صفحة جزء
وعي

وعي : الوعي : حفظ القلب الشيء . وعى الشيء والحديث يعيه وعيا وأوعاه : حفظه وفهمه وقبله ، فهو واع ، وفلان أوعى من فلان أي أحفظ وأفهم . وفي الحديث : نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ، فرب مبلغ أوعى من سامع . الأزهري : الوعي الحافظ الكيس الفقيه . وفي حديث أبي أمامة : لا يعذب الله قلبا وعى القرآن ; قال ابن الأثير : أي عقله إيمانا به وعملا ، فأما من حفظ ألفاظه وضيع حدوده فإنه غير واع له ; وقول الأخطل :


وعاها من قواعد بيت رأس شوارف لاحها مدر وغار

إنما معناه حفظها ، أي حفظ هذه الخمر ، وعنى بالشوارف الخوابي القديمة . الأزهري عن الفراء في قوله تعالى : والله أعلم بما يوعون ; قال : الإيعاء ما يجمعون في صدورهم من التكذيب والإثم . قال : والوعي لو قيل ، والله أعلم بما يوعون ، لكان صوابا ، ولكن لا يستقيم في القراءة . الجوهري ، والله أعلم بما يوعون أي يضمرون في قلوبهم من التكذيب ، وأذن واعية . الأزهري : يقال أوعى جدعه واستوعاه إذا استوعبه . وفي الحديث : في الأنف إذا استوعي جدعه الدية ; حكاه الأزهري في ترجمة وعوع . وأوعى فلان جدع أنفه واستوعاه [ ص: 246 ] إذا استوعبه . وتقول : استوعى فلان من فلان حقه إذا أخذه كله . وفي الحديث : فاستوعى له حقه ; قال ابن الأثير : استوفاه كله مأخوذ من الوعاء . ووعى العظم وعيا : برأ على عثم ; قال :


كأنما كسرت سواعده     ثم وعى جبرها وما التأما

قال أبو زيد : إذا جبر العظم بعد الكسر على عثم ، وهو الاعوجاج ، قيل : وعى يعي وعيا ، وأجر يأجر أجرا ويأجر أجورا . ووعى العظم إذا انجبر بعد الكسر ; قال أبو زيد :


خبعثنة في ساعديه تزايل     تقول وعى من بعد ما قد تجبرا

هذا البيت كذا في التهذيب ، ورأيته في حواشي ابن بري : من بعد ما قد تكسرا ; وقال الحطيئة :


حتى وعيت كوعي عظ     م الساق لأأمه الجبائر

ووعت المدة في الجرح وعيا : اجتمعت . ووعى الجرح وعيا : سال قيحه . والوعي : القيح والمدة . وبرئ جرحه على وعي أي نغل . قال أبو زيد : إذا سال القيح من الجرح قيل وعى الجرح يعي وعيا ، قال : والوعي هو القيح ، ومثله المدة . وقال الليث في وعي الكسر ، والمدة مثله ، قال : وقال أبو الدقيش إذا وعت جايئته يعني مدته . قال الأصمعي : يقال بئس واعي اليتيم ووالي اليتيم ، وهو الذي يقوم عليه . ويقال : لا وعي لك عن ذلك الأمر أي لا تماسك دونه ; قال ابن أحمر :


تواعدن أن لا وعي عن فرج راكس     فرحن ولم يغضرن عن ذاك مغضرا

يقال تغضرت عن كذا إذا انصرفت عنه . وما لي عنه وعي أي بد . وقال النضر : أنه لفي وعي رجال أي في رجال كثيرة . والوعاء والإعاء على البدل والوعاء ، كل ذلك : ظرف الشيء ، والجمع أوعية ، ويقال لصدر الرجل وعاء علمه واعتقاده تشبيها بذلك . ووعى الشيء في الوعاء وأوعاه : جمعه فيه ; قال أبو محمد الحذلمي :


تأخذه بدمنه فتوعيه

أي تجمع الماء في أجوافها . الأزهري : أوعى الشيء في الوعاء يوعيه إيعاء بالألف ، فهو موعى . الجوهري : يقال أوعيت الزاد والمتاع إذا جعلته في الوعاء ; قال عبيد بن الأبرص :


الخير يبقى وإن طال الزمان به     والشر أخبث ما أوعيت من زاد

وفي الحديث : الاستحياء من الله حق الحياء ، أن لا تنسوا المقابر والبلى والجوف وما وعى أي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حلهما . وفي حديث الإسراء : ذكر في كل سماء أنبياء قد سماهم فأوعيت منهم إدريس في الثانية ; قال ابن الأثير : هكذا روي ، فإن صح فيكون معناه أدخلته في وعاء قلبي ; يقال : أوعيت الشيء في الوعاء إذا أدخلته فيه ; قال : ولو روي وعيت بمعنى حفظت لكان أبين وأظهر . وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين من العلم ; أراد الكناية عن محل العلم وجمعه ، فاستعار له الوعاء . وفي الحديث : لا توعي فيوعى عليك ، أي لا تجمعي وتشحي بالنفقة فيشح عليك وتجازي بتضييق رزقك . الأزهري : إذا أمرت من الوعي قلت عه ، الهاء عماد للوقوف لخفتها ، لأنه لا يستطاع الابتداء والوقوف معا على حرف واحد . والوعي والوعى ، بالتحريك : الجلبة والأصوات ، وقيل : الأصوات الشديدة ; قال الهذلي :


كأن وعى الخموش بجانبيه     وعى ركب أميم ذوي زياط

وقال يعقوب : عينه بدل من غين وغى ، أو غين وغى بدل منه ، وقيل : الوعى جلبة صوت الكلاب في الصيد . الأزهري الوعى جلبة أصوات الكلاب والصيد ، قال : ولم أسمع له فعلا . والواعية : كالوعى ، الأزهري : الواعية والوعى والوغى كلها الصوت . والواعية : الصارخة ، وقيل : الواعية الصراخ على الميت لا فعل له . وفيحديث مقتل كعب بن الأشرف أو أبي رافع : حتى سمعنا الواعية ; قال ابن الأثير : هو الصراخ على الميت ونعيه ، ولا يبنى منه فعل ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


إني نذير لك من عطيه     قرمش لزاده وعيه

لم يفسر الوعية ، قال ابن سيده : وأرى أنه مستوعب لزاده يوعيه في بطنه كما يوعى المتاع ، هذا إن كان من صفة عطية ، وإن كان من صفة الزاد فمعناه أنه يدخره حتى يخنز كما يخنز القيح في القرح .

التالي السابق


الخدمات العلمية