صفحة جزء
( رب ) الراء والباء يدل على أصول . فالأول إصلاح الشيء والقيام عليه . فالرب : المالك ، والخالق ، والصاحب . والرب : المصلح للشيء . يقال رب فلان ضيعته ، إذا قام على إصلاحها . وهذا سقاء مربوب بالرب . والرب [ ص: 382 ] للعنب وغيره; لأنه يرب به الشيء . وفرس مربوب . قال سلامة :


ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل يسقى دواء قفي السكن مربوب

والرب : المصلح للشيء . والله جل ثناؤه الرب; لأنه مصلح أحوال خلقه . والربي : العارف بالرب . ورببت الصبي أربه ، ورببته أرببه . والربيبة الحاضنة . وربيب الرجل : ابن امرأته . والراب : الذي يقوم على أمر الربيب . وفي الحديث : " يكره أن يتزوج الرجل امرأة رابه " .

والأصل الآخر لزوم الشيء والإقامة عليه ، وهو مناسب للأصل الأول . يقال أربت السحابة بهذه البلدة ، إذا دامت . وأرض مرب : لا يزال بها مطر; ولذلك سمي السحاب ربابا . ويقال الرباب السحاب المتعلق دون السحاب . يكون أبيض ويكون أسود ، الواحدة ربابة .

ومن الباب الشاة الربى : التي تحتبس في البيت للبن ، فقد أربت ، إذا لازمت البيت . ويقال هي التي وضعت حديثا . فإن كان كذا فهي التي تربي ولدها . وهو من الباب الأول . ويقال الإرباب : الدنو من الشيء . ويقال أربت الناقة ، إذا لزمت الفحل وأحبته ، وهي مرب .

والأصل الثالث : ضم الشيء للشيء ، وهو أيضا مناسب لما قبله ، ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياسا واحدا . يقال للخرقة التي يجعل فيها القداح ربابة . قال الهذلي :

[ ص: 383 ]

وكأنهن ربابة وكأنه     يسر يفيض على القداح ويصدع

ومن هذا الباب الربابة ، وهو العهد . يقال : للمعاهدين أربة . قال :


كانت أربتهم بهز وغرهم     عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا

وسمي العهد ربابة لأنه يجمع ويؤلف . فأما قول علقمة :


وكنت أمرأ أفضت إليك ربابتي     وقبلك ربتني فضعت ربوب

فإن الربابة ، العهد الذي ذكرناه . وأما الربوب فجمع رب ، وهو الباب الأول . وحدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد قال : الرباب : العشور . قال أبو ذؤيب :


توصل بالركبان حينا وتؤلف ال     جوار وتغشيها الأمان ربابها

وممكن أن يكون هذا إنما سمي ربابا لأنه إذا أخذ فهو يصير كالعهد .

‌ومما يشذ عن هذه الأصول : الربرب : القطيع من بقر الوحش . وقد يجوز أن يضم إلى الباب الثالث فيقال إنما سمي ربربا لتجمعه ، كما قلنا في اشتقاق الربابة .

ومن الباب الثالث الربب ، وهو الماء الكثير ، سمي بذلك لاجتماعه . قال :


والبرة السمراء والماء الربب

[ ص: 384 ] فأما رب فكلمة تستعمل في الكلام لتقليل الشيء ، تقول : رب رجل جاءني . ولا يعرف لها اشتقاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية