صفحة جزء
( بن ) الباء والنون في المضاعف أصل واحد ، هو اللزوم والإقامة ، وإليه ترجع مسائل الباب كلها . قال الخليل : الإبنان اللزوم ، يقال : أبنت السحابة : إذا لزمت ، وأبن القوم بمحلة أقاموا . قال :


يا أيها الركب بالنعف المبنونا

ومن هذا الباب قولهم : بنن الرجل فهو مبنن ، وذلك أن يرتبط الشاة ليسمنها . وأنشد :


يعيرني قومي بأني مبنن     وهل بنن الأشراط غير الأكارم

قال الخليل : البنان أطراف الأصابع في اليدين . والبنان في قوله تعالى : واضربوا منهم كل بنان ، يعني الشوى ، وهي الأيدي والأرجل . قال : وقد يجيء في الشعر البنانة بالهاء للإصبع الواحدة . وقال :


لاهم كرمت بني كنانه     ليس لحي فوقهم بنانه

أي : لأحد [ عليهم ] فضل قيس إصبع . وقال في البنان :

[ ص: 192 ]

لما رأت صدأ الحديد بجلده     فاللون أورق والبنان قصار

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج : واحد البنان بنانة . ومعناه في قوله تعالى : واضربوا منهم كل بنان ، الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء . وإنما اشتقاق البنان من قولهم أبن بالمكان : إذا أقام; فالبنان به يعتمد كل ما يكون للإقامة والحياة . قال الخليل : والبنة الريح من أرباض البقر والغنم والظباء ، وقد يستعمل في الطيب ، فيقال : أجد في هذا الثوب بنة طيبة من عرف تفاح أو سفرجل . وأنشد :

بل الذنابى عبسا مبنا وهذا أيضا من الأول ، لأن الرائحة تلزم . وقال الراجز في الإبنان وهو الإقامة :


قلائصا لا يشتكين المنا     لا ينتظرن الرجل المبنا

قال أبو عمرو : البنين من الرجال العاقل المتثبت . قال : وهو مشتق من البنة . والبنانة الروضة المعشبة الحالية . ومنه ثابت البناني ، وهو من ولد سعد بن لؤي بن غالب ، كانت له حاضنة تسمى بنانة . وهذا من ذاك الأول ، لأن الروضة المعشبة لا تعدم الرائحة الطيبة .

[ ص: 193 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية