صفحة جزء
( طبق ) الطاء والباء والقاف أصل صحيح واحد ، وهو يدل على وضع شيء مبسوط على مثله حتى يغطيه . من ذلك الطبق . تقول : أطبقت الشيء على الشيء ، فالأول طبق للثاني ; وقد تطابقا . ومن هذا قولهم : أطبق الناس على كذا ، كأن أقوالهم تساوت حتى لو صير أحدهما طبقا للآخر لصلح . والطبق : الحال ، في قوله تعالى : لتركبن طبقا عن طبق . وقولهم : " إحدى بنات طبق " هي الداهية ، وسميت طبقا لأنها تعم وتشمل . ويقال لما علا الأرض حتى غطاها : هو طبق الأرض . ومنه قول امرئ القيس يصف الغيث :


ديمة هطلاء فيها وطف طبق الأرض تحرى وتدر

[ ص: 440 ] وقولهم : طبق الحق إذا أصابه - من هذا ، ومعناه : وافقه حتى صار ما أراده وفقا للحق مطابقا له . ثم يحمل على هذا حتى يقال : طبق ، إذا أصاب المفصل ولم يخطئه . ثم يقولون : طبق عنقه بالسيف : أبانها .

فأما المطابقة فمشي المقيد ، وذلك أن رجليه تقعان متقاربتين كأنهما متطابقتين . ومنه قول الجعدي :


طباق الكلاب يطأن الهراسا

والطبق : عظم رقيق يفصل بين الفقارتين . ويد طبقة ، إذا التزقت بالجنب . وطابقت بين الشيئين ، إذا جعلتهما على حذو واحد . ولذلك سمينا نحن ما تضاعف من الكلام مرتين مطابقا . وذلك مثل جرجر ، وصلصل ، وصعصع . والطبق : الجماعة من الجراد ; وإنما شبه ذلك بطبق يغطي الأرض . ويقال : ولدت الغنم طبقا وطبقة ، إذا ولد بعضها بعد بعض . والقياس في ذلك كله واحد .

فأما قولهم للعيي من الرجال : الطباقاء ، وللبعير لا يحسن الضراب : طباقاء ، فهو من هذا القياس ، كأنه ستر عنه الشيء حتى أطبق فصار كالمغطى . قال جميل :


طباقاء لم يشهد خصوما ولم يقد     ركابا إلى أكوارها حين تعكف

التالي السابق


الخدمات العلمية