( بدح ) الباء والدال والحاء أصل واحد ترد إليه فروع متشابهة ، وما بعد ذلك فكله محمول على غيره أو مبدل منه . فأما الأصل فاللين والرخاوة والسهولة . قال
الهذلي :
كأن أتي السيل مد عليهم إذا دفعته في البداح الجراشع
ثم اشتق من هذا قولهم للمرأة البادن الضخمة بيدح . قال
الطرماح :
أغار على نفسي لسلمة خاليا ولو عرضت لي كل بيضاء بيدح
قال
أبو سعيد : البدحاء من النساء الواسعة الرفغ . قال :
بدحاء لا يستره فخذاها
يقال : بدحت المرأة [ و ] تبدحت : إذا حسنت مشيتها . قال الشاعر :
يبدحن في أسوق خرس خلاخلها مشي المهار بماء تتقي الوحلا
وقال آخر :
يتبعن سدو رسلة تبدح يقودها هاد وعين تلمح
تبدح : تبسط . ومن هذا الباب قول
الخليل : [ البدح ] ضربك بشيء فيه
[ ص: 215 ] رخاوة ، كما تأخذ بطيخة فتبدح بها إنسانا . وتقول : رأيتهم يتبادحون بالكرين والرمان ونحو ذلك عبثا . فهذا الأصل الذي هو عمدة الباب .
وأما الكلمات الأخر فقولهم : بدحه الأمر ، وإنما هي حاء مبدلة من هاء ، والأصل بدهه . وكذلك قولهم ابتدحت الشيء : إذا ابتدأت به من تلقاء نفسك ، إنما هو في الأصل ابتدعت واختلقت . قال الشاعر :
يا أيها السائل بالجحجاح لفي مراد غير ذي ابتداح
وكذلك البدح ، وهو العجز عن الحمالة إذا احتملها الإنسان ، وكذلك عجز البعير عن حمل حمله . قال الشاعر :
وكاين بالمعن من أغر سميدع إذا حمل الأثقال ليس ببادح
فهذا من العين ، وهو الإبداع الذي مضى ذكره ، إذا كل وأعيا . فأما قول القائل :
بالهجر من شعثاء وال حبل الذي قطعته بدحا
فهو من الهاء ، كأنها فاجأت به من البديهة ، وقد مضى ذكره . وأما الذي حكاه
أبو عبيد من قولهم بدحته بالعصا ، أي : ضربته بها ، فمحمول على قولهم : بدحته بالرمان وشبهها ، والأصل ذاك .