صفحة جزء
( رم ) الراء والميم أربعة أصول ، أصلان متضادان : أحدهما [ لم ] الشيء وإصلاحه ، والآخر بلاؤه . وأصلان متضادان : أحدهما السكوت ، والآخر خلافه .

فأما الأول من الأصلين الأولين ، فالرم : إصلاح الشيء . تقول : رممته أرمه . ومن الباب : أرم البعير وغيره ، إذا سمن ، يرم إرماما . وهو قوله :


هجاهن لما أن أرمت عظامه ولو عاش في الأعراب مات هزالا

[ ص: 379 ] وكان أبو زيد يقول : المرم : الناقة التي بها شيء من نقي ، وهو الرم . ومن الباب الرم ، وهو الثرى; وذلك أن بعضه ينضم إلى بعض ، يقولون : " له الطم والرم " . فالطم البحر ، والرم : الثرى .

والأصل الآخر من الأصلين الأولين قولهم : رم الشيء ، إذا بلي . والرميم : العظام البالية . قال الله تعالى : قال من يحيي العظام وهي رميم . وكذا الرمة . ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستنجاء بالروث والرمة .

والرمة : الحبل البالي . قال ذو الرمة :


أشعث باقي رمة التقليد

ومن ذلك قولهم : ادفعه إليه برمته . ويقال أصله أن رجلا باع آخر بعيرا بحبل في عنقه ، فقيل له : ادفعه إليه برمته . وكثر ذلك في الكلام فقيل لكل من دفع إلى آخر شيئا بكماله : دفعه إليه برمته ، أي كله . قالوا : وهذا المعنى أراد الأعشى بقوله للخمار :


فقلت له هذه هاتها     بأدماء في حبل مقتادها

يقول : بعني هذه الخمر بناقة برمتها . ومن الباب قولهم : الشاة ترم الحشيش من الأرض بمرمتها . وفي الحديث ذكر البقر " أنها ترم من كل شجر " .

وأما الأصلان الآخران فالأول منهما من الإرمام ، وهو السكوت ، يقال : أرم إرماما . والآخر قولهم : ما ترمرم ، أي ما حرك فاه بالكلام . وهو قول أوس :

[ ص: 380 ]

ومستعجب مما يرى من أناتنا     ولو زبنته الحرب لم يترمرم

فأما قولهم : " ما عن ذلك الأمر حم ولا رم " فإن معناه : ليس يحول دونه شيء وليس الرم أصلا في هذا ، لأنه كالإتباع . ويقولون - إن كان صحيحا - نعجة رماء ، أي بيضاء; وهو شاذ عن الأصول التي ذكرناها .

التالي السابق


الخدمات العلمية