صفحة جزء
( أوب ) الهمزة والواو والباء أصل واحد ، وهو الرجوع ، ثم يشتق منه ما يبعد في السمع قليلا ، والأصل واحد . قال الخليل : آب فلان إلى سيفه ، أي : رد يده ليستله . والأوب : ترجيع الأيدي والقوائم في السير . قال كعب بن زهير :


كأن أوب ذراعيها وقد عرقت وقد تلفع بالقور العساقيل     أوب يدي فاقد شمطاء معولة
باتت وجاوبها نكد مثاكيل

والفعل منه التأويب ، ولذلك يسمون سير [ النهار تأويبا ، وسير ] الليل إسآدا . وقال :

[ ص: 153 ]

يومان يوم مقامات وأندية     ويوم سير إلى الأعداء تأويب

قال : والفعلة الواحدة تأويبة . والتأويب : التسبيح في قوله تعالى : ياجبال أوبي معه والطير . قال الأصمعي : أوبت الإبل : إذا روحتها إلى مباءتها . ويقال : تأوبني ، أي : أتاني ليلا . قال :


تأوبني دائي القديم فغلسا     أحاذر أن يرتد دائي فأنكسا

قال أبو زيد : وكان الأصمعي يفسر الشعر الذي فيه ذكر " الإياب " أنه مع الليل ، ويحتج بقوله :


تأوبني داء مع الليل منصب

وكذلك يفسر جميع ما في الأشعار . فقلت له : إنما الإياب الرجوع ، أي وقت رجع ، تقول : قد آب المسافر . فكأنه أراد أن أوضح له ، فقلت : قول عبيد :


وكل ذي غيبة يؤوب     وغائب الموت لا يؤوب

أهذا بالعشي ؟ فذهب يكلمني فيه ، فقلت : فقول الله تعالى : إن إلينا إيابهم ، أهذا بالعشي ؟ فسكت . قال أبو زيد : ولكن أكثر ما يجيء على ما قال رحمنا الله وإياه .

والمآب : المرجع . قال أبو زياد : أبت القوم ، أي : إلى القوم . قال :


أنى ومن أين آبك الطرب

[ ص: 154 ] قال أبو عبيد : يسمى مخرج الدقيق من الرحى المآب ، لأنه يؤوب إليه ما كان تحت الرحى . قال الخليل : وتقول آبت الشمس إيابا : إذا غابت في مآبها ، أي : مغيبها . قال أمية :


فرأى مغيب الشمس عند إيابها

قال النضر : المؤوبة الشمس ، وتأويبها ما بين المشرق والمغرب ، تدأب يومها وتؤوب المغرب . ويقال : " جاءوا من كل أوب " ، أي : ناحية ووجه; وهو من ذلك أيضا . والأوب : النحل . قال الأصمعي : سميت لانتيابها المباءة ، وذلك أنها تؤوب من مسارحها . وكأن واحد الأوب آيب ، كما يقال : [ آبك الله ] : أبعدك الله . قال :


فآبك هلا والليالي بغرة     تزور وفي الأيام عنك شغول

التالي السابق


الخدمات العلمية