . والوصل : وصل الثوب والخف . ويقال : هذا وصل هذا أي مثله . والموصل : ما يوصل من الحبل : ابن سيده : والموصل معقد الحبل في الحبل . ويقال للرجلين يذكران بفعال وقد مات أحدهما : فعل كذا ولا يوصل حي بميت ، وليس به بوصيل أي لا يتبعه ; قال الغنوي :


كملقى عقال أو كمهلك سالم     ولست لميت هالك بوصيل

ويروى :


وليس لحي هالك بوصيل

وهو معنى قول المتنخل الهذلي :


ليس لميت بوصيل وقد     علق فيه طرف الموصل

دعاء لرجل أي لا وصل هذا الحي بهذا الميت ، أي لا مات معه ولا وصل بالميت ، ثم قال : وقد علق فيه طرف من الموت أي سيموت ويتصل به ، قال : هذا قول ابن السكيت ، قال ابن سيده : والمعنى فيه عندي على غير الدعاء ، إنما يريد : ليس هو ما دام حيا بوصيل للميت على أنه قد علق فيه طرف الموصل أي أنه سيموت لا محالة فيتصل به وإن كان الآن حيا ; وقال الباهلي : يقول بأن الميت فلا يواصله الحي ، وقد علق في الحي السبب الذي يوصله إلى ما وصل إليه الميت ; وأنشد ابن الأعرابي :


إن وصلت الكتاب صرت إلى الله     ومن يلف واصلا فهو مودي

قال أبو العباس : يعني لوح المقابر ينقر ويترك فيه موضع للميت بياضا ، فإذا مات الإنسان وصل ذلك الموضع باسمه . والأوصال : المفاصل ، وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان فعم الأوصال أي ممتلئ الأعضاء ، الواحد وصل . والموصل : المفصل . وموصل البعير : ما بين العجز والفخذ ; قال أبو النجم :


ترى يبيس الماء دون الموصل     منه تعجز كصفاة الجيحل

الجيحل : الصلب الضخم . والوصلان : العجز والفخذ ، وقيل : طبق الظهر . والوصل والوصل : كل عظم على حدة لا يكسر ولا يخلط بغيره ولا يوصل به غيره ، وهو الكسر والجدل ، بالدال ، والجمع أوصال وجدول ، وقيل : الأوصال مجتمع العظام ، وكله من الوصل . ويقال : هذا رجل وصيل هذا أي مثله . والوصيل : برود اليمن ، الواحدة وصيلة . وفي الحديث : أن أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع ، كساها الأنطاع ثم كساها الوصائل أي حبر اليمن . وفي حديث عمرو : قال لمعاوية ما زلت أرم أمرك بوذائله وأصله بوصائله ; القتيبي : الوصائل ثياب يمانية ، وقيل : ثياب حمر مخططة يمانية ، ضرب هذا مثلا لإحكامه إياه ، ويجوز أن يكون أراد بالوصائل الصلاب ، والوذيلة قطعة من الفضة ، ويقال للمرآة الوذيلة والعناس والمذية ; قال ابن الأثير : أراد بالوصائل ما يوصل به الشيء ، يقول : ما زلت أدبر أمرك بما يجب أن يوصل به من الأمور التي لا غنى به عنها ، أو أراد أنه زين أمره وحسنه كأنه ألبسه الوصائل . وقوله - عز وجل - : ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ; قال المفسرون : الوصيلة كانت في الشاء خاصة ، كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم ، فإذا ولدت ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم . والوصيلة التي كانت في الجاهلية : الناقة التي وصلت بين عشرة أبطن ، وهي من الشاء التي ولدت سبعة أبطن عناقين عناقين ، فإن ولدت في السابع عناقا قيل وصلت أخاها فلا يشرب لبن الأم إلا الرجال دون النساء ، وتجري مجرى السائبة . وقالأبو عرفة وغيره : الوصيلة من الغنم كانوا إذا ولدت الشاة ستة أبطن نظروا ، فإن كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه [ ص: 226 ] الرجال والنساء ، وإن كانت أنثى تركت في الغنم ، وإن كانت أنثى وذكرا قالوا وصلت أخاها فلم يذبح ، وكان لحمها حراما على النساء ، وفي الصحاح : الوصيلة التي كانت في الجاهلية هي الشاة تلد سبعة أبطن عناقين عناقين ، فإن ولدت في الثامنة جديا وعناقا قالوا وصلت أخاها ، فلا يذبحون أخاها من أجلها ولا يشرب لبنها النساء وكان للرجال وجرت مجرى السائبة . وروي عن الشافعي قال : الوصيلة الشاة تنتج الأبطن ، فإذا ولدت آخر بعد الأبطن التي وقتوا لها قيل وصلت أخاها ، وزاد بعضهم : تنتج الأبطن الخمسة عناقين عناقين في بطن فيقال : هذه وصلة تصل كل ذي بطن بأخ له معه ، وزاد بعضهم فقال : قد يصلونها في ثلاثة أبطن ويوصلونها في خمسة وفي سبعة . والوصيلة : الأرض الواسعة البعيدة كأنها وصلت بأخرى ، ويقال : قطعنا وصيلة بعيدة ; وروي عن ابن مسعود أنه قال : إذا كنت في الوصيلة فأعط راحلتك حظها ، قال : لم يرد بالوصيلة ههنا الأرض البعيدة ولكنه أراد أرضا مكلئة تتصل بأخرى ذات كلأ ; قال : وفي الأولى يقول لبيد :


ولقد قطعت وصيلة مجرودة     يبكي الصدى فيها لشجو البوم

والوصيلة : العمارة والخصب ، سميت بذلك ، واحدتها وصيلة .

وحرف الوصل : هو الذي بعد الروي ، وهو على ضربين : أحدهما ما كان بعده خروج كقوله :


عفت الديار محلها فمقامها

والثاني أن لا يكون بعده خروج كقوله :


ألا طال هذا الليل وازور جانبه     وأرقني أن لا حليل ألاعبه

قال الأخفش : يلزم بعد الروي الوصل ولا يكون إلا ياء أو واوا أو ألفا كل واحدة منهن ساكنة في الشعر المطلق ، قال : ويكون الوصل أيضا هاء وذلك هاء التأنيث التي في حمزة ونحوها ، وهاء الإضمار للمذكر والمؤنث متحركة كانت أو ساكنة نحو غلامه وغلامها ، والهاء التي تبين بها الحركة نحو عليه وعمه ، واقضه وادعه ، يريد علي وعم واقض وادع ، فأدخلت الهاء لتبين بها حركة الحروف ; قال ابن جني : فقول الأخفش : يلزم بعد الروي الوصل ، لا يريد به أنه لا بد مع كل روي أن يتبعه الوصل ، ألا ترى أن قول العجاج :


قد جبر الدين الإله فجبر

لا وصل معه ; وأن قول الآخر :


يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما     وحيثما كنتما لاقيتما رشدا

إنما فيه وصل لا غير ، ولكن الأخفش إنما يريد أنه مما يجوز أن يأتي بعد الروي ، فإذا أتى لزم فلم يكن منه بد ، فأجمل القول وهو يعتقد تفصيله ، وجمعه ابن جني على وصول ، وقياسه أن لا يجمع ، والصلة : كالوصل الذي هو الحرف الذي بعد الروي وقد وصل به . وليلة الوصل : آخر ليلة من الشهر لاتصالها بالشهر الآخر . والموصل : أرض بين العراق والجزيرة ; وفي التهذيب : وموصل كورة معروفة ; وقول الشاعر :


وبصرة الأزد منا والعراق لنا     والموصلان ومنا المصر والحرم

يريد الموصل والجزيرة . والموصول : دابة على شكل الدبر أسود وأحمر تلسع الناس . والموصول من الدواب : الذي لم ينز على أمه غير أبيه ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


هذا فصيل ليس بالموصول     لكن لفحل طرقة فحيل

وواصل : اسم رجل ، والجمع أواصل بقلب الواو همزة كراهة اجتماع الواوين . وموصول : اسم رجل ; أنشد ابن الأعرابي :


أغرك يا موصول منها ثمالة     وبقل بأكناف الغريف تؤان

أراد تؤام فأبدل . واليأصول : الأصل ; قال أبو وجزة :


يهز روقي رمالي كأنهما     عودا مداوس يأصول ويأصول

يريد أصل وأصل .

التالي السابق


الخدمات العلمية