صفحة جزء
( حبر ) الحاء والباء والراء أصل واحد منقاس مطرد ، وهو الأثر في حسن وبهاء . فالحبار : الأثر . قال الشاعر يصف فرسا :


ولم يقلب أرضها البيطار ولا لحبليه بها حبار

ثم يتشعب هذا فيقال للذي يكتب به حبر ، وللذي يكتب بالحبر حبر وحبر ، وهو العالم ، وجمعه أحبار . والحبر : الجمال والبهاء . ويقال ذو حبر وسبر . وفي الحديث : " يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره " . وقال ابن أحمر :


لبسنا حبره حتى اقتضينا     لأعمال وآجال قضينا

والمحبر : الشيء المزين . وكان يقال لطفيل الغنوي محبر ; لأنه كان يحبر الشعر ويزينه .

وقد يجيء في غير الحسن أيضا قياسا . فيقولون حبر الرجل ، إذا كان بجلده قروح فبرئت وبقيت لها آثار . والحبر : صفرة تعلو الأسنان . وثوب حبير من الباب الأول : جديد حسن . والحبرة : الفرح . قال الله تعالى : فهم في روضة يحبرون ، ويقال قدح محبر ، أجيد بريه . وأرض محبار : سريعة النبات . والحبير من السحاب : الكثير الماء .

ومما شذ عن الباب قولهم : ما فيه حبربر ، أي شيء . والحبارى : طائر ويقولون : " مات فلان كمد الحبارى " وذلك أنها تلقي ريشها مع إلقاء سائر الطير ريشه ، ويبطئ نبات ريشها . فإذا طار الطير ولم تقدر هي على الطيران ماتت كمدا . قال :

[ ص: 128 ]

وزيد ميت كمد الحبارى     إذا ظعنت هنيدة أو ملم

أي مقارب . وقال الراعي في الحبارى :


حلفت لهم لا يحسبون شتيمتي     بعيني حبارى في حبالة معزب
رأت رجلا يسعى إليها فحملقت     إليه بمأقي عينها المتقلب
تنوش برجليها وقد بل ريشها     رشاش كغسل الوفرة . . .

المعزب : الصائد ; لأنه لا يأوي إلى أهله . وحملقت : قلبت حملاق عينها . والمعنى أن شتمكم إياي لا يذهب باطلا ، فأكون بمنزلة الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحبالة إلا تقليب عينها . وهي من أذل الطير . وتنوش برجليها : تضرب بهما . والغسل : الخطمي . يريد سلحت على ريشها . ومثله قول الكميت :


وعيد الحبارى من بعيد تنفشت     لأزرق معلول الأظافير بالخضب

التالي السابق


الخدمات العلمية