صفحة جزء
[ ص: 6 ] كتاب الهمزة

باب الهمزة في الذي يقال له المضاعف

( أب ) اعلم أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين : أحدهما المرعى ، والآخر القصد والتهيؤ . أما الأول فقول الله عز وجل : وفاكهة وأبا ، قال أبو زيد الأنصاري : لم أسمع للأب ذكرا إلا في القرآن . قال الخليل وأبو زيد : الأب : المرعى ، بوزن فعل . وأنشد ابن دريد :


جذمنا قيس ونجد دارنا ولنا الأب به والمكرع

وأنشد شبيل بن عزرة لأبي دواد :


يرعى بروض الحزن من أبه     قريانه في عانة تصحب

أي تحفظ . يقال : صحبك الله ، أي حفظك . قال أبو إسحاق الزجاج : الأب جميع الكلأ الذي تعتلفه الماشية ، كذا روي عن ابن عباس رضي الله عنه . فهذا أصل ، وأما الثاني فقال الخليل وابن دريد : الأب مصدر : أب فلان إلى سيفه : إذا رد يده إليه ليستله . الأب في قول ابن دريد : النزاع إلى الوطن ، والأب في روايتهما التهيؤ للمسير . وقال الخليل وحده : أب [ ص: 7 ] هذا الشيء : إذا تهيأ واستقامت طريقته إبابة . وأنشد للأعشى :


صرمت ولم أصرمكم وكصارم     أخ قد طوى كشحا وأب ليذهبا

وقال هشام بن عقبة في الإبابة :


وأب ذو المحضر البادي إبابته     وقوضت نية أطناب تخييم

وذكر ناس أن الظباء لا ترد ولا يعرف لها ورد . قالوا : ولذلك قالت العرب في الظباء : "

إن وجدت فلا عباب ،     وإن عدمت فلا أباب

" ، معناه إن وجدت ماء لم تعب فيه ، وإن لم تجده لم تأبب لطلبه . والله أعلم بصحة ذلك . والأب : القصد ، يقال أببت أبه ، وأممت أمه ، وحممت حمه ، وحردت حرده ، وصمدت صمده . قال الراجز يصف ذئبا :


مر مدل كرشاء الغرب     فأب أب غنمي وأبي

أي قصد قصدها وقصدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية