صفحة جزء
( عس ) العين والسين أصلان متقاربان : أحدهما الدنو من الشيء وطلبه ، والثاني خفة في الشيء .

فالأول العس بالليل ، كأن فيه بعض الطلب . قال الخليل : العس : نفض الليل عن أهل الريبة . يقال عس يعس عسا . وبه سمي العسس الذي يطوف للسلطان بالليل . والعساس : الذئب ، وذلك أنه يعس بالليل . ويقال عسعس الليل ، إذا أقبل . وعسعست السحابة ، إذا دنت من الأرض ليلا . ولا يقال ذلك إلا ليلا في ظلمة . قال الشاعر يصف سحابا :


عسعس حتى لو نشاء إذ دنا كان لنا من ناره مقتبس

ويقال تعسعس الذئب ، إذا دنا من الشيء يشمه . وأنشد :


كمنخر الذئب إذا تعسعسا



قال الفراء : جاء فلان بالمال من عسه وبسه . قال : وذلك أنه يعسه ، أي [ ص: 43 ] يطلبه . وقد يقال بالكسر . ويعتسه : يطلبه أيضا . قال الأخطل :


وهل كانت الصمعاء إلا تعلة     لمن كان يعتس النساء الزوانيا



وأما الأصل الآخر فيقال إن العس خفة في الطعام . يقال عسست أصحابي ، إذا أطعمتهم طعاما خفيفا . قال : عسستهم : قريتهم أدنى قرى . قال أبو عمرو : ناقة ما تدر إلا عساسا ، أي كرها . وإذا كانت كذا كان درها خفيفا قليلا . وإذا كانت كذا فهي عسوس . قال الخليل : العسوس : التي تضرب برجليها وتصب اللبن . يقولون : فيها عسس وعساس . وقال بعضهم : العسوس من الإبل : التي ترأم ولدها وتدر عليه ما نأى عنها الناس ، فإن دني منها أو مست جذبت درها .

قال يونس : اشتق العس من هذا ، كأنه الاتقاء بالليل . قال : وكذلك اعتساس الذئب . وفي المثل : " كلب عس ، خير من أسد اندس " .

وقال الخليل أيضا : العسوس التي بها بقية من لبن ليس بكثير .

فأما قولهم عسعس الليل ، إذا أدبر ، فخارج عن هذين الأصلين . والمعنى في ذلك أنه مقلوب من سعسع ، إذا مضى . وقد ذكرناه . فهذا من باب سع . وقال الشاعر في تقديم العين :

[ ص: 44 ]

نجوت بأفراس عتاق وفتية     مغاليس في أدبار ليل معسعس



ومما شذ عن البابين : عسعس ، وهو مكان . قال امرؤ القيس :


ألم ترم الدار الكثيب بعسعسا     كأني أنادي أو أكلم أخرسا



التالي السابق


الخدمات العلمية