صفحة جزء
( دين ) الدال والياء والنون أصل واحد إليه يرجع فروعه كلها . وهو جنس من الانقياد ، والذل . فالدين : الطاعة ، يقال دان له يدين دينا ، إذا أصحب وانقاد وطاع . وقوم دين ، أي مطيعون منقادون . قال الشاعر :


وكان الناس إلا نحن دينا

والمدينة كأنها مفعلة ، سميت بذلك لأنها تقام فيها طاعة ذوي الأمر . والمدينة : الأمة . والعبد مدين ، كأنهما أذلهما العمل . وقال :


ربت وربا في حجرها ابن مدينة     يظل على مسحاته يتركل

فأما قول القائل :


يا دين قلبك من سلمى وقد دينا

فمعناه : يا هذا دين قلبك ، أي أذل . فأما قولهم إن العادة يقال لها دين ، فإن كان صحيحا فلأن النفس إذا اعتادت شيئا مرت معه وانقادت له . وينشدون في هذا :


كدينك من أم الحويرث قبلها     وجارتها أم الرباب بمأسل

والرواية " كدأبك " ، والمعنى قريب .

فأما قوله جل ثناؤه : ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك ، فيقال : في طاعته ، ويقال في حكمه . ومنه : مالك يوم الدين ، أي يوم الحكم . وقال [ ص: 320 ] قوم : الحساب والجزاء . وأي ذلك كان فهو أمر ينقاد له . وقال أبو زيد : دين الرجل يدان ، إذا حمل عليه ما يكره .

ومن هذا الباب الدين . يقال داينت فلانا ، إذا عاملته دينا ، إما أخذا وإما إعطاء . قال :

داينت أروى والديون تقضى     فمطلت بعضا وأدت بعضا

ويقال : دنت وادنت ، إذا أخذت بدين . وأدنت أقرضت وأعطيت دينا . قال :


أدان وأنبأه الأولون     بأن المدان ملي وفي

، والدين من قياس الباب المطرد ، لأن فيه كل الذل والذل . ولذلك يقولون " الدين ذل بالنهار ، وغم بالليل " . فأما قول القائل :


يا دار سلمى خلاء لا أكلفها     إلا المرانة حتى تعرف الدينا

فإن الأصمعي قال : المرانة اسم ناقته ، وكانت تعرف ذلك الطريق ، فلذلك قال : لا أكلفها إلا المرانة . حتى تعرف الدين : أي الحال والأمر الذي تعهده . فأراد لا أكلف بلوغ هذه الدار إلا ناقتي .

والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية