صفحة جزء
( صرف ) الصاد والراء والفاء معظم بابه يدل على رجع الشيء . من ذلك صرفت القوم صرفا وانصرفوا ، إذا رجعتهم فرجعوا . والصريف : اللبن ساعة يحلب وينصرف به . والصرف في القرآن : التوبة ; لأنه يرجع به [ ص: 343 ] عن رتبة المذنبين . والصرفة : نجم . قال أهل اللغة : سميت صرفة لانصراف البرد عند طلوعها . والصرفة : خرزة يؤخذ بها الرجال ، وسميت بذلك كأنهم يصرفون بها القلب عن الذي يريده منها . قال الخليل : الصرف فضل الدرهم على الدرهم في القيمة . ومعنى الصرف عندنا أنه شيء صرف إلى شيء ، كأن الدينار صرف إلى الدراهم ، أي رجع إليها ، إذا أخذت بدله . قال الخليل : ومنه اشتق اسم الصيرفي ; لتصريفه أحدهما إلى الآخر . قال : وتصريف الدراهم في البياعات كلها : إنفاقها . قال أبو عبيد : صرف الكلام : تزيينه والزيادة فيه ، وإنما سمي بذلك لأنه إذا زين صرف الأسماع إلى استماعه . ويقال لحدث الدهر : صرف ، والجمع : صروف ، وسمي بذلك لأنه يتصرف بالناس ، أي يقلبهم ويرددهم . فأما حرمة الشاء والبقر والكلاب ، فيقال لها : الصراف ، وهو عندنا من قياس الباب ; لأنها تصرف أي تردد وتراجع فيه . ومن الباب : الصريف ، وهو صوت ناب البعير . وسمي بذلك لأنه يردده ويرجعه . فأما قول القائل :


بني غدانة ما إن أنتم ذهبا ولا صريفا ولكن أنتم الخزف

فقال قوم : أراد بالصريف الفضة . فإن كان صحيحا فسميت صريفا من قولهم : صرفت الدينار دراهم ، ليس له وجه غير هذا .

ومما أحسبه شاذا عن هذا الأصل : الصرفان ، وهو الرصاص . والصرفان في قوله :


أم صرفانا باردا شديدا

[ ص: 344 ] مختلف فيه ، فقال قوم : هو الرصاص . وقال آخرون : الصرفان : جنس من التمر . وأنشدوا :


أكل الزبد بالصرفان

قالوا : ولم يكن يهدى للزباء شيء من الطرف كان أحب إليها من التمر . وأنشدوا :


ولما أتتها العير قالت أبارد     من التمر أم هذا حديد وجندل

ومما شذ أيضا : الصرف : شيء من الصبغ يصبغ به الأديم . قال :


كميت غير محلفة ولكن     كلون الصرف عل به الأديم

وعلى هذا يحمل قولهم : شرب الشراب صرفا ، إذا لم يمزجه ; كأنه ترك على لونه وحمرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية