صفحة جزء
وعد

وعد : وعده الأمر وبه عدة ووعدا وموعدا وموعدة وموعودا وموعودة ، وهو من المصادر التي جاءت على مفعول ومفعولة كالمحلوف والمرجوع والمصدوقة والمكذوبة ; قال ابن جني : ومما جاء من المصادر مجموعا معملا قوله :


مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

والوعد من المصادر المجموعة ، قالوا : الوعود ; حكاه ابن جني . وقوله : ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ; أي إنجاز هذا الوعد ، أرونا ذلك ; قال الأزهري : الوعد والعدة يكونان مصدرا واسما ، فأما العدة فتجمع عدات ، والوعد لا يجمع . وقال الفراء : وعدت عدة ، ويحذفون الهاء إذا أضافوا ; وأنشد :


إن الخليط أجدوا البين فانجردوا     وأخلفوك عدى الأمر الذي وعدوا

وقال ابن الأنباري وغيره : الفراء يقول : عدة وعدى ; وأنشد :


وأخلفوك عدى الأمر

وقال أراد عدة الأمر ، فحذف الهاء عند الإضافة ، قال : ويكتب بالياء .

قال الجوهري : والعدة الوعد والهاء عوض من الواو ، ويجمع على عدات ولا يجمع الوعد والنسبة إلى عدة عدي وإلى زنة زني ، فلا ترد الواو كما تردها في شية . والفراء يقول : عدوي وزنوي كما يقال شيوي ; قال أبو بكر : العامة تخطئ وتقول أوعدني فلان موعدا أقف عليه . وقوله تعالى : وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ، ويقرأ : وعدنا . قرأ أبو عمرو : وعدنا ، بغير ألف ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي واعدنا ، بالألف ; قال أبو إسحاق : اختار جماعة من أهل اللغة ، وإذ وعدنا ، بغير ألف ، وقالوا : إنما اخترنا هذا ; لأن المواعدة إنما تكون من الآدميين فاختاروا وعدنا ، وقالوا دليلنا قول الله - عز وجل - : إن الله وعدكم وعد الحق ، وما أشبهه ; قال : وهذا الذي ذكره ليس مثل هذا . وأما واعدنا هذا فجيد ; لأن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة ، فهو من الله وعد ، ومن موسى قبول واتباع فجرى مجرى المواعدة . قال الأزهري : من قرأ وعدنا ، فالفعل لله تعالى ، ومن قرأ واعدنا فالفعل من الله تعالى ومن موسى . قال ابن سيده : وفي التنزيل : وواعدنا موسى ثلاثين ليلة ، وقرئ ووعدنا ; قال ثعلب : فواعدنا من اثنين ووعدنا من واحد ، وقال :


فواعديه سرحتي مالك     أو الربى بينهما أسهلا

قال أبو معاذ : واعدت زيدا إذا وعدك ووعدته . ووعدت زيدا إذا كان الوعد منك خاصة . والموعد : موضع التواعد ، وهو الميعاد ويكون الموعد مصدر وعدته ، ويكون الموعد وقتا للعدة . والموعدة أيضا : اسم للعدة . والميعاد : لا يكون إلا وقتا أو موضعا . والوعد : مصدر حقيقي . والعدة : اسم يوضع موضع المصدر وكذلك الموعدة . قال الله - عز وجل - : إلا عن موعدة وعدها إياه ، والميعاد والمواعدة : وقت الوعد وموضعه . قال الجوهري : وكذلك الموعد ; لأن ما كان فاء الفعل منه واوا أو ياء ثم سقطتا في المستقبل نحو يعد ويزن ويهب ويضع ويئل ، فإن المفعل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعا ، ولا تبال أمنصوبا كان يفعل منه أو مكسورا بعد أن تكون الواو منه ذاهبة ، إلا أحرفا جاءت نوادر ، قالوا : دخلوا موحد موحد ، وفلان ابن مورق ، وموكل اسم رجل أو موضع ، وموهب اسم رجل ، وموزن موضع ; هذا سماع والقياس فيه الكسر ، فإن كانت الواو من يفعل منه ثابتة نحو يوجل ويوجع ويوسن ففيه الوجهان ، فإن أردت به المكان والاسم كسرته ، وإن أردت به المصدر نصبت قلت موجل وموجل وموجع وموجع ، فإن كان مع ذلك معتل الآخر فالفعل منه منصوب ، ذهبت الواو في يفعل أو ثبتت كقولك المولى والموفى والموعى ، من يلي ويفي ويعي . قال ابن بري : قوله في استثنائه إلا أحرفا جاءت نوادر ، قالوا دخلوا موحد موحد ، قال : موحد ليس من هذا الباب ، وإنما هو معدول عن واحد ، فيمتنع من الصرف للعدل والصفة كأحاد ، ومثله [ ص: 242 ] مثنى وثناء ، ومثلث وثلاث ، ومربع ورباع . قال : وقال سيبويه : موحد فتحوه لأنه ليس بمصدر ولا مكان ، وإنما هو معدول عن واحد ، كما أن عمر معدول عن عامر . وقد تواعد القوم واتعدوا ، والاتعاد : قبول الوعد ، وأصله الاوتعاد ، قلبوا الواو تاء ثم أدغموا . وناس يقولون : ائتعد يأتعد ، فهو مؤتعد ، بالهمز ، كما قالوا يأتسر في ائتسار الجزور . قال ابن بري : صوابه إيتعد ياتعد ، فهو موتعد ، من غير همز ، وكذلك إيتسر ياتسر فهو موتسر ، بغير همز ، وكذلك ذكره سيبويه وأصحابه يعلونه على حركة ما قبل الحرف المعتل فيجعلونه ياء إن انكسر ما قبلها ، وألفا إن انفتح ما قبلها ، وواوا إذا انضم ما قبلها ; قال : ولا يجوز بالهمز لأنه لا أصل له في باب الوعد واليسر ; وعلى ذلك نص سيبويه وجميع النحويين البصريين . وواعده الوقت والموضع وواعده فوعده : كان أكثر وعدا منه . وقال مجاهد في قوله تعالى : ما أخلفنا موعدك بملكنا ; قال : الموعد العهد ; وكذلك قوله تعالى : فأخلفتم موعدي ; قال : عهدي . وقوله - عز وجل - : وفي السماء رزقكم وما توعدون ; قال : رزقكم المطر ، وما توعدون : الجنة . قال قتادة في قوله تعالى : واليوم الموعود ; إنه يوم القيامة . وفرس واعد : يعدك جريا بعد جري . وأرض واعدة : كأنها تعد بالنبات . وسحاب واعد : كأنه يعد بالمطر . ويوم واعد : يعد بالحر ; قال الأصمعي : مررت بأرض بني فلان غب مطر وقع بها فرأيتها واعدة إذا رجي خيرها وتمام نبتها في أول ما يظهر النبت ; قال سويد بن كراع :


رعى غير مذعور بهن وراقه     لعاع تهاداه الدكادك واعد

ويقال للدابة والماشية إذا رجي خيرها وإقبالها : واعد ; وقال الراجز :


كيف تراها واعدا صغارها     يسوء شناء العدى كبارها

ويقال : يومنا يعد بردا . ويوم واعد إذا وعد أوله بحر أو برد . وهذا غلام تعد مخايله كرما ، وشيمه تعد جلدا وصرامة . والوعيد والتوعد : التهدد ، وقد أوعده وتوعده . قال الجوهري : الوعد يستعمل في الخير والشر ، قال ابن سيده : وفي الخير الوعد والعدة ، وفي الشر الإيعاد والوعيد ، فإذا قالوا أوعدته بالشر أثبتوا الألف مع الباء ; وأنشد لبعض الرجاز :


أوعدني بالسجن والأداهم     رجلي ورجلي شثنة المناسم

قال الجوهري : تقديره أوعدني بالسجن وأوعد رجلي بالأداهم ورجلي شثنة أي قوية على القيد . قال الأزهري : كلام العرب وعدت الرجل خيرا ووعدته شرا ، وأوعدته خيرا وأوعدته شرا ، فإذا لم يذكروا الخير قالوا : وعدته ولم يدخلوا ألفا ، وإذا لم يذكروا الشر قالوا : أوعدته ، ولم يسقطوا الألف ; وأنشد لعامر بن الطفيل :


وإني إن أوعدته أو وعدته     لأخلف إيعادي وأنجز موعدي

وإذا أدخلوا الباء لم يكن إلا في الشر ، كقولك : أوعدته بالضرب ; وقال ابن الأعرابي : أوعدته خيرا ، وهو نادر ; وأنشد :


يبسطني مرة ويوعدني     فضلا طريفا إلى أياديه

قال الأزهري : هو الوعد والعدة في الخير والشر ; قال القطامي :


ألا عللاني كل حي معلل     ولا تعداني الخير والشر مقبل

وهذا البيت ذكره الجوهري :


ولا تعداني الشر والخير مقبل

ويقال : اتعدت الرجل إذا أوعدته ; قال الأعشى :


فإن تتعدني أتعدك بمثلها

وقال بعضهم : فلان يتعد إذا وثق بعدتك ; وقال :


إني ائتممت أبا الصباح فاتعدي     واستبشري بنوال غير منزور

أبو الهيثم : أوعدت الرجل أوعده إيعادا وتوعدته توعدا واتعدت اتعادا . ووعيد الفحل : هديره إذا هم أن يصول . وفي الحديث : دخل حائطا من حيطان المدينة فإذا فيه جملان يصرفان ويوعدان ; وعيد فحل الإبل هديره إذا أراد أن يصول ; وقد أوعد يوعد إيعادا .

التالي السابق


الخدمات العلمية