صفحة جزء
( عش ) العين والشين أصل واحد صحيح ، يدل على قلة ودقة ، ثم يرجع إليه فروعه بقياس صحيح .

قال الخليل : العش : الدقيق عظام اليدين والرجلين ، وامرأة عشة . قال :


لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص ولا عشة خلخالها يتقعقع

وقال العجاج :


أمر منها قصبا خدلجا     لا قفرا عشا ولا مهبجا



ويقال ناقة عشة : سقفاء القوائم ، فيها انحناء ، بينة العشاشة والعشوشة . ويقال : فلان في خلقته عشاشة ، أي قلة لحم وعوج عظام . ويقال تعشش النخل ، [ ص: 45 ] إذا يبس ، وهو بين التعشش والتعشيش . ويقال شجرة عشة ، أي قليلة الورق . وأرض عشة : قليلة الشجر .

قال الشيباني : العش من الدواب والناس : القليل اللحم ، ومن الشجر : ما كان على أصل واحد وكان فرعه قليلا وإن كان أخضر .

قال الخليل : العشة : شجرة دقيقة القضبان ، متفرقة الأغصان ، والجمع عشات . قال جرير :


فما شجرات عيصك في قريش     بعشات الفروع ولا ضواح



ويقال عش الرجل القوم ، إذا أعطاهم شيئا نزرا . وعطية معشوشة ، أي قليلة . قال :


حارث ما سجلك بالمعشوش     ولا جدا وبلك بالطشيش



وقال آخر يصف القطا :


يسقين لا عشا ولا مصردا



أي لا مقللا .

قال ابن الأعرابي : قالت امرأة من كنانة : " فقدناك فاعتششنا لك " ، أي دخلتنا من ذلك ذلة وقلة .

[ ص: 46 ] ومن هذا القياس العش للغراب على الشجرة وكذلك لغيره من الطير ، والجمع عششة . يقال اعتش الطائر يعتش اعتشاشا . قال :


بحيث يعتش الغراب البائض



إنما نعته بالبائض وهو ذكر لأن له شركة في البيض ، على قياس والد . قال أبو عمرو : وعشش الطائر : اتخذ عشا . وأنشد :


وفي الأشاء النابت الأصاغر     معشش الدخل والتمامر

قال أبو عبيد : تقول العرب : " ليس هذا بعشك فادرجي " ، يضرب مثلا لمن ينزل منزلا لا يصلح لمثله . وإنما قلنا إن هذا من قياس الباب لأن العش لا يكاد يعتشه الطائر إلا من دقيق القضبان والأغصان . و قال ابن الأعرابي : الاعتشاش : أن يمتار القوم ميرة ليست بالكثيرة .

ومن الباب ما حكاه الخليل : عشش الخبز ، إذا كرج . وقال غيره : عش فهو عاش ، إذا تغير ويبس . وعشش الكلأ : يبس . ويقال عششت الأرض : يبست .

ومما شذ عن هذا الأصل قولهم : أعششت القوم ، إذا نزلت بهم على كره حتى يتحولوا من أجلك . وأنشد :

[ ص: 47 ]

ولو تركت نامت ولكن أعشها     أذى من قلاص كالحني المعطف



ومن الأماكن التي لا تنقاس : أعشاش ، موضع بالبادية ، فيه يقول الفرزدق :


عزفت بأعشاش وما كدت تعزف     وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف



وزعم ناس عن الليث قال : سمعت راوية الفرزدق ينشد : " بإعشاش " . وقال : الإعشاش : الكبر . يقول : عزفت بكبرك عمن تحب ، أي صرفت نفسك عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية