صفحة جزء
ويل

ويل : ويل : كلمة مثل ويح إلا أنها كلمة عذاب . يقال : ويله وويلك وويلي ، وفي الندبة : ويلاه ; قال الأعشى :


قالت هريرة لما جئت زائرها ويلي عليك وويلي منك يا رجل

وقد تدخل عليه الهاء فيقال : ويلة ; قال مالك بن جعدة التغلبي :


لامك ويلة وعليك أخرى     فلا شاة تنيل ولا بعير


والويل : حلول الشر . والويلة : الفضيحة والبلية ، وقيل : هو تفجع ، وإذا قال القائل : واويلتاه ! فإنما يعني وافضيحتاه ، وكذلك تفسير قوله تعالى : يا ويلتنا مال هذا الكتاب ، قال : وقد تجمع العرب الويل بالويلات . وويله وويل له : أكثر له من ذكر الويل ، وهما يتوايلان . وويل هو : دعا بالويل لما نزل به ; قال النابغة الجعدي :


على موطن أغشي هوازن كلها     أخا الموت كظا رهبة وتويلا



وقالوا : له ويل وئل وويل وئيل ، همزوه على غير قياس ; قال ابن [ ص: 296 ] سيده : وأراها ليست بصحيحة . وويل وائل : على النسب والمبالغة لأنه لم يستعمل منه فعل ; قال ابن جني : امتنعوا من استعمال أفعال الويل والويس والويح والويب ; لأن القياس نفاه ومنع منه ، وذلك لأنه لو صرف الفعل من ذلك لوجب اعتلال فائه وعينه كوعد وباع ، فتحاموا استعماله لما كان يعقب من اجتماع إعلالين . قال ابن سيده : قال سيبويه ويل له وويلا له أي قبحا ، الرفع على الاسم والنصب على المصدر ، ولا فعل له ، وحكى ثعلب : ويل به ; وأنشد :


ويل بزيد فتى شيخ ألوذ به     فلا أعشي لدى زيد ولا أرد



أراد فلا أعشي إبلي ، وقيل : أراد فلا أتعشى . قال الجوهري : تقول ويل لزيد ، وويلا لزيد ، فالنصب على إضمار الفعل ، والرفع على الابتداء ، هذا إذا لم تضفه ، فأما إذا أضفت فليس إلا النصب لأنك لو رفعته لم يكن له خبر ; قال ابن بري : شاهد الرفع قوله - عز وجل - : ويل للمطففين ; وشاهد النصب قول جرير :


كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها     فويلا لتيم من سرابيلها الخضر


وفي حديث أبي هريرة : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول : يا ويله ، الويل : الحزن والهلاك والمشقة من العذاب ، وكل من وقع في هلكة دعا بالويل ، ومعنى النداء فيه يا حزني ، ويا هلاكي ، ويا عذابي احضر ، فهذا وقتك وأوانك ، فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من الأمر الفظيع ، وهو الندم على ترك السجود لآدم - عليه السلام - ، وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملا على المعنى ، وعدل عن حكاية قول إبليس : يا ويلي كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه ، قال : وقد يرد الويل بمعنى التعجب . ابن سيده : وويل كلمة عذاب . غيره : وفي التنزيل العزيز : ويل للمطففين و ويل لكل همزة ; قال أبو إسحاق : ويل رفع بالابتداء والخبر للمطففين ، قال : ولو كانت في غير القرآن لجاز ويلا على معنى جعل الله لهم ويلا ، والرفع أجود في القرآن والكلام ; لأن المعنى قد ثبت لهم هذا . والويل : كلمة تقال لكل من وقع في عذاب أو هلكة ، قال : وأصل الويل في اللغة العذاب والهلاك . والويل : الهلاك يدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها ، تقول : ويل لزيد ، ومنه : ويل للمطففين ، فإن وقع في هلكة لم يستحقها قلت : ويح لزيد ، يكون فيه معنى الترحم ; ومنه قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية ! وويل : واد في جهنم ، وقيل : باب من أبوابها . وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره قبل أن تبلغ قعره ، والصعود : جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي كذلك ، وقال سيبويه في قوله تعالى : ويل للمطففين ; ويل للمكذبين قال : لا ينبغي أن يقال ويل دعاء ها هنا لأنه قبيح في اللفظ ولكن العباد كلموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم على مقدار فهمهم ، فكأنه قيل لهم : ويل للمكذبين أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم ; ومثله : قاتلهم الله ، أجري هذا على كلام العرب ، وبه نزل القرآن . قال المازني : حفظت عن الأصمعي : الويل قبوح ، والويح ترحم ، والويس تصغيرهما أي هي دونهما . وقال أبو زيد : الويل هلكة ، والويح قبوح ، والويس ترحم . وقال سيبويه : الويل يقال لمن وقع في هلكة ، والويح زجر لمن أشرف على هلكة ، ولم يذكر في الويس شيئا . ويقال : ويلا له وائلا ، كقولك شغلا شاغلا ; قال رؤبة :


والهام يدعو البوم ويلا وائلا



قال ابن بري : وإذا قال الإنسان يا ويلاه قلت قد تويل ; قال الشاعر :


تويل إن مددت يدي وكانت     يميني لا تعلل بالقليل



وإذا قالت المرأة : واويلها ، قلت ولولت ; لأن ذلك يتحول إلى حكايات الصوت ; قال رؤبة :


كأنما عولته من التأق     عولة ثكلى ولولت بعد المأق



وروى المنذري عن أبي طالب النحوي أنه قال : قولهم ويله كان أصلها وي وصلت بله ، ومعنى وي حزن ، ومنه قولهم وايه ، معناه حزن أخرج مخرج الندبة ، قال : والعول البكاء في قوله ويله وعوله ، ونصبا على الذم والدعاء ، وقال ابن الأنباري : ويل الشيطان وعوله ، في الويل ثلاثة أقوال : قال ابن مسعود الويل واد في جهنم ، وقال الكلبي الويل شدة من العذاب ، وقال الفراء الأصل وي للشيطان أي حزن للشيطان من قولهم وي لم فعلت كذا وكذا ، قال : وفي قولهم ويل الشيطان ستة أوجه : ويل الشيطان ، بفتح اللام ، وويل ، بالكسر ، وويل ، بالضم ، وويلا وويل وويل ، فمن قال ويل الشيطان قال : وي معناه حزن للشيطان ، فانكسرت اللام لأنها لام خفض ، ومن قال ويل الشيطان قال : أصل اللام الكسر ، فلما كثر استعمالها مع وي صار معها حرفا واحدا فاختاروا لها الفتحة ، كما قالوا يال ضبة ، ففتحوا اللام ، وهي في الأصل لام خفض ; لأن الاستعمال فيها كثر مع يا فجعلا حرفا واحدا ; وقال بعض شعراء هذيل :


فويل ببز جر شعل على الحصى     فوقر ما بز هنالك ضائع



شعل : لقب تأبط شرا ، وكان تأبط قصيرا فلبس سيفه فجره على الحصى ، فوقره : جعل فيه وقرة أي فلولا ، قال : ويل ببز فتعجب منه . قال ابن بري : ويقال ويبك بمعنى ويلك ; قال المخبل :


يا زبرقان أخا بني خلف     ما أنت ويب أبيك والفخر



قال : ويقال معنى ويب التصغير والتحقير بمعنى ويس . وقال اليزيدي : ويح لزيد ، بمعنى ويل لزيد ; قال ابن بري : ويقويه عندي قول سيبويه تبا له وويحا وويح له وتب ! وليس فيه معنى الترحم ; لأن التب الخسار . ورجل ويلمه وويلمه : كقولهم في المستجاد ويلمه ، يريدون ويل أمه ، كما يقولون لاب لك ، يريدون : لا أب لك ، فركبوه وجعلوه كالشيء الواحد ; ابن جني : هذا خارج عن الحكاية ، أي يقال له من دهائه ويلمه ، ثم ألحقت الهاء للمبالغة كداهية . وفي الحديث في قوله لأبي بصير : ويلمه مسعر حرب ، تعجبا من شجاعته وجرأته وإقدامه ; ومنه حديث علي : ويلمه كيلا بغير ثمن لو أن له [ ص: 297 ] وعا أي يكيل العلوم الجمة بلا عوض إلا أنه لا يصادف واعيا ، وقيل : وي كلمة مفردة ولأمه مفردة ، وهي كلمة تفجع وتعجب وحذفت الهمزة ، من أمه تخفيفا ، وألقيت حركتها على اللام ، وينصب ما بعدها على التمييز ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية