صفحة جزء
( درى ) الدال والراء والحرف المعتل والمهموز . أما الذي ليس بمهموز فأصلان : أحدهما قصد الشيء واعتماده طلبا ، والآخر حدة تكون في الشيء . وأما المهموز فأصل واحد ، وهو دفع الشيء .

فالأول قولهم : ادرى بنو فلان مكان كذا ، أي اعتمدوه بغزو أو غارة قال :


أتتنا عامر من أرض رام معلقة الكنائن تدرينا

والدرية : الدابة التي يستتر بها الذي يرمي الصيد ليصيده . يقال منه : دريت وادريت . قال الأخطل :

[ ص: 272 ]

وإن كنت قد أقصدتني إذ رميتني     بسهمك والرامي يصيد ولا يدري

قال ابن الأعرابي : تدريت الصيد ، إذا نظرت أين هو ولم تره بعد . ودريته : ختلته .

فأما قوله : تدريت أي تعلمت لدريته أين هو ، والقياس واحد . يقال : دريت الشيء ، والله تعالى أدرانيه . قال الله تعالى : قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به ، وفلان حسن الدرية ، كقولك : حسن الفطنة .

والأصل الآخر قولهم للذي يسرح به الشعر ويدرى : مدرى; لأنه محدد . ويقال شاة مدراة : حديدة القرنين . ويقال تدرت المرأة ، إذا سرحت شعرها . ويقال : إن المدريين طبيا الشاة . وقد يستعمل في أخلاف الناقة . قال حميد :


تجود بمدريين

وإنما صارا مدريين لأنهما إذا امتلآ تحدد طرفاهما .

وأما المهموز قولهم درأت الشيء : دفعته . قال الله تعالى : ويدرأ عنها العذاب . قال :

[ ص: 273 ]

تقول إذا درأت لها وضيني     أهذا دينه أبدا وديني

ومن الباب الدريئة : الحلقة التي يتعلم عليها الطعن . قال عمرو :


ظللت كأني للرماح دريئة     أقاتل عن أبناء جرم وفرت

، يقال : جاء السيل درءا ، إذا جاء من بلد بعيد . وفلان ذو تدرإ ، أي قوي على دفع أعدائه عن نفسه . قال :


وقد كنت في الحرب ذا تدرإ     فلم أعط شيئا ولم أمنع

، ودرأ فلان ، إذا طلع مفاجأة ، وهو من الباب ، كأنه اندرأ بنفسه ، أي اندفع . ومنه دارأت فلانا ، إذا دافعته . وإذا لينت الهمزة كان بمعنى الختل ، والخداع ، ويرجع إلى الأصل الأول الذي ذكرناه في دريت وادريت . قال :


فماذا يدري الشعراء مني     وقد جاوزت حد الأربعين

فأما الدرء ، الذي هو الاعوجاج; فمن قياس الدفع; لأنه إذا اعوج اندفع [ ص: 274 ] من حد الاستواء إلى الاعوجاج . وطريق ذو درء ، أي كسور وجرفة ، وهو من ذلك . ويقال : أقمت من درئه ، إذا قومته . قال :


وكنا إذا الجبار صعر خده     أقمنا له من درئه فتقوما

ويقولون : درأ البعير ، إذا ورم ظهره . فإن كان صحيحا فهو من الباب; لأنه يندفع إذا ورم . ومن الباب : أدرأت الناقة فهي مدرئ ، وذلك إذا أرخت ضرعها عند النتاج .

التالي السابق


الخدمات العلمية