صفحة جزء
[ ثرد ]

ثرد : الثريد معروف . والثرد : الهشم ; ومنه قيل لما يهشم من الخبز ويبل بماء القدر وغيره : ثريدة . والثرد : الفت ، ثرده يثرده ثردا ، فهو ثريد . وثردت الخبز ثردا : كسرته فهو ثريد ومثرود ، والاسم الثردة - بالضم - . والثريد والثرودة : ما ثرد من الخبز . واثرد ثريدا واترده : اتخذه . وهو مترد ، قلبت الثاء تاء ; لأن الثاء أخت التاء في الهمس ، فلما تجاورتا في المخرج أرادوا أن يكون العمل من وجه فقلبوها تاء وأدغموها في التاء بعدها ; ليكون الصوت نوعا واحدا ، كأنهم لما أسكنوا تاء وتد تخفيفا أبدلوها إلى لفظ الدال بعدها فقالوا ود . غيره : اثردت الخبز أصله اثتردت على افتعلت ، فلما اجتمع حرفان مخرجاهما متقاربان في كلمة واحدة وجب الإدغام ، إلا أن الثاء لما كانت مهموسة والتاء مجهورة لم يصح ذلك ، فأبدلوا من الأول تاء فأدغموه في مثله ، وناس من العرب يبدلون من التاء ثاء فيقولون : اثردت ، فيكون الحرف الأصلي هو الظاهر ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


ألا يا خبز يا ابنة يثردان أبى الحلقوم بعدك لا ينام     وبرق للعصيدة لاح وهنا
[ ص: 14 ] كما شققت في القدر السناما

قال : يثردان غلامان كانا يثردان فنسب الخبزة إليهما ولكنه نون وصرف للضرورة ، والوجه في مثل هذا أن يحكى ; ورواه الفراء أثردان فعلى هذا ليس بفعل سمي به إنما هو اسم كأسحلان وألعبان ; فحكمه أن ينصرف في النكرة ولا ينصرف في المعرفة ; قال ابن سيده : وأظن أثردان اسما للثريد أو المثرود معرفة ، فإذا كان كذلك فحكمه أن لا ينصرف لكن صرفه للضرورة ، وأراد أبى صاحب الحلقوم بعدك لا ينام ; لأن الحلقوم ليس هو وحده النائم ، وقد يجوز أن يكون خص الحلقوم هاهنا ; لأن ممر الطعام إنما هو عليه ، فكأنه لما فقده حن إليه فلا يكون فيه على هذا القول حذف . وقوله : وبرق للعصيدة لاح وهنا ، إنما عنى بذلك شدة ابيضاض العصيدة ، فكأنما هي برق ، وإن شئت قلت : إنه كان جوعان متطلعا إلى العصيدة كتطلع المجدب إلى البرق ، أو كتطلع العاشق إليه إذا آتاه من ناحية محبوبه . وقوله : كما شققت في القدر السناما ، يريد أن تلك العصيدة بيضاء تلوح كما يلوح السنام إذا شقق ، يعني بالسنام الشحم إذ هو كله شحم . ويقال : أكلنا ثريدة دسمة - بالهاء - على معنى الاسم أو القطعة من الثريد . وفي الحديث : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ; قيل : لم يرد عين الثريد وإنما أراد الطعام المتخذ من اللحم والثريد معا ; لأن الثريد غالبا لا يكون إلا من لحم ، والعرب قلما تتخذ طبيخا ولا سيما بلحم . ويقال : الثريد أحد اللحمين بل اللذة والقوة إذا كان اللحم نضيجا في المرق أكثر ما يكون في نفس اللحم . والتثريد في الذبح : هو الكسر قبل أن يبرد وهو منهي عنه . وثرد الذبيحة : قتلها من غير أن يفري أوداجها ; قال ابن سيده : وأرى ثرده لغة . وقال ابن الأعرابي : المثرد الذي لا تكون حديدته حادة فهو يفسخ اللحم ; وفي الحديث : سئل ابن عباس عن الذبيحة بالعود فقال : ما أفرى الأوداج غير المثرد ، فكل . المثرد : الذي يقتل بغير ذكاة . يقال : ثردت ذبيحتك . وقيل : التثريد أن يذبح الذبيحة بشيء لا ينهر الدم ولا يسيله فهذا المثرد . وما أفرى الأوداج من حديد أو ليطة أو طرير أو عود له حد ، فهو ذكي غير مثرد ، ويروى غير مثرد بفتح الراء ، على المفعول ، والرواية كل : أمر بالأكل وقد ردها أبو عبيد وغيره . وقالوا : إنما هي كل ما أفرى الأوداج أي كل شيء أفرى ، والفري القطع . وفي حديث سعيد : وسئل عن بعير نحروه بعود فقال : إن كان مار مورا فكلوه ، وإن ثرد فلا . وقيل : المثرد الذي يذبح ذبيحته بحجر أو عظم أو ما أشبه ذلك ، وقد نهي عنه ، والمثراد : اسم ذلك الحجر ; قال :


فلا تدموا الكلب بالمثراد

ابن الأعرابي : ثرد الرجل إذا حمل من المعركة مرتثا . وثوب مثرود أي مغموس في الصبغ ; وفي حديث عائشة - رضي الله عنها : فأخذت خمارا لها قد ثردته بزعفران أي صبغته ; وثوب مثرود . والثرد - بالتحريك - : تشقق في الشفتين . والثرد : المطر الضعيف ، عن ابن الأعرابي ; قال : وقيل لأعرابي : ما مطر أرضك ؟ قال : مرككة فيها ضروس ، وثرد يذر بقله ولا يقرح أصله ; الضروس : سحائب متفرقة وغيوث يفرق بينها ركاك ، وقال مرة : هي الجود ويذر : يطلع ويظهر ، وذلك أنه يذر من أدنى مطر وإنما يذر من مطر قدر وضح الكف . ولا يقرح البقل إلا من قدر الذراع من المطر فما زاد ، وتقريحه نبات أصله ، وهو ظهور عوده . والثريد القمحان ، عن أبي حنيفة ، يعني الذي يعلو الخمر كأنه ذريرة . واثرندى الرجل : كثر لحم صدره .

التالي السابق


الخدمات العلمية