صفحة جزء
( أول ) الهمزة والواو واللام أصلان : ابتداء الأمر وانتهاؤه . أما الأول فالأول ، وهو مبتدأ الشيء ، والمؤنثة الأولى ، مثل أفعل وفعلى ، وجمع الأولى أوليات مثل الأخرى . فأما الأوائل فمنهم من يقول : تأسيس بناء " أول " من همزة وواو ولام ، وهو القول . ومنهم من يقول : تأسيسه من واوين بعدهما لام . وقد قالت العرب للمؤنثة أولة . وجمعوها أولات وأنشد في صفة جمل :


آدم معروف بأولاته خال أبيه لبني بناته

أي : خيلاء أبيه ظاهر في أولاده . أبو زيد : ناقة أولة وجمل أول : إذا تقدما الإبل . والقياس في جمعه أواول ، إلا أن كل واو وقعت طرفا أو قريبة منه بعد ألف ساكنة قلبت همزة . الخليل : رأيته عاما أول يا فتى ، لأن أول على بناء أفعل ، ومن نون حمله على النكرة . قال أبو النجم :


ما ذاق ثفلا منذ عام أول

ابن الأعرابي : خذ هذا أول ذات يدين ، وأول ذي أول ، وأول أول ، أي : قبل كل شيء . ويقولون : " أما أول ذات يدين فإني أحمد الله " . والصلاة [ ص: 159 ] الأولى سميت بذلك لأنها أول ما صلي . قال أبو زيد : كان الجاهلية يسمون يوم الأحد الأول . وأنشدوا فيه :


أؤمل أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار

والأصل الثاني قال الخليل : الأيل الذكر من الوعول ، والجمع أيائل . وإنما سمي أيلا لأنه يؤول إلى الجبل يتحصن . قال أبو النجم :


كأن في أذنابهن الشول     من عبس الصيف قرون الأيل

شبه ما التزق بأذنابهن من أبعارهن فيبس ، بقرون الأوعال . وقولهم آل اللبن ، أي : خثر من هذا الباب ، وذلك لأنه لا يخثر [ إلا ] آخر أمره . قال الخليل أو غيره : الإيال على فعال : وعاء يجمع فيه الشراب أياما حتى يجود . قال :


يفض الختام وقد أزمنت     وأحدث بعد إيال إيالا

وآل يؤول ، أي : رجع . قال يعقوب : يقال : " أول الحكم إلى أهله " ، أي : أرجعه ورده إليهم . قال الأعشى :


أؤول الحكم إلى أهله

[ ص: 160 ] قال الخليل : آل اللبن يؤول أولا وأوولا : خثر . وكذلك النبات . قال أبو زيد : آل اللبن على الإصبع ، وذلك أن يروب فإذا جعلت فيه الإصبع قيل آل عليها . وآل القطران : إذا خثر . وآل جسم الرجل : إذا نحف . وهو من الباب ، لأنه يحور ويحري ، أي : يرجع إلى تلك الحال . والإيالة السياسة من هذا الباب ، لأن مرجع الرعية إلى راعيها . قال الأصمعي : آل الرجل رعيته يؤولها : إذا أحسن سياستها . قال الراجز :


يؤولها أول ذي سياس

وتقول العرب في أمثالها : " ألنا وإيل علينا " أي سسنا وساسنا غيرنا . وقالوا في قول لبيد :


بمؤتر تأتاله إبهامها

هو تفتعل من ألته أي أصلحته . ورجل آيل مال ، مثال خائل مال ، أي : سائسه . قال الأصمعي : يقال : رددته إلى آيلته ، أي : طبعه وسوسه . وآل الرجل أهل بيته من هذا أيضا لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله . وهذا معنى قولهم يال فلان . وقال طرفة :


تحسب الطرف عليها نجدة     يال قومي للشباب المسبكر

[ ص: 161 ] والدليل على أن ذلك من الأول وهو مخفف منه ، قول شاعر :


قد كان حقك أن تقول لبارق     يا آل يارق فيم سب جرير

وآل الرجل شخصه من هذا أيضا . وكذلك آل كل شيء . وذلك أنهم يعبرون عنه بآله ، وهم عشيرته ، يقولون آل أبي بكر ، وهم يريدون أبا بكر . وفي هذا غموض قليل . قال الخليل : آل الجبل أطرافه ونواحيه . قال :


كأن رعن الآل منه في الآل     إذا بدا دهانج ذو أعدال

وآل البعير : ألواحه وما أشرف من أقطار جسمه . قال :


من اللواتي إذا لانت عريكتها     يبقى لها بعدها آل ومجلود

وقال آخر :


ترى له آلا وجسما شرجعا

وآل الخيمة : العمد . قال :


فلم يبق إلا آل خيم منضد     وسفع على آس ونؤي معثلب

والآلة : الحالة . قال : [ ص: 162 ]

سأحمل نفسي على آلة     فإما عليها وإما لها

ومن هذا الباب تأويل الكلام ، وهو عاقبته وما يؤول إليه ، وذلك قوله تعالى : هل ينظرون إلا تأويله . يقول : ما يؤول إليه في وقت بعثهم ونشورهم . وقال الأعشى :


على أنها كانت تأول حبها     تأول ربعي السقاب فأصحبا

يريد مرجعه وعاقبته . وذلك من آل يؤول .

التالي السابق


الخدمات العلمية