صفحة جزء
[ ص: 67 ] ( سر ) السين والراء يجمع فروعه إخفاء الشيء . وما كان من خالصه ومستقره . لا يخرج شيء منه عن هذا . فالسر : خلاف الإعلان . يقال أسررت الشيء إسرارا ، خلاف أعلنته . ومن الباب السر ، وهو النكاح ، وسمي بذلك لأنه أمر لا يعلن به . ومن ذلك السرار والسرار ، وهو ليلة يستسر الهلال ، فربما كان ليلة ، وربما كان ليلتين إذا تم الشهر . ومن ذلك الحديث : أنه سأل رجلا هل صمت من سرار الشهر شيئا ؟ قال : لا ، فقال : إذا أفطرت رمضان فصم يومين .

قال في السرار :


نحن صبحنا عامرا في دارها جردا تعادى طرفي نهارها




عشية الهلال أو سرارها



وحدثني محمد بن هارون الثقفي ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي الحسن الأثرم ، عن أبي عبيدة قال : أسررت الشيء : أخفيته . وأسررته : أعلنته . وقرأ : وأسروا الندامة لما رأوا العذاب . قال : أظهروها . وأنشد قول امرئ القيس :


. . . . . . . . . لو يسرون مقتلي



أي لو يظهرون . ثم حدثني بعض أهل العلم ، عن أبي الحسن عبد الله بن سفيان النحوي قال : قال الفراء : أخطأ أبو عبيدة التفسير ، وصحف في الاستشهاد . أما التفسير فقال : أسرو الندامة أي كتموها خوف الشماتة . وأما التصحيف فإنما قال امرؤ القيس :

[ ص: 68 ]

. . . . . . . . . لو يشرون مقتلي



أي لو يظهرون . يقال أشررت الشيء ، إذا أبرزته ، ومن ذلك قولهم أشررت اللحم للشمس . وقد ذكر هذا في بابه . وأما الذي ذكرناه من محض الشيء وخالصه ومستقره ، فالسر : خالص الشيء . ومنه السرور ; لأنه أمر خال من الحزن . والسرة : سرة الإنسان ، وهو خالص جسمه ولينه . ويقال قطع عن الصبي سرره ، وهو [ السر ] ، وجمعه أسرة . قال أبو زيد : والسرر : الخط من خطوط بطن الراحة . وسرارة الوادي وسره : أجوده . وقال الشاعر :


هلا فوارس رحرحان هجوتهم     عشرا تناوح في سرارة واد



يقول : لهم منظر وليس لهم مخبر . والسرر : داء يأخذ البعير في سرته . يقال : بعير أسر . والسر : مصدر سررت الزند ، وذلك أن يبقى أسر ، أي أجوف ، فيصلح . يقال سر زندك فإنه أسر . ويقال قناة سراء ، أي جوفاء . وكل هذا من السرة والسرر ، وقد ذكرناه . فأما الأسارير ، وهي الكسور التي في الجبهة ، فمحمولة على أسارير السرة ، وذلك تكسرها . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على عائشة تبرق أسارير وجهه . ومنه أيضا مما هو محمول على ما ذكرناه : الأسرار : خطوط باطن الراحة ، واحدها سر . والأصل في ذلك كله واحد ، قال الأعشى :

[ ص: 69 ]

فانظر إلى كف وأسرارها     هل أنت إن أوعدتني ضائري



فأما أطراف الريحان فيجوز أن تسمى سرورا لأنها أرطب شيء فيه وأغضه . وذلك قوله :


كبردية الغيل وسط الغريف     إذا خالط الماء منها السرورا



وأما الذي ذكرناه من الاستقرار ، فالسرير ، وجمعه سرر وأسرة . والسرير : خفض العيش ; لأن الإنسان يستقر عنده وعند دعته . وسرير الرأس : مستقره . قال :


ضربا يزيل الهام عن سريره



وناس يروون بيت الأعشى :


إذا خالط الماء منها السريرا



بالياء ، فيكون حينئذ تأويله أصلها الذي استقرت عليه ، وأنشدوا قول القائل :


وفارق منها عيشة دغفلية     ولم تخش يوما أن يزول سريرها



والسرر من الصبي والسرر : ما يقطع . والسرة : ما يبقى . ومن الباب السرير : ما على الأكمة من الرمل . [ ص: 70 ] ومن الباب الأول سر النسب ، وهو محضه وأفضله . قال ذوالأصبع :


وهم من ولدوا أشبوا     بسر النسب المحض



ويقال السرسور : العالم الفطن ، وأصله من السر ، كأنه اطلع على أسرار الأمور . فأما السرية فقال الخليل : هي فعلية . ويقال يتسرر ، ويقال يتسرى . قال الخليل : ومن قال يتسرى فقد أخطأ . لم يزد الخليل على هذا . وقال الأصمعي السرية من السر ، وهو النكاح ; لأن صاحبها اصطفاها للنكاح لا للتجارة فيها . وهذا الذي قاله الأصمعي ، وذكر ابن السكيت في كتابه . فأما ضم السين في السرية فكثير من الأبنية يغير عند النسبة ، فيقال في النسبة إلى الأرض السهلة سهلي ، وينسب إلى طول العمر وامتداد الدهر فيقال دهري . ومثل ذلك كثير . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية