صفحة جزء
( عجم ) العين والجيم والميم ثلاثة أصول : أحدها يدل على سكوت وصمت ، والآخر على صلابة وشدة ، والآخر على عض ومذاقة .

فالأول الرجل الذي لا يفصح ، هو أعجم ، والمرأة عجماء بينة العجمة . قال أبو النجم :

[ ص: 240 ]

أعجم في آذانها فصيحا



ويقال عجم الرجل ، إذ صار أعجم ، مثل سمر وأدم . ويقال للصبي ما دام لا يتكلم لا يفصح : صبي أعجم . ويقال : صلاة النهار عجماء ، إنما أراد أنه لا يجهر فيها بالقراءة . وقولهم : العجم الذين ليسوا من العرب ، فهذا من هذا القياس كأنهم لما لم يفهموا عنهم سموهم عجما ، ويقال لهم عجم أيضا . قال :


ديار مية إذ مي تساعفنا     ولا يرى مثلها عجم ولا عرب



ويقولون : استعجمت الدار عن جواب السائل . قال :


صم صداها وعفا رسمها     واستعجمت عن منطق السائل



ويقال : الأعجمي : الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية . وهذا عندنا غلط ، وما نعلم أحدا سمى أحدا من سكان البادية أعجميا ، كما لا يسمونه عجميا ، ولعل صاحب هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجمي . قال الأصمعي : يقال : بعير أعجم ، إذا كان لا يهدر . والعجماء : البهيمة ، وسميت عجماء لأنها لا تتكلم ، وكذلك كل من لم يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم . وفي الحديث : جرح العجماء جبار ، تراد البهيمة .

قال الخليل : حروف المعجم مخفف ، هي الحروف المقطعة ، لأنها أعجمية . وكتاب معجم ، وتعجيمه : تنقيطه كي تستبين عجمته ويضح . وأظن أن الخليل أراد بالأعجمية أنها ما دامت مقطعة غير مؤلفة تأليف الكلام المفهوم ، فهي [ ص: 241 ] أعجمية; لأنها لا تدل على شيء . فإن كان هذا أراد فله وجه ، وإلا فما أدري أي شيء أراد بالأعجمية . والذي عندنا في ذلك أنه أريد بحروف المعجم حروف الخط المعجم ، وهو الخط العربي ، لأنا لا نعلم خطا من الخطوط يعجم هذا الإعجام حتى يدل على المعاني الكثيرة . فأما إعجام الخط بالأشكال فهو عندنا يدخل في باب العض على الشيء لأنه فيه ، فسمي إعجاما لأنه تأثير فيه يدل على المعنى .

فأما قول القائل :


يريد أن يعربه فيعجمه



فإنما هو من الباب الذي ذكرناه . ومعناه : يريد أن يبين عنه فلا يقدر على ذلك ، فيأتي به غير فصيح دال على المعنى . وليس ذلك من إعجام الخط في شيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية