صفحة جزء
يأس

يأس : اليأس : القنوط ، وقيل : اليأس نقيض الرجاء ، يئس من الشيء ييأس وييئس ; نادر عن سيبويه ، ويئس ويؤس عنه أيضا ، وهو شاذ ، قال : وإنما حذفوا كراهية الكسرة مع الياء وهو قليل ، والمصدر اليأس واليآسة واليأس ، وقد استيأس وأيأسته وإنه ليائس ويئس ويئوس ويؤس ، والجمع يئوس . قال ابن سيده في خطبة كتابه : وأما يئس وأيس فالأخيرة مقلوبة عن الأوس لأنه لا مصدر لأيس ، ولا يحتج بإياس اسم رجل ، فإنه فعال من الأوس وهو العطاء ، كما يسمى الرجل عطية الله ، وهبة الله ، والفضل . قال أبو زيد : علياء مضر تقول يحسب وينعم وييئس ، وسفلاها ، بالفتح . قال سيبويه : وهذا عند أصحابنا إنما يجيء على لغتين ، يعني يئس ييأس ويأس ييئس لغتان ثم يركب منهما لغة ، وأما ومق يمق ووفق يفق وورم يرم وولي يلي ووثق يثق وورث يرث فلا يجوز فيهن إلا الكسر لغة واحدة . وآيسه فلان من كذا فاستيأس منه بمعنى أيس واتأس أيضا ، وهو افتعل فأدغم مثل اتعد . وفي حديث أم معبد : لا يأس من طول أي أنه لا يؤيس من طوله لأنه كان إلى الطول أقرب منه إلى القصر . واليأس : ضد الرجاء ، وهو في الحديث اسم نكرة مفتوح بلا النافية ، ورواه ابن الأنباري في كتابه : لا يائس من طول ، فقال : معناه لا يؤيس من أجل طوله أي لا يأيس مطاوله منه لإفراط طوله ، فيائس بمعنى ميئوس كماء دافق بمعنى مدفوق . واليأس من السل ; لأن صاحبه ميئوس منه . ويئس ييئس وييأس : علم مثل حسب يحسب ويحسب : قال [ ص: 306 ] سحيم بن وثيل اليربوعي ، وذكر بعض العلماء أنه لولده جابر بن سحيم بدليل قوله فيه : أني ابن فارس زهدم ، وزهدم فرس سحيم :


أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم



يقول : ألم تعلموا ، وقوله ييسرونني من أيسار الجزور أي يجتزرونني ويقتسمونني ، ويروى يأسرونني من الأسر ، وأما قوله إذ ييسرونني فإنما ذكر ذلك لأنه كان وقع عليه سباء فضربوا عليه بالميسر يتحاسبون على قسمة فدائه ، وزهدم اسم فرس ، وروي : أني ابن قاتل زهدم ، وهو رجل من عبس ، فعلى هذا يصح أن يكون الشعر لسحيم ; وروي هذا البيت أيضا في قصيدة أخرى على هذا الروي وهو :


أقول لأهل الشعب إذ ييسرونني     ألم تيأسوا أني ابن فارس لازم ؟
وصاحب أصحاب الكنيف كأنما     سقاهم بكفيه سمام الأراقم

وعلى هذه الرواية أيضا يكون الشعر له دون ولده لعدم ذكر زهدم في البيت . وقال القاسم بن معن : يئست بمعنى علمت لغة هوازن ، وقال الكلبي : هي لغة وهبيل حي من النخع ، وهم رهط شريك ، وفي الصحاح في لغة النخع . وفي التنزيل العزيز : أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ; أي أفلم يعلم ، وقال أهل اللغة : معناه أفلم يعلم الذين آمنوا علما يئسوا معه أن يكون غير ما علموه ؟ وقيل معناه : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله بأنهم لا يؤمنون ؟ قال أبو عبيد : كان ابن عباس يقرأ : ( أفلم يتبين الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ) ; قال ابن عباس : كتب الكاتب أفلم ييأس الذين آمنوا ، وهو ناعس ، وقال المفسرون : هو في المعنى على تفسيرهم إلا أن الله تبارك وتعالى قد أوقع إلى المؤمنين أنه لو شاء لهدى الناس جميعا ، فقال : أفلم ييأسوا علما ، يقول يؤيسهم العلم فكان فيه العلم مضمرا كما تقول في الكلام : قد يئست منك أن لا تفلح ، كأنك قلت : قد علمته علما . وروي عن ابن عباس أنه قال : ييأس بمعنى علم لغة للنخع ، قال : ولم نجدها في العربية إلا على ما فسرت ، وقال أبو إسحاق : القول عندي في قوله : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله بأنهم لا يؤمنون لأنه قال : لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ، ولغة أخرى : أيس يأيس وآيسته أي أيأسته ، وهو اليأس والإياس ، وكان في الأصل الإيياس بوزن الإيعاس . ويقال : استيأس بمعنى يئس ، والقرآن نزل بلغة من قرأ يئس ، وقد روى بعضهم عن ابن كثير أنه قرأ فلا تايسوا ، بلا همز ، وقال الكسائي : سمعت غير قبيلة يقولون أيس يايس ، بغير همز . وإلياس : اسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية