صفحة جزء
وفى

وفى : الوفاء : ضد الغدر ، يقال : وفى بعهده وأوفى بمعنى ; قال ابن بري : وقد جمعهما طفيل الغنوي في بيت واحد في قوله :


أما ابن طوق فقد أوفى بذمته كما وفى بقلاص النجم حاديها

وفى يفي وفاء فهو واف . ابن سيده : وفى بالعهد وفاء ; فأما قول الهذلي :


إذ قدموا مائة واستأخرت مائة     وفيا وزادوا على كلتيهما عددا

فقد يكون مصدر وفى مسموعا وقد يجوز أن يكون قياسا غير مسموع ، فإن أبا علي قد حكى أن للشاعر أن يأتي لكل فعل بفعل وإن لم يسمع ، وكذلك أوفى . الكسائي وأبو عبيدة : وفيت بالعهد وأوفيت به سواء ; قال شمر : يقال وفى وأوفى ، فمن قال وفى فإنه يقول تم كقولك وفى لنا فلان أي تم لنا قوله ولم يغدر ، ووفى هذا الطعام قفيزا ; قال الحطيئة :


وفى كيل لا نيب ولا بكرات

أي تم ، قال : ومن قال أوفى فمعناه أوفاني حقه أي أتمه ولم ينقص منه شيئا ، وكذلك أوفى الكيل أي أتمه ولم ينقص منه شيئا . قال أبو الهيثم فيما رد على شمر : الذي قال شمر في وفى وأوفى باطل لا معنى له ، إنما يقال أوفيت بالعهد ووفيت بالعهد . وكل شيء في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالألف ، قال الله تعالى : أوفوا بالعقود ، و وأوفوا بعهدي ، ويقال : وفى الكيل ووفى الشيء أي تم ، وأوفيته أنا أتممته ، قال الله تعالى : وأوفوا الكيل ; وفي الحديث : فمررت بقوم تقرض شفاهم كلما قرضت وفت أي تمت وطالت ; وفي الحديث : ألست تنتجها وافية أعينها وآذانها . وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله أي تمت العدة سبعين أمة بكم . ووفى الشيء وفيا على فعول أي تم وكثر . والوفي : الوافي . قال : وأما قولهم وفى لي فلان بما ضمن لي فهذا من باب أوفيت له بكذا وكذا ووفيت له بكذا ; قال الأعشى :


وقبلك ما أوفى الرقاد بجارة

والوفي : الذي يعطي الحق ويأخذ الحق . وفي حديث زيد بن أرقم : [ ص: 253 ] وفت أذنك وصدق الله حديثك ، كأنه جعل أذنه في السماع كالضامنة بتصديق ما حكت ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت الأذن كأنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أدته إلى اللسان . وفي رواية : أوفى الله بأذنه أي أظهر صدقه في إخباره عما سمعت أذنه ، يقال : وفى بالشيء وأوفى ووفى بمعنى واحد . ورجل وفي وميفاء : ذو وفاء ، وقد وفى بنذره وأوفاه وأوفى به ; وفي التنزيل العزيز : يوفون بالنذر ; وحكى أبو زيد : وفى نذره وأوفاه أي أبلغه ، وفي التنزيل العزيز : وإبراهيم الذي وفى ; قال الفراء : أي بلغ يريد بلغ أن ليست تزر وازرة وزر أخرى أي لا تحمل الوازرة ذنب غيرها ; وقال الزجاج : وفى إبراهيم ما أمر به وما امتحن به من ذبح ولده فعزم على ذلك حتى فداه الله بذبح عظيم ، وامتحن بالصبر على عذاب قومه وأمر بالاختتان ، فقيل : وفى ، وهي أبلغ ، من وفى ; لأن الذي امتحن به من أعظم المحن . وقال أبو بكر في قولهم الزم الوفاء : معنى الوفاء في اللغة الخلق الشريف العالي الرفيع من قولهم : وفى الشعر فهو واف . إذا زاد ; ووفيت له بالعهد أفي ، ووافيت أوافي ، وقولهم : ارض من الوفاء باللفاء أي بدون الحق ; وأنشد :


ولا حظي اللفاء ولا الخسيس

والموافاة : أن توافي إنسانا في الميعاد ، وتوافينا في الميعاد ووافيته فيه ، وتوفى المدة : بلغها واستكملها ، وهو من ذلك . وأوفيت المكان : أتيته ; قال أبو ذؤيب :


أنادي إذا أوفي من الأرض مربأ     لأني سميع لو أجاب بصير

أوفي : أشرف وآتي ; وقوله أنادي أي كلما أشرفت على مربأ من الأرض ناديت يا دار أين أهلك ، وكذلك أوفيت عليه وأوفيت فيه . وأوفيت على شرف من الأرض إذا أشرفت عليه ، فأنا موف ، وأوفى على الشيء أي أشرف ; وفيحديث كعب بن مالك : أوفى على سلع أي أشرف واطلع . ووافى فلان : أتى . وتوافى القوم : تتاموا . ووافيت فلانا بمكان كذا . ووفى الشيء : كثر ; ووفى ريش الجناح فهو واف ، وكل شيء بلغ تمام الكمال فقد وفى وتم ، وكذلك درهم واف ، يعني به أنه يزن مثقالا ، وكيل واف . ووفى الدرهم المثقال : عادله ، والوافي : درهم وأربعة دوانيق ، قال شمر : بلغني عن ابن عيينة أنه قال الوافي درهم ودانقان ، وقال غيره : هو الذي وفى مثقالا ، وقيل : درهم واف وفى بزنته لا زيادة فيه ولا نقص ، وكل ما تم من كلام وغيره فقد وفى ، وأوفيته أنا ; قال غيلان الربعي :


أوفيت الزرع وفوق الإيفاء

وعداه إلى مفعولين ، وهذا كما تقول : أعطيت الزرع ومنحته ، وقد تقدم الفرق بين التمام والوفاء . والوافي من الشعر : ما استوفى في الاستعمال عدة أجزائه في دائرته ، وقيل : هو كل جزء يمكن أن يدخله الزحاف فسلم منه . والوفاء : الطول ; يقال في الدعاء : مات فلان وأنت بوفاء أي بطول عمر ، تدعو له بذلك ; عن ابن الأعرابي .

وأوفى الرجل حقه ووفاه إياه بمعنى : أكمله له وأعطاه وافيا . وفي التنزيل العزيز : ووجد الله عنده فوفاه حسابه ; وتوفاه هو منه واستوفاه : لم يدع منه شيئا . ويقال : أوفيته حقه ووفيته أجره . ووفى الكيل وأوفاه : أتمه . وأوفى على الشيء وفيه : أشرف . وإنه لميفاء على الأشراف أي لا يزال يوفي عليها ، وكذلك الحمار . وعير ميفاء على الإكام إذا كان من عادته أن يوفي عليها ; وقال حميد الأرقط يصف الحمار :


عيران ميفاء على الرزون     حد الربيع أرن أرون
لا خطل الرجع ولا قرون     لاحق بطن بقرا سمين

ويروى : أحقب ميفاء ، والوفي من الأرض : الشرف يوفى عليه ; قال كثير :


وإن طويت من دونه الأرض وانبرى     لنكب الرياح وفيها وحفيرها

والميفى والميفاة ، مقصوران ، كذلك . التهذيب : والميفاة الموضع الذي يوفي فوقه البازي لإيناس الطير أو غيره ; قال رؤبة :


أتلغ ميفاء رءوس فوره

والميفى : طبق التنور . قال رجل من العرب لطباخه : خلب ميفاك حتى ينضج الرودق ، قال : خلب أي طبق ، والرودق : الشواء .

وقال أبو الخطاب : البيت الذي يطبخ فيه الآجر يقال له الميفى ; روي ذلك عن ابن شميل . وأوفى على الخمسين : زاد وكان الأصمعي ينكره ثم عرفه . والوفاة : المنية . والوفاة : الموت . وتوفي فلان وتوفاه الله إذا قبض نفسه ، وفي الصحاح : إذا قبض روحه ، وقال غيره : توفي الميت استيفاء مدته التي وفيت له وعدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا . وتوفيت المال منه واستوفيته إذا أخذته كله . وتوفيت عدد القوم إذا عددتهم كلهم ; وأنشدأبوعبيدة لمنظور الوبري :


إن بني الأدرد ليسوا من أحد     ولا توفاهم قريش في العدد

أي لا تجعلهم قريش تمام عددهم ولا تستوفي بهم عددهم ; ومن ذلك قوله - عز وجل - : الله يتوفى الأنفس حين موتها ; أي يستوفي مدد آجالهم في الدنيا ، وقيل : يستوفي تمام عددهم إلى يوم القيامة ، وأما توفي النائم فهو استيفاء وقت عقله وتمييزه إلى أن نام . وقال الزجاج في قوله : قل يتوفاكم ملك الموت ، قال : هو من توفية العدد ، تأويله أن يقبض أرواحكم أجمعين فلا ينقص واحد منكم ، كما تقول : قد استوفيت من فلان وتوفيت منه ما لي عليه ; تأويله أن لم يبق عليه شيء . وقوله - عز وجل - : حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم ; قال الزجاج : فيه ، والله أعلم ، وجهان : يكون حتى إذا جاءتهم ملائكة الموت يتوفونهم سألوهم عند المعاينة فيعترفون عند موتهم أنهم كانوا كافرين ، لأنهم قالوا لهم أين ما كنتم تدعون من دون الله ؟ قالوا : ضلوا عنا ، أي بطلوا وذهبوا ، ويجوز أن يكون ، والله أعلم ، حتى إذا جاءتهم ملائكة العذاب يتوفونهم فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على ضربين : أحدهما يتوفونهم عذابا ، وهذا كما تقول : قد قتلت فلانا بالعذاب وإن لم يمت ، ودليل هذا القول قوله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ; قال : ويجوز أن يكون [ ص: 254 ] يتوفون عدتهم ، وهو أضعف الوجهين ، والله أعلم ، وقد وافاه حمامه ; وقوله أنشده ابن جني :


ليت القيامة يوم توفي مصعب     قامت على مضر وحق قيامها

أراد : ووفي ، فأبدل الواو تاء كقولهم تالله وتولج وتوراة ، فيمن جعلها فوعلة . التهذيب : وأما الموافاة التي يكتبها كتاب دواوين الخراج في حساباتهم فهي مأخوذة من قولك أوفيته حقه ووفيته حقه ووافيته حقه ، كل ذلك بمعنى : أتممت له حقه ، قال : وقد جاء فاعلت بمعنى أفعلت وفعلت في حروف بمعنى واحد . يقال : جارية مناعمة ومنعمة ، وضاعفت الشيء وأضعفته وضعفته بمعنى ، وتعاهدت الشيء وتعهدته وباعدته وبعدته وأبعدته ، وقاربت الصبي وقربته ، وهو يعاطيني الشيء ويعطيني ; قال بشر بن أبي خازم :


كأن الأتحمية قام فيها     لحسن دلالها رشأ موافي

قال الباهلي : موافي مثل مفاجي ; وأنشد :


وكأنما وافاك يوم لقيتها     من وحش وجرة عاقد متربب

وقيل : موافي قد وافى جسمه جسم أمه أي صار مثلها . والوفاء : موضع ; قال ابن حلزة :


فالمحياة فالصفاح فأعنا     ق قنان فعاذب فالوفاء

وأوفى : اسم رجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية