صفحة جزء
( خضر ) الخاء والضاد والراء أصل واحد مستقيم ، ومحمول عليه . فالخضرة من الألوان معروفة . والخضراء : السماء ، للونها ، كما سميت الأرض الغبراء . وكتيبة خضراء ، إذا كانت عليتها سواد الحديد ، وذلك أن كل ما خالف البياض فهو في حيز السواد ; فلذلك تداخلت هذه الصفات ، فيسمى الأسود أخضر . قال الله تعالى في صفة الجنتين : مدهامتان أي سوداوان . وهذا من الخضرة ; وذلك أن النبات الناعم الريان يرى لشدة خضرته من بعد أسود . ولذلك سمي سواد العراق لكثرة شجره . والخضر : قوم سموا بذلك لسواد ألوانهم . والخضرة في شيات الخيل : الغبرة تخالطها دهمة . فأما قوله :


وأنا الأخضر من يعرفني أخضر الجلدة في بيت العرب

فإنه يقول : أنا خالص; لأن ألوان العرب سمرة . فأما الحديث : " إياكم وخضراء الدمن " فإن تلك المرأة الحسناء في منبت سوء ، كأنها شجرة ناضرة في دمنة بعر . والمخاضرة : بيع الثمار قبل بدو صلاحها ; وهو منهي عنه . وأما قولهم : " خضر المزاد " فيقال إنها التي بقيت فيها بقايا ماء فاخضرت من القدم ، ويقال بل خضر المزاد الكروش .

[ ص: 196 ] ويقال إن الخضار البقل الأول .

فأما قوله : " ذهب دمه خضرا " ، إذا طل . فأحسبه من الباب . يقول : ذهب دمه طريا كالنبات الأخضر ، الذي إذا قطع لم ينتفع به بعد ذلك وبطل وذبل .

فأما قولهم إن الخضار اللبن الذي أكثر ماؤه ، فصحيح ، وهو من الباب ; لأنه إذا كان كذا غلب الماء ، والماء يسمى الأسمر . وقد قلنا إنهم يسمون الأسود أخضر ، ولذلك يسمى البحر خضارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية