صفحة جزء
( علو ) العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واوا أو ألفا ، أصل واحد يدل على السمو والارتفاع ، لا يشذ عنه شيء . ومن ذلك العلاء والعلو . ويقولون : تعالى النهار ، أي ارتفع . ويدعى للعاثر : لعا لك عاليا ! أي ارتفع في علاء وثبات . وعاليت الرجل فوق البعير : عاليته . قال :


وإلا تجللها يعالوك فوقها وكيف توقى ظهر ما أنت راكبه



[ ص: 113 ] قال الخليل : أصل هذا البناء العلو . فأما العلاء فالرفعة . وأما العلو فالعظمة والتجبر . يقولون : علا الملك في الأرض علوا كبيرا . قال الله - تعالى : إن فرعون علا في الأرض ، ويقولون : رجل عالي الكعب ، أي شريف . قال :


لما علا كعبك لي عليت



ويقال لكل شيء يعلو : علا يعلو . فإن كان في الرفعة والشرف قيل علي يعلى . ومن قهر أمرا فقد اعتلاه واستعلى عليه وبه ، كقولك استولى . والفرس إذا جرى في الرهان فبلغ الغاية قيل : استعلى على الغاية واستولى . و قال ابن السكيت : إنه لمعتل بحمله ، أي مضطلع به . وقد اعتلى به . وأنشد :


إني إذا ما لم تصلني خلتي     وتباعدت مني اعتليت بعادها



يريد علوت بعادها . وقد علوت حاجتي أعلوها علوا ، إذا كنت ظاهرا عليها . وقال الأصمعي في قول أوس :


جل الرزء والعالي



أي الأمر العظيم الذي يقهر الصبر ويغلبه . وقال أيضا في قول أمية بن أبي الصلت :

[ ص: 114 ]

إلى الله أشكو الذي قد أرى     من النائبات بعاف وعال



أي بعفوي وجهدي ، من قولك علاه كذا ، أي غلبه . والعافي : السهل . والعالي : الشديد .

قال الخليل : المعلاة : كسب الشرف ، والجمع المعالي . وفلان من علية الناس أي من أهل الشرف . وهؤلاء علية قومهم ، مكسورة العين على فعلة مخففة . والسفل والعلو : أسفل الشيء وأعلاه . ويقولون : عال عن ثوبي ، واعل عن ثوبي ، إذا أردت قم عن ثوبي وارتفع عن ثوبي; وعال عنها ، أي تنح; واعل عن الوسادة .

قال أبو مهدي : أعل علي وعال علي ، أي احمل علي .

ويقولون : فلان تعلوه العين وتعلو عنه العين ، أي لا تقبله تنبو عنه . والأصل في ذلك كله واحد . ويقال علا الفرس يعلوه علوا ، إذا ركبه; وأعلى عنه ، إذا نزل . وهذا وإن كان في الظاهر بعيدا من القياس فهو في المعنى صحيح; لأن الإنسان إذا نزل عن شيء فقد باينه وعلا عنه في الحقيقة ، لكن العرب فرقت بين المعنيين بالفرق بين اللفظين .

قال الخليل : العلياء : رأس كل جبل أو شرف . قال زهير :


تبصر خليلي هل ترى من ظعائن     تحملن بالعلياء من فوق جرثم



[ ص: 115 ] ويسمى أعلى القناة : العالية ، وأسفلها : السافلة ، والجمع العوالي . قال الخليل : العالية من محال العرب من الحجاز وما يليها ، والنسبة إليها على الأصل عالي ، والمستعمل علوي .

قال أبو عبيد ، عالى الرجل ، إذا أتى العالية . وزعم ابن دريد أنه يقال للعالية علو : اسم لها ، وأنهم يقولون : قدم فلان من علو . وزعم أن النسب إليه علوي .

قالوا : والعلية : غرفة ، على بناء حرية . وهي في التصريف فعلية ، ويقال فعلولة .

قال الفراء في قوله - تعالى - : إن كتاب الأبرار لفي عليين قالوا : إنما هو ارتفاع بعد ارتفاع إلى ما لا حد له . وإنما جمع بالواو والنون لأن العرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين ، قالوه في المذكر والمؤنث نحو عليين ، فإنه إنما يراد به شيء ، لا يقصد به واحد و لا اثنان ، كما قالت العرب : " أطعمنا مرقة مرقين " . وقال :


قليصات وأبيكرينا



فجمع بالنون لما أراد العدد الذي لا يحده . وقال آخر في هذا الوزن :

[ ص: 116 ]

فأصبحت المذاهب قد أذاعت     بها الإعصار بعد الوابلينا



أراد المطر بعد المطر ، شيئا غير محدود . وقال أيضا :

يقال عليا مضر وسفلاها ،     وإذا قلت سفل قلت علي

والسماوات العلى الواحدة عليا .

فأما الذي يحكى عن أبي زيد : جئت من عليك ، أي من عندك ، واحتجاجه بقوله :


غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها     تصل وعن قيض بزيزاء مجهل



والمستعلي من الحالبين : الذي في يده الإناء ويحلب بالأخرى . ويقال المستعلي : الذي يحلب الناقة من شقها الأيسر . والبائن : الذي يحلبها من شقها الأيمن . وأنشد :


يبشر مستعليا بائن     من الحالبين بأن لا غرارا



ويقال : جئتك من أعلى ، ومن علا ، ومن عال ، ومن عل . قال أبو النجم :


أقب من تحت عريض من عل



وقد رفعه بعض العرب على الغاية ، قال ابن رواحة :


شهدت فلم أكذب بأن محمدا     رسول الذي فوق السماوات من عل



[ ص: 117 ] وقال آخر في وصف فرس :


ظمأى النسا من تحت ريا من عال     فهي تفدى بالأبين والخال



فأما قول الأعشى :


إني أتتني لسان لا أسر لها     من علو لا عجب فيها ولا سخر



فإنه ينشد فيها على ثلاثة أوجه : مضموما ، ومفتوحا ، ومكسورا .

وأنشد غيره :


فهي تنوش الحوض نوشا من علا     نوشا به تقطع أجواز الفلا



قال ابن السكيت : أتيته من معال . وأنشد :


فرج عنه حلق الأغلال     جذب البرى وجرية الجبال




ونغضان الرحل من معال



ويقال : عوليت الفرس ، إذا كان خلقها معالى . ويقال ناقة عليان ، أي طويلة جسيمة . ورجل عليان : طويل . وأنشد :


أنشد من خوارة عليان     ألقت طلا بملتقى الحومان



[ ص: 118 ] قال الفراء : جمل عليان ، وناقة عليان . ولم نجد المكسور أوله جاء نعتا في المذكر والمؤنث غيرهما . وأنشد :


حمراء من معرضات الغربان     تقدمها كل علاة عليان



ويقال لمعالي الصوت عليان أيضا . فأما أبو عمرو فزعم أنه لا يقال للذكر عليان ، إنما يقولون جمل نبيل . فأما قولهم : تعال ، فهو من العلو ، كأنه قال اصعد إلي; ثم كثر حتى قاله الذي بالحضيض لمن هو في علوه . ويقال تعاليا ، وتعالوا ، لا يستعمل هذا إلا في الأمر خاصة ، وأميت فيما سوى ذلك . ويقال لرأس الرجل وعنقه علاوة . والعلاوة : ما يحمل على البعير بعد تمام الوقر . وقوله :


ألا أيها الغادي تحمل رسالة     خفيفا معلاها جزيلا ثوابها



معلاها : محملها . ويقال : قعد في علاوة الريح وسفالتها . وأنشد :


تهدي لنا كلما كانت علاوتنا     ريح الخزامى فيها الندى والخضل



قال : الخليل المعلى : السابع من القداح ، وهو أفضلها ، وإذا فاز حاز سبعة أنصباء من الجزور ، وفيه سبع فرض : علامات . والمعلي : الذي يمد الدلو إذا متح . قال :

[ ص: 119 ]

هوي الدلو نزاها المعل



ويقال للمرأة إذا طهرت من نفاسها : قد تعلت ، وهي تتعلى . وزعموا أن ذلك لا يقال إلا للنفساء ، ولا يستعمل في غيرها . قال جرير :


فلا ولدت بعد الفرزدق حامل     ولا ذات حمل من نفاس تعلت



قال الأصمعي : يقال : عل رشاءك ، أي ألقه فوق الأرشية كلها . ويقال إن المعلى : الذي إذا زاغ الرشاء عن البكرة علاه فأعاده إليها . قال العجير :


ولي مائح لم يورد الماء قبله     معل وأشطان الطوي كثير



ويقولون في رجل خاصمه [ آخر ] : إن له من يعليه عليه .

وأما علوان الكتاب فزعم قوم أنه غلط ، إنما هو عنوان . وليس ذلك غلطا ، واللغتان صحيحتان وإن كانتا مولدتين ليستا من أصل كلام العرب . وأما عنوان فمن عن . وأما علوان فمن العلو ، لأنه أول الكتاب وأعلاه .

ومن الباب العلاة ، وهي السندان ، ويشبه به الناقة الصلبة . قال :

[ ص: 120 ]

ومبلد بين موماة بمهلكة     جاوزته بعلاة الخلق عليان



قال الخليل : علي على فعيل ، والنسبة إليه علوي . وبنو علي : بطن من كنانة ، يقال هو علي بن سود الغساني ، تزوج بأمهم بعد أبيهم ورباهم فنسبوا إليه . قال :


وقالت ربايانا ألا يال عامر     على الماء رأس من علي ملفف



وقال أبو سعيد : يقال ما أنت إلا على أعلى وأروح ، أي في سعة وارتفاع . ويقال " أعلى " : السماوات . وأما " أروح " فمهب الرياح من آفاق الأرض . قال ابن هرمة :


غدا الجود يبغي من يؤدي حقوقه     فراح وأسرى بين أعلى وأروحا



أي راح وأسرى بين أعلى ماله وأدونه ، فاحتكم في ذلك كله .

التالي السابق


الخدمات العلمية