صفحة جزء
( عد ) العين والدال أصل صحيح واحد لا يخلو من العد الذي هو الإحصاء . ومن الإعداد الذي هو تهيئة الشيء . وإلى هذين المعنيين ترجع فروع الباب كلها . فالعد : إحصاء الشيء . تقول : عددت الشيء أعده عدا فأنا عاد ، والشيء معدود . والعديد : الكثرة . وفلان في عداد الصالحين ، أي يعد معهم . والعدد : مقدار ما يعد ، ويقال : ما أكثر عديد بني فلان وعددهم . وإنهم ليتعادون ويتعددون على عشرة آلاف ، أي يزيدون عليها . ومن الوجه الآخر العدة . ما أعد لأمر يحدث . يقال أعددت الشيء أعده إعدادا . واستعددت للشيء وتعددت له .

[ ص: 30 ] قال الأصمعي : وفي الأمثال :

كل امرئ يعدو بما استعدا

ومن الباب العدة من العد . ومن الباب : العد : مجتمع الماء ، وجمعه أعداد . وإنما قلنا إنه من الباب لأن الماء الذي لا ينقطع كأنه الشيء الذي أعد دائما . قال :

وقد أجزت على عنس مذكرة ديمومة ما بها عد ولا ثمد

قال أبو عبيدة : العد : القديمة من الركايا الغزيرة ، ولذلك يقال : حسب عد أي قديم ، والجمع أعداد . قال : وقد يجعلون كل ركية عدا . ويقولون : ماء عد ، يجعلونه صفة ، وذلك إذا كان من ماء الركايا . قال :


    لو كنت ماء عدا جممت
إذا ما أورد القوم لم يكن وشلا



قال أبو حاتم : العد : ماء الأرض ، كما أن الكرع ماء السماء . قال ذو الرمة :


بها العين والآرام لا عد عندها     ولا كرع ، إلا المغارات والربل



[ ص: 31 ] فأما العداد فاهتياج وجع اللديغ . واشتقاقه وقياسه صحيح; لأن ذلك لوقت بعينه ، فكأن ذلك الوقت يعد عدا . قال الخليل : العداد اهتياج وجع اللديغ ، وذلك أن رب حية إذا بل سليمها عادت . ولو قيل عادته ، كان صوابا ، وذلك إذا تمت له سنة مذ يوم لدغ اهتاج به الألم . وهو معاد ، وكأن اشتقاقه من الحساب من قبل عدد الشهور والأيام ، يعني أن الوجع كان يعد ما يمضي من السنة ، فإذا تمت عاود الملدوغ . قال الشيباني : عداد الملدوغ : أن يجد الوجع ساعة بعد ساعة . قال ابن السكيت : عداد السليم : أن يعد له سبعة أيام ، فإذا مضت رجوا له البرء وإذا لم تمض سبعة ، فهو في عداد . قال ابن الأعرابي : العداد يوم العطاء وكذلك كل شيء كان في السنة وقتا مؤقتا . ومنه قوله عليه السلام : ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أوان قطعت أبهري ، أي تأتيني كل سنة لوقت . قال :

أصبح باقي الوصل من سعادا علاقة وسقما عدادا

ومن الباب العدان : الزمان ، وسمي عدانا لأن كل زمان فهو محدود معدود . وقال الفرزدق :


بكيت امرأ فظا غليظا ملعنا     ككسرى على عدانه أو كقيصرا



قال الخليل : يقال : كان ذلك في عدان شبابه وعدان ملكه ، هو أكثره وأفضله وأوله . قال :


والملك مخبو على عدانه



[ ص: 32 ] المعنى أن ذلك كان مهيأ له معدا . هذا قول الخليل . وذكر عن الشيباني أن العداد أن يجتمع القوم فيخرج كل واحد منهم نفقة . فأما عداد القوس فناس يقولون : إنه صوتها ، هكذا يقولون مطلقا . وأصح [ من ] ذلك ما قاله ابن الأعرابي ، أن عداد القوس أن تنبض بها ساعة بعد ساعة . وهذا أقيس . قال الهذلي في عدادها :


وصفراء من نبع كأن عدادها     مزعزعة تلقي الثياب حطوم



فأما قول كثير :


فدع عنك سعدى إنما تسعف النوى     عداد الثريا مرة ثم تأفل


ف قال ابن السكيت : يقال : لقيت [ فلانا ] عداد الثريا القمر ، أي مرة في الشهر . وزعموا أن القمر ينزل بالثريا مرة في الشهر .

وأما معد فقد ذكره ناس في هذا الباب ، كأنهم يجعلون الميم زائدة ، ويزنونه بمفعل ، وليس هذا عندنا كذا ، لأن القياس لا يوجبه ، وهو عندنا فعل من الميم والعين والدال ، وقد ذكرناه في موضعه من كتاب الميم .

التالي السابق


الخدمات العلمية