صفحة جزء
وطأ

وطأ : وطئ الشيء يطؤه وطأ : داسه . قال سيبويه : أما وطئ يطأ فمثل ورم يرم ولكنهم فتحوا يفعل ، وأصله الكسر ، كما قالوا قرأ يقرأ . وقرأ بعضهم : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ، بتسكين الهاء . وقالوا أراد : طأ الأرض بقدميك جميعا ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع إحدى رجليه في صلاته . قال ابن جني : فالهاء على هذا بدل من همزة طأ . وتوطأه ووطأه كوطئه . قال : ولا تقل توطيته . أنشد أبو حنيفة :


يأكل من خضب سيال وسلم وجلة لما توطئها قدم

أي تطأها . وأوطأه غيره ، وأوطأه فرسه : حمله عليه حتى وطئه . وأوطأت فلانا دابتي حتى وطئته . وفي الحديث : أن رعاء الإبل ورعاء الغنم تفاخروا عنده فأوطأهم رعاء الإبل غلبة أي غلبوهم وقهروهم بالحجة . وأصله : أن من صارعته ، أو قاتلته ، فصرعته ، أو أثبته ، فقد وطئته ، وأوطأته غيرك . والمعنى أنه جعلهم يوطئون قهرا وغلبة . وفي حديث علي - رضي الله عنه - لما خرج مهاجرا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - : فجعلت أتبع مآخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطأ ذكره حتى انتهيت إلى العرج . أراد : إني كنت أغطي خبره من أول خروجي إلى أن بلغت العرج ، وهو موضع بين مكة والمدينة ، فكنى عن التغطية والإيهام ، بالوطء الذي هو أبلغ في الإخفاء والستر . وقد استوطأ المركب أي وجده وطيئا . والوطء بالقدم والقوائم . يقال : وطأته بقدمي إذا أردت به الكثرة . وبنو فلان يطؤهم الطريق أي أهل الطريق ، حكاه سيبويه . قال ابن جني : فيه من السعة إخبارك عما لا يصح وطؤه بما يصح وطؤه ، فنقول قياسا على هذا : أخذنا على الطريق الواطئ لبني فلان ، ومررنا بقوم موطوئين بالطريق ، ويا طريق طأ بنا بني فلان أي أدنا إليهم . قال : ووجه التشبيه إخبارك عن الطريق بما تخبر به عن سالكيه . فشبهته بهم إذ كان المؤدي له ، فكأنه هم ، وأما التوكيد فلأنك إذا أخبرت عنه بوطئه إياهم كان أبلغ من وطء سالكيه لهم . وذلك أن الطريق مقيم ملازم ، وأفعاله مقيمة معه وثابتة بثباته ، وليس كذلك أهل الطريق لأنهم قد يحضرون فيه وقد يغيبون عنه ، فأفعالهم أيضا حاضرة ، وقتا وغائبة آخر ، فأين هذا مما أفعاله ثابتة مستمرة . ولما كان هذا كلاما الغرض فيه المدح والثناء اختاروا له أقوى اللفظين لأنه يفيد أقوى المعنيين . الليث : الموطئ : الموضع ، وكل شيء يكون الفعل منه على فعل يفعل فالمفعل منه مفتوح العين ، إلا ما كان من بنات الواو على بناء وطئ يطأ وطأ ; وإنما ذهبت الواو من يطأ فلم تثبت ، كما تثبت في وجل يوجل ; لأن وطئ يطأ بني على توهم فعل يفعل مثل ورم يرم ; غير أن الحرف الذي يكون في موضع اللام من يفعل في هذا الحد إذا كان من حروف الحلق الستة فإن أكثر ذلك عند العرب مفتوح ، ومنه ما يقر على أصل تأسيسه مثل ورم يرم . وأما وسع يسع ففتحت لتلك العلة . والواطئة الذين في الحديث : هم السابلة سموا بذلك لوطئهم الطريق . التهذيب : والوطأة : هم أبناء السبيل من الناس سموا وطأة لأنهم يطئون الأرض . وفي الحديث : أنه قال للخراص احتاطوا لأهل الأموال في النائبة والواطئة . الواطئة : المارة والسابلة . يقول : استظهروا لهم في الخرص لما ينوبهم وينزل بهم من الضيفان . وقيل : الواطئة سقاطة التمر تقع فتوطأ بالأقدام ، فهي فاعلة بمعنى مفعولة . وقيل : هي من الوطايا ، جمع وطيئة ، وهي تجري مجرى العرية ، سميت بذلك ; لأن صاحبها وطأها لأهله أي ذللها ومهدها ، فهي لا تدخل في الخرص . ومنه حديث القدر : وآثار موطوءة أي مسلوك عليها بما سبق به القدر من خير أو شر . وأوطأه العشوة ، وعشوة : أركبه على غير هدى . يقال : من أوطأك عشوة . وأوطأته الشيء فوطئه . ووطئنا العدو بالخيل : دسناهم . ووطئنا العدو وطأة شديدة . والوطأة : موضع القدم ، وهي أيضا كالضغطة . والوطأة : الأخذة الشديدة . وفي الحديث : اللهم اشدد وطأتك على مضر ، أي خذهم أخذا شديدا ، وذلك حين كذبوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا عليهم فأخذهم الله بالسنين . ومنه قول الشاعر :


ووطئتنا وطأ على حنق     وطء المقيد نابت الهرم

وكان حماد بن سلمة يروي هذا الحديث : اللهم اشدد وطدتك على مضر . والوطد : الإثبات والغمز في الأرض . ووطئتهم وطأ ثقيلا . ويقال : ثبت الله وطأته . وفي الحديث : زعمت المرأة الصالحة ، خولة بنت حكيم ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج ، وهو محتضن أحد ابني ابنته ، وهو يقول : إنكم لتبخلون وتجبنون ، وإنكم لمن ريحان الله ، وإن آخر وطأة ، وطئها الله بوج ، أي تحملون على البخل والجبن والجهل ، يعني الأولاد ، فإن الأب يبخل بإنفاق ماله ليخلفه لهم ، ويجبن عن القتال ليعيش لهم فيربيهم ، ويجهل لأجلهم فيلاعبهم . وريحان الله : رزقه وعطاؤه . ووج : من الطائف . والوطء في الأصل : الدوس بالقدم ، فسمى به الغزو والقتل ; لأن من يطأ على الشيء برجله ، فقد استقصى في هلاكه وإهانته . والمعنى أن آخر أخذة ووقعة أوقعها الله بالكفار كانت بوج ، وكانت غزوة الطائف آخر غزوات سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ، ولم يكن فيها قتال . قال ابن الأثير : ووجه تعلق هذا القول بما قبله من ذكر الأولاد أنه إشارة إلى تقليل ما بقي من عمره - صلى الله عليه وسلم - فكنى عنه بذلك . ووطئ المرأة يطؤها : نكحها . ووطأ الشيء : هيأه . الجوهري : وطئت الشيء برجلي وطأ ووطئ الرجل امرأته يطأ : فيهما سقطت الواو من [ ص: 235 ] يطأ كما سقطت من يسع لتعديهما ; لأن فعل يفعل ، مما اعتل فاؤه ، لا يكون إلا لازما ، فلما جاءا من بين أخواتهما متعديين خولف بهما نظائرهما . وقد توطأته برجلي ، ولا تقل توطيته . وفي الحديث : إن جبريل صلى بي العشاء حين غاب الشفق واتطأ العشاء ، وهو افتعل من وطأته . يقال : وطأت الشيء فاتطأ أي هيأته فتهيأ . أراد أن الظلام كمل . وواطأ بعضه بعضا أي وافق . قال وفي الفائق : حين غاب الشفق وأتطى العشاء . قال : وهو من قول بني قيس لم يأتط الجداد ، ومعناه لم يأت حينه . وقد ائتطى يأتطي كأتلى يأتلي بمعنى الموافقة والمساعفة . قال : وفيه وجه آخر أنه افتعل من الأطيط ; لأن العتمة وقت حلب الإبل ، وهي حينئذ تئط أي تحن إلى أولادها ، فجعل الفعل للعشاء ، وهو لها اتساعا . ووطأ الفرس وطأ ووطأه : دمثه . ووطأ الشيء : سهله . ولا تقل وطيت . وتقول : وطأت لك الأمر إذا هيأته . ووطأت لك الفراش ووطأت لك المجلس توطئة . والوطيء من كل شيء : ما سهل ولان ، حتى إنهم يقولون رجل وطيء ودابة وطيئة بينة الوطاءة . وفي الحديث : ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون . قال ابن الأثير : هذا مثل وحقيقته من التوطئة ، وهي التمهيد والتذليل . وفراش وطيء : لا يؤذي جنب النائم . والأكناف : الجوانب ، أراد الذين جوانبهم وطيئة يتمكن فيها من يصاحبهم ولا يتأذى . وفي حديث النساء : ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ; أي لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن ، فيتحدث إليهن . وكان ذلك من عادة العرب لا يعدونه ريبة ، ولا يرون به بأسا ، فلما نزلت آية الحجاب نهوا عن ذلك . وشيء وطيء بين الوطاءة والطئة ، والطأة مثل الطعة ، والطعة فالهاء عوض من الواو فيهما . وكذلك دابة وطيئة بينة الوطاءة والطأة ، بوزن الطعة أيضا . قال الكميت :


أغشى المكاره أحيانا ويحملني     منه على طأة والدهر ذو نوب

أي على حال لينة . ويروى على طئة ، وهما بمعنى . والوطيء : السهل من الناس والدواب والأماكن . وقد وطؤ الموضع ، بالضم ، يوطؤ وطاءة ووطوءة وطئة : صار وطيئا . ووطأته أنا توطئة ، ولا تقل وطيته ، والاسم الطأة ، مهموز مقصور . قال : وأما أهل اللغة فقالوا وطيء بين الطأة والطئة . وقال ابن الأعرابي : دابة وطيء بين الطأة ، بالفتح ، ونعوذ بالله من طئة الذليل ، ولم يفسره . وقال اللحياني : معناه من أن يطأني ويحقرني . وقال اللحياني : وطؤت الدابة ، وطأ على مثال فعل ، ووطاءة وطئة حسنة . ورجل وطيء الخلق ، على المثل ، ورجل موطأ الأكناف إذا كان سهلا دمثا كريما ينزل به الأضياف فيقريهم . ابن الأعرابي : الوطيئة : الحيسة ، والوطاء والوطاء : ما انخفض من الأرض بين النشاز والإشراف ، والميطاء كذلك . قال غيلان الربعي يصف حلبة :


أمسوا فقادوهن نحو الميطاء     بمائتين بغلاء الغلاء

وقد وطأها الله . ويقال : هذه أرض مستوية لا رباء فيها ولا وطاء أي لا صعود فيها ولا انخفاض . وواطأه على الأمر مواطأة : وافقه . وتواطأنا عليه وتوطأنا : توافقنا . وفلان يواطئ اسمه اسمي . وتواطئوا عليه : توافقوا . وقوله تعالى : ليواطئوا عدة ما حرم الله ; هو من واطأت . ومثلها قوله تعالى : إن ناشئة الليل هي أشد وطئا ، بالمد : مواطأة . قال : وهي المواتاة أي مواتاة السمع والبصر إياه . وقرئ أشد وطأ أي قياما . التهذيب : قرأ أبو عمرو وابن عامر وطاء ، بكسر الواو وفتح الطاء والمد والهمز ، من المواطأة والموافقة . وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي : وطأ ، بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة . وقال الفراء : معنى هي أشد وطأ ، يقول : هي أثبت قياما . قال وقال بعضهم : أشد وطأ أي أشد على المصلي من صلاة النهار ; لأن الليل للنوم ، فقال هي ، وإن كانت أشد وطأ ، فهي أقوم قيلا . وقرأ بعضهم : هي أشد وطاء ، على فعال ، يريد أشد علاجا ومواطأة . واختار أبو حاتم : أشد وطاء ، بكسر الواو والمد . وحكى المنذري : أن أبا الهيثم اختار هذه القراءة وقال : معناه أن سمعه يواطئ قلبه وبصره ، ولسانه يواطئ قلبه وطاء . يقال واطأني فلان على الأمر إذا وافقك عليه لا يشتغل القلب بغير ما اشتغل به السمع ، هذا واطأ ذاك وذاك واطأ هذا ; يريد : قيام الليل والقراءة فيه . وقال الزجاج : هي أشد وطاء لقلة السمع . ومن قرأ وطأ فمعناه هي أبلغ في القيام وأبين في القول . وفي حديث ليلة القدر : أرى رؤياكم قد تواطت في العشر الأواخر . قال ابن الأثير : هكذا روي بترك الهمز ، وهو من المواطأة ، وحقيقته كأن كلا منهما وطئ ما وطئه الآخر . وتوطأته بقدمي مثل وطئته . وهذا موطئ قدمك . وفي حديث عبد الله - رضي الله عنه - : لا نتوضأ من موطإ أي ما يوطأ من الأذى في الطريق ، أراد لا نعيد الوضوء منه ، لا أنهم كانوا لا يغسلونه . والوطاء : خلاف الغطاء . والوطيئة : تمر يخرج نواه ويعجن بلبن . والوطيئة : الأقط بالسكر . وفي الصحاح : الوطيئة : ضرب من الطعام . التهذيب : والوطيئة : طعام للعرب يتخذ من التمر . وقال شمر قال أبو أسلم : الوطيئة : التمر ، وهو أن يجعل في برمة ويصب عليه الماء والسمن ، إن كان ، ولا يخلط به أقط ، ثم يشرب كما تشرب الحسية . وقال ابن شميل : الوطيئة مثل الحيس : تمر وأقط يعجنان بالسمن . المفضل : الوطيء والوطيئة : العصيدة الناعمة ، فإذا ثخنت فهي النفيتة فإذا زادت قليلا فهي النفيثة ، بالثاء ، فإذا زادت فهي اللفيتة ، فإذا تعلكت فهي العصيدة . وفي حديث عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - : أتيناه بوطيئة ، هي طعام يتخذ من التمر كالحيس . ويروى بالباء الموحدة ، وقيل هو تصحيف . والوطيئة ، على فعيلة : شيء كالغرارة . غيره : الوطيئة : الغرارة يكون فيها القديد والكعك وغيره . وفي الحديث : فأخرج إلينا ثلاث أكل من وطيئة ; أي ثلاث قرص من غرارة . وفي حديث عمار أن رجلا وشى به إلى عمر ، فقال : اللهم إن كان كذب فاجعله موطأ العقب ، أي كثير الأتباع ، دعا عليه بأن يكون سلطانا ، ومقدما ، [ ص: 236 ] أو ذا مال ، فيتبعه الناس ويمشون وراءه . وواطأ الشاعر في الشعر وأوطأ فيه وأوطأه إذا اتفقت له قافيتان على كلمة واحدة معناهما واحد ، فإن اتفق اللفظ واختلف المعنى ، فليس بإيطاء . وقيل : واطأ في الشعر وأوطأ فيه وأوطأه إذا لم يخالف بين القافيتين لفظا ولا معنى ، فإن كان الاتفاق باللفظ والاختلاف بالمعنى ، فليس بإيطاء . وقال الأخفش : الإيطاء رد كلمة قد قفيت بها مرة نحو قافية على رجل ، وأخرى على رجل ، في قصيدة ، فهذا عيب عند العرب لا يختلفون فيه ، وقد يقولونه مع ذلك . قال النابغة :


أو أضع البيت في سوداء مظلمة     تقيد العير لا يسري بها الساري

ثم قال :


لا يخفض الرز عن أرض ألم بها     ولا يضل على مصباحه الساري

قال ابن جني : ووجه استقباح العرب الإيطاء أنه دال عندهم على قلة مادة الشاعر ونزارة ما عنده ، حتى يضطر إلى إعادة القافية الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها فيجري هذا عندهم لما ذكرناه مجرى العي والحصر . وأصله : أن يطأ الإنسان في طريقه على أثر وطء قبله فيعيد الوطء على ذلك الموضع ، وكذلك إعادة القافية هي من هذا . وقد أوطأ ووطأ وأطأ فأطأ ، على بدل الهمزة من الواو كوناة وأناة وآطأ ، على إبدال الألف من الواو كياجل في يوجل ، وغير ذلك لا نظر فيه . قال أبو عمرو بن العلاء : الإيطاء ليس بعيب في الشعر عند العرب ، وهو إعادة القافية مرتين . قال الليث : أخذ من المواطأة وهي الموافقة على شيء واحد . وروي عن ابن سلام الجمحي أنه قال : إذا كثر الإيطاء في قصيدة مرات ، فهو عيب عندهم . أبو زيد : إيتطأ الشهر ، وذلك قبل النصف بيوم ، وبعده بيوم ، بوزن إيتطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية