صفحة جزء
( علق ) العين واللام والقاف أصل كبير صحيح يرجع إلى معنى واحد ، وهو أن يناط الشيء بالشيء العالي . ثم يتسع الكلام فيه ، والمرجع كله إلى الأصل الذي ذكرناه .

تقول : علقت الشيء أعلقه تعليقا . وقد علق به ، إذا لزمه . والقياس واحد . والعلق : ما تعلق به البكرة من القامة . ويقال العلق : آلة البكرة . ويقولون : البئر محتاجة إلى العلق . وقال أبو عبيدة : العلق هي البكرة بكل آلتها دون الرشاء والدلو . والعلق : الدم الجامد ، وقياسه صحيح ، لأنه يعلق بالشيء; والقطعة منه علقة . قال :


ينزو على أهدامه من العلق



ويقول القائل في الوعيد : " لتفعلن كذا أو لتشرقن بعلقة " يعني الدم ، كأنه يتوعده بالقتل . والعلق : أن يلز بعيران بحبل ويسنى عليهما إذا عظم الغرب . وأعلقت بالغرب بعيرين ، إذا قرنتهما بطرف رشائه .

قال اللحياني : بئر فلان تدوم على علق ، أي لا تنزح ، إذا كان عليها دلوان وقامة ورشاء . وهذه قامة ليس لها علق ، أي ليس لها حبل يعلق بها .

[ ص: 126 ] قال الخليل : العلق أن ينشب الشيء بالشيء . قال جرير :


إذا علقت مخالبه بقرن     أصاب القلب أو هتك الحجابا

وعلق فلان بفلان : خاصمه . والعلق : الهوى . وفي المثل : " نظرة من ذي علق " ، أي ذي هوى قد علق قلبه بمن يهواه . وقال الأعشى :


علقتها عرضا وعلقت رجلا     غيري وعلق أخرى غيرها الرجل



ومن الباب العلاق ، وهو الذي يجتزئ [ به ] الماشية من الكلأ إلى أوان الربيع . وقال الأعشى :


وفلاة كأنها ظهر ترس     ليس إلا الرجيع فيها علاق

يقول : لا تجد الإبل فيها علاقا إلا ما تردده من جرتها في أفواهها . والظبية تعلق علوقا ، إذا تناولت الشجرة بفيها . وفي حديث الشهداء : إن أرواحهم في أجواف طير خضر تعلق في الجنة . والعلقة : شجر يبقى في الشتاء تعلق به الإبل فتستغني به ، مثل العلاق . ويقال : ما يأكل فلان إلا علقة ، أي ما يمسك نفسه .

قال ابن الأعرابي : العلقة : الشيء القليل ما كان ، والجمع علق . ومن الباب : العلقة : دويبة تكون في الماء ، والجمع علق ، تعلق بحلق الشارب . ورجل [ ص: 127 ] معلوق ، إذا أخذت العلق بحلقه . وقد علقت الدابة علقا ، إذا علقتها العلقة عند الشرب .

ومن الباب على نحو الاستعارة ، قولهم : علق دم فلان ثياب فلان ، إذا كان قاتله . ويقولون : دم فلان في ثوب فلان . قال أبو ذؤيب :


تبرأ من دم القتيل وبزه     وقد علقت دم القتيل إزارها



قالوا : الإزار يذكر ويؤنث في لغة هذيل وبزه : سلاحه . وقال قوم : " علقت دم القتيل إزارها " مثل ، يقال : حملت دم فلان في ثوبك ، أي قتلته . وهذا على كلامين ، أراد علقت المرأة دم القتيل ثم قال : علقه إزارها .

قالوا : والعلاقة : الخصومة . قال الخليل : رجل معلاق ، إذا كان شديد الخصومة . قال مهلهل :


إن تحت الأحجار حزما     وجودا وخصيما ألد ذا معلاق



ورواه غيره بالغين ، وهو الخصم الذي يغلق عنده رهن خصمه فلا يقدر على افتكاكه منه ، للدده .

وتعليق الباب : نصبه . والمعاليق والأعاليق للعنب ونحوه ، ولا واحد للأعاليق . والعلاقة : [ علاقة ] السوط ونحوه . والعلاقة للحب . والعلاقة : [ ص: 128 ] ما ذكرناه من العلاق الذي يتعلق به في معيشة وغيرها . والعليق : القضيم ، من قولك أعلقته فهو عليق ، كما يقال أعقدت العسل فهو عقيد .

وذكر عن الخليل أنه قال : يسمى الشراب عليقا . ومثل هذا مما لعل الخليل لا يذكره ، ولا سيما هذا البيت شاهده .


واسق هذا وذا وذاك وعلق     لا نسمي الشراب إلا العليقا



ويقولون لمن رضي بالأمر بدون تمامه : متعلق . ومن أمثالهم :


علقت معالقها وصر الجندب



وأصله أن رجلا انتهى إلى بئر فأعلق رشاءه برشائها ، ثم صار إلى صاحب البئر فادعى جواره ، فقال له : وما سبب ذلك ؟ فقال : علقت رشائي برشائك . فأمره بالارتحال عنه ، فقال الرجل : " علقت معالقها وصر الجندب " ، أي علقت الدلو معالقها وجاء الحر ولا يمكن الذهاب .

وقد علقت الفسيلة إذا ثبتت في الغراس . ويقولون : أعلقت الأم من عذرة الصبي بيدها تعلق إعلاقا ، والعذرة قريبة من اللهاة وهي وجع ، فكأنها لما رفعته أعلقته . ويقال هذا علق من الأعلاق ، للشيء النفيس ، كأن كل من رآه يعلقه . ثم يشبهون ذلك فيسمون الخمر العلق . وأنشدوا :


إذا ما ذقت فاها قلت علق مدمس     أريد به قيل فغودر في ساب

[ ص: 129 ] ويقال للشيء النفيس : علق مضنة ومضنة . ويقال فلان ذو معلقة ، إذا كان مغيرا يعلق بكل شيء . وأعلقت ، أي صادفت علقا نفيسا ، وجمع العلق علوق . قال الكميت :


إن يبع بالشباب شيئا فقد با ع     رخيصا من العلوق بغال



والعلاقة : الحب اللازم للقلب . ويقولون : إن العلوق من النساء : المحبة لزوجها . وقوله تعالى : فتذروها كالمعلقة ، هي التي لا تكون أيما ولا ذات بعل ، كأن أمرها ليس بمستقر . وكذلك قول المرأة في حديث أم زرع : إن أنطق أطلق ، وإن أسكت أعلق . وقولهم : " ليس المتعلق كالمتأنق " أي ليس من عيشه قليل كمن يتأنق فيختار ما شاء . والعلائق : البضائع . ويقولون : جاء فلان بعلق فلق ، أي بداهية . وقد أعلق وأفلق . وأصل هذا أنها داهية تعلق كلا . ويقال إن العلوق : ما تعلقه السائمة من الشجر بأفواهها من ورق أو ثمر . وما علقت منه السائمة علوق . قال :


هو الواهب المائة المصطفا     ة لاط العلوق بهن احمرارا



[ ص: 130 ] يريد أنهن رعين في الشجر وعلقنه حتى سمن واحمررن ولاط بهن . والإبل إذا رعت في الطلح ونحوه فأكلت ورقه أخصبت عليه وسمنت واحمرت . والعليق : شجر من شجر الشوك لا يعظم ، فإذا نشب فيه الشيء لم يكد يتخلص من كثرة شوكه ، وشوكه حجن حداد ، ولذلك سمي عليقا . ويقولون : هذا حديث طويل العولق ، أي طويل الذنب .

وأما العلوق من النوق ، فقال الكسائي : العلوق : الناقة التي تأبى أن ترأم ولدها . والمعالق مثلها . وأنشد :


أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به     رئمان أنف إذا ماضن باللبن



فقياسه صحيح ، كأنها علقت لبنها فلا يكاد يتخلص منها . قال أبو عمرو : العلوق ما يعلق الإنسان . ويقال للمنية : علوق . قال :


وسائلة بثعلبة بن سير     وقد علقت بثعلبة العلوق



وعلق الظبي في الحبالة يعلق ، إذا نشق فيها . وقد أعلقته الحبالة . وأعلق الحابل إعلاقا ، إذا وقع في حبالته الصيد . وقال أعرابي : " فجاء ظبي يستطيف [ ص: 131 ] الكفة فأعلقته " . ويقال للحابل : أعلقت فأدرك . وكذلك الظبي إذا وقع في الشرك ، أعلق به . قال ذو الرمة :


ويوم يزير الظبي أقصى كناسه     وتنزو كنزو المعلقات جنادبه



ويقولون : ما ترك الحالب للناقة علقة ، أي لم يدع في ضرعها شيئا إلا حلبه . وقلائد النحور ، وهي العلائق . فأما العليقة فالدابة تدفع إلى الرجل ليمتار عليها لصاحبها ، والجمع علائق . قال :


وقائلة لا تركبن عليقة     ومن لذة الدنيا ركوب العلائق



وقال آخر :


أرسلها عليقة وقد علم أن     العليقات يلاقين الرقم



ويقولون : علق يفعل كذا ، كأنه يتعلق بالأمر الذي يريده . وقد علق الكبر منه معالقه . ومعاليق العقد والشنوف : ما يعلق بهما مما يحسنهما . ويقولون : علقت المرأة : حبلت . ورجل ذو معلقة ، إذا كان مغيرا يتعلق بكل شيء . قال :


أخاف أن يعلقها ذو معلقه



[ ص: 132 ] والعلاقية : الرجل الذي إذا علق شيئا لم يكد يدعه . وأما العلقة ، فقال ابن السكيت : هي قميص يكون إلى السرة وإلى أنصاف السرة ، وهي البقيرة . وأنشد :


وما هي إلا في إزار وعلقة     مغار ابن همام على حي خثعما



وهو من القياس; لأنه إذا لم يكن ثوبا واسعا فكأنه شيء علق على شيء . قال أبو عمرو : وهو ثوب يجاب ولا يخاط جانباه ، تلبسه الجارية إلى الحجزة ، وهو الشوذر .

التالي السابق


الخدمات العلمية