صفحة جزء
( خلف ) الخاء واللام والفاء أصول ثلاثة : أحدها أن يجيء شيء بعد شيء يقوم مقامه ، والثاني خلاف قدام ، والثالث التغير .

فالأول الخلف . والخلف : ما جاء بعد . ويقولون : هو خلف صدق من أبيه . وخلف سوء من أبيه . فإذا لم يذكروا صدقا ولا سوءا قالوا للجيد خلف وللردي خلف . قال الله تعالى : فخلف من بعدهم خلف . والخليفى : الخلافة ، وإنما سميت خلافة لأن الثاني يجيء بعد الأول قائما مقامه . وتقول : قعدت خلاف فلان ، أي بعده . والخوالف في قوله تعالى : رضوا بأن يكونوا مع الخوالف [ ص: 211 ] هن النساء ، لأن الرجال يغيبون في حروبهم ومغاوراتهم وتجاراتهم وهن يخلفنهم في البيوت والمنازل . ولذلك يقال : الحي خلوف ، إذا كان الرجال غيبا والنساء مقيمات . ويقولون في الدعاء : " خلف الله عليك " أي كان الله تعالى الخليفة عليك لمن فقدت من أب أو حميم . و " أخلف الله لك " أي عوضك من الشيء الذاهب ما يكون يقوم بعده ويخلفه . والخلفة : نبت ينبت بعد الهشيم . وخلفة الشجر : ثمر يخرج بعد الثمر . قال :


ولها بالماطرون إذا أكل النمل الذي جمعا     خلفة حتى إذا ارتبعت
سكنت من جلق بيعا

وقال زهير فيما يصحح جميع ما ذكرناه :


بها العين والآرام يمشين خلفة     وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم

يقول : إذا مرت هذه خلفتها هذه .

ومن الباب الخلف ، وهو الاستقاء ، لأن المستقيين يتخالفان ، هذا بعد ذا ، وذاك بعد هذا . قال في الخلف :

[ ص: 212 ]

لزغب كأولاد القطا راث خلفها     على عاجزات النهض حمر حواصله

يقال : أخلف ، إذا استقى .

والأصل الآخر خلف ، وهو غير قدام . يقال : هذا خلفي ، وهذا قدامي . وهذا مشهور . وقال لبيد :


فغدت كلا الفرجين تحسب أنه     مولى المخافة خلفها وأمامها

ومن الباب الخلف ، الواحد من أخلاف الضرع . وسمي بذلك لأنه يكون خلف ما بعده .

وأما الثالث فقولهم خلف فوه ، إذا تغير ، وأخلف . وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " . ومنه قول ابن أحمر :


بان الشباب وأخلف العمر     وتنكر الإخوان والدهر

ومنه الخلاف في الوعد . وخلف الرجل عن خلق أبيه : تغير . ويقال الخليف : الثوب يبلى وسطه فيخرج البالي منه ثم يلفق ، فيقال خلفت الثوب أخلفه . وهذا قياس في هذا وفي الباب الأول .

ويقال وعدني فأخلفته ، أي وجدته قد أخلفني . قال الأعشى :

[ ص: 213 ]

أثوى وقصر ليله ليزودا     فمضى وأخلف من قتيلة موعدا

فأما قوله :


دلواي خلفان وساقياهما

فمن أن هذي تخلف هذي . وأما قولهم : اختلف الناس في كذا ، والناس خلفة أي مختلفون ، فمن الباب الأول ; لأن كل واحد منهم ينحي قول صاحبه ، ويقيم نفسه مقام الذي نحاه . وأما قولهم للناقة الحامل خلفة فيجوز أن يكون شاذا عن الأصل ، ويجوز أن يلطف له فيقال إنها تأتي بولد ، والولد خلف . وهو بعيد . وجمع الخلفة المخاض ، وهن الحوامل .

ومن الشاذ عن الأصول الثلاثة : الخليف ، وهو الطريق بين الجبلين . فأما الخالفة من عمد البيت ، فلعله أن يكون في مؤخر البيت ، فهو من باب الخلف والقدام . ولذلك يقولون : فلان خالفة أهل بيته ، إذا كان غير مقدم فيهم .

ومن باب التغير والفساد البعير الأخلف ، وهو الذي يمشي في شق ، من داء يعتريه .

التالي السابق


الخدمات العلمية