صفحة جزء
( بروى ) الباء والراء والحرف المعتل بعدهما وهو الواو والياء أصلان : أحدهما تسوية الشيء نحتا ، والثاني التعرض والمحاكاة . فالأصل الأول قولهم برى العود يبريه بريا ، وكذلك القلم . وناس يقولون يبرو ، وهم الذين يقولون للبر يقلو ، وهو بالياء أصوب . قال الأصمعي : يقال : بريت القوس بريا وبراية ، واسم ما يسقط منه البراية ، ويتوسعون في هذا حتى يقولوا مطر ذو براية ، أي : يبري الأرض ويقشرها .

قال الخليل : البري السهم الذي قد أتم بريه ولم يرش ولم ينصل . قال أبو زيد : يقول العرب : " أعط القوس باريها " ، أي : كل الأمر إلى صاحبه .

فأما قولهم للبعير إنه لذو براية فمن هذا أيضا ، أي إنه بري بريا محكما . قال الأصمعي : يقال للبعير إذا كان باقيا على السير : إنه لذو براية . قال الأعلم :


على حت البراية زمخري ال سواعد ظل في شري طوال

[ ص: 234 ] وهو أن ينحت من لحمه ثم ينحت ، لا ينهم في أول سفره ، ولكنه يذهب منه ثم تبقى براية ، ثم تذهب وتبقى براية . وفلان ذو براية أيضا .

ومن هذا الباب أيضا البرة ، وهي حلقة تجعل في أنف البعير ، يقال : ناقة مبراة وجمل مبرى ، قال الشاعر :


فقربت مبراة يخال ضلوعها     من الماسخيات القسي الموترا

وهذه برة مبروة ، أي : معمولة . ويقال : أبريت الناقة أبريها إبراء : إذا جعلت في أنفها برة . والبرة أيضا حلقة من ذهب أو فضة إذا كانت دقيقة معطوفة الطرفين ، والجمع البرى والبرون والبرون . وكل حلقة برة .

قال أبو عبيد : ذو البرة الذي ذكره عمرو بن كلثوم :


وذو البرة الذي حدثت عنه     به نحمى ونحمي الملجئينا

رجل تغلبي كان جعل في أنفه برة لنذر كان عليه . وقيل البرة سيف ، كان له سيف يسمى البرة . والبراء النحاتة ، وهو من الباب . قال الهذلي :


حرق المفارق كالبراء الأعفر

[ ص: 235 ] ومن الباب البرى الخلق ، والبرى التراب . يقال : " بفيه البرى " ، لأن الخلق منه .

والأصل الآخر المحاكاة في الصنيع والتعرض . قال الخليل : تقول : باريت فلانا ، أي : حاكيته . والمباراة أن يباري الرجل آخر فيصنع كما يصنع . ومنه قولهم : فلان يباري جيرانه ، ويباري الريح ، أي : يعطي ما هبت الريح ، وقال الراجز :


يبري لها في العومان عائم

أي : يعارضها . قال الأصمعي : يقال : انبرى له وبرى له ، أي : تعرض ، وقال :


هقلة شد تنبري لهقل

وقال ذو الرمة :


تبري له صعلة خرجاء خاضعة

قال ابن السكيت : تبريت معروف فلان وتبريت لمعروفه ، أي : تعرضت .

قال :


وأهلة ود قد تبريت ودهم     وأبليتهم في الود جهدي ونائلي

[ ص: 236 ] يقال : أهل وأهلة . وقال الراجز :


وهو إذا ما للصبا تبرى     ولبس القميص لم يزرا
وجر أطراف الرداء جرا

التالي السابق


الخدمات العلمية