صفحة جزء
( برك ) الباء والراء والكاف أصل واحد ، وهو ثبات الشيء ، ثم يتفرع فروعا يقارب بعضها بعضا . يقال : برك البعير يبرك بروكا . قال الخليل البرك يقع على ما برك من الجمال والنوق على الماء أو بالفلاة ، من حر الشمس أو الشبع ، الواحد بارك ، والأنثى باركة . وأنشد في البرك أيضا :

[ ص: 228 ]

برك هجود بفلاة قفر أحمى عليها الشمس أبت الحر

الأبت : شدة الحر بلا ريح . قال أبو الخطاب : البرك الإبل الكثيرة تشرب ثم تبرك في العطن ، لا تكون بركا إلا كذا . قال الخليل : أبركت الناقة فبركت . قال : والبرك أيضا كلكل البعير وصدره الذي يدك به الشيء تحته . تقول : حكه ودكه ببركه . قال الشاعر :


فأقعصتهم وحكت بركها بهم     وأعطت النهب هيان بن بيان

والبركة : ما ولي الأرض من جلد البطن وما يليه من الصدر ، من كل دابة . واشتقاقه من مبرك الإبل ، وهو الموضع الذي تبرك فيه ، والجمع مبارك . قال يعقوب : البركة من الفرس حيث انتصبت فهدتاه من أسفل ، إلى العرقين اللذين دون العضدين إلى غضون الذراعين من باطن .

قال أبو حاتم : البرك بفتح الباء : الصدر ، فإذا أدخلت الهاء كسرت الباء . قال بعضهم : البرك القص . قال الأصمعي : كان أهل الكوفة يسمون زيادا أشعر بركا . قال يعقوب : يقول العرب : " هذا أمر لا يبرك عليه إبلي " أي : لا أقربه ولا أقبله . ويقولون أيضا : " هذا أمر لا يبرك عليه الصهب المحزمة " يقال ذلك للأمر إذا تفاقم واشتد . وذلك أن الإبل إذا أنكرت الشيء نفرت منه .

[ ص: 229 ] قال أبو علي : خص الإبل لأنها لا تكاد تبرك في مبرك حزن ، إنما تطلب السهولة ، تذوق الأرض بأخفافها ، فإن كانت سهلة بركت فيها . قال أبو زيد : وفي أنواء الجوزاء نوء يقال له " البروك " ، وذلك أن الجوزاء لا تسقط أنواؤها حتى يكون فيها يوم وليلة تبرك الإبل من شدة برده ومطره . قال : والبرك عوف بن مالك بن ضبيعة ، سمي به يوم قضة; لأنه عقر جمله على ثنية وأقام ، وقال : " أنا البرك أبرك حيث أدرك " .

قال الخليل : يقال : ابترك الرجل في آخر يتنقصه ويشتمه . وقد ابتركوا في الحرب : إذا جثوا على الركب ثم اقتتلوا ابتراكا . والبراكاء اسم من ذلك ، قال بشر فيه :


ولا ينجي من الغمرات إلا     براكاء القتال أو الفرار

قال أبو عبيدة : يقولون براك براك ، بمعنى ابركوا . قال يعقوب : يقال : برك فلان على الأمر وبارك ، جميعا : إذا واظب عليه . وابترك الفرس في عدوه ، أي اجتهد . قال :

وهن يعدون بنا بروكا

قال الخليل : يقال : أبرك السحاب : إذا ألح بالمطر على المكان . قال غيره : بل يقال : ابترك . وهو الصحيح : وأنشد :

[ ص: 230 ]

ينزع عنها الحصى أجش مبترك     كأنه فاحص أو لاعب داح

فأما قول الكميت :


ذو بركة لم تغض قيدا تشيع به     من الأفاويق في أحيانها الوظب

الدائمة . فإن البركة فيما يقال : أن تحلب قبل أن تخرج .

قال الأصفهاني عن العامري : يقال : حلبت الناقة بركتها ، وحلبت الإبل بركتها : إذا حلبت لبنها الذي اجتمع في ضرعها في مبركها . ولا يقال ذلك إلا بالغدوات . ولا يسمى بركة إلا ما اجتمع في ضرعها بالليل وحلب بالغدوة . يقال : احلب لنا من برك إبلك .

قال الكسائي : البركة أن يدر لبن الناقة باركة فيقيمها فيحلبها . قال الكميت :


لبون جودك غير ماضر

قال الخليل : البركة شبه حوض يحفر في الأرض ، ولا تجعل له أعضاد فوق صعيد الأرض . قال الكلابيون : البركة المصنعة ، وجمعها برك ، إلا أن المصنعة لا تطوى ، وهذه تطوى بالآجر .

قال الخليل : البركة من الزيادة والنماء . والتبريك : أن تدعو بالبركة .

[ ص: 231 ] و تبارك الله تمجيد وتجليل . وفسر على " تعالى الله " . والله أعلم بما أراد .

قال أبو زيد : طعام بريك ، أي : ذو بركة .

التالي السابق


الخدمات العلمية