صفحة جزء
( عدو ) العين والدال والحرف المعتل أصل واحد صحيح يرجع إليه الفروع كلها ، وهو يدل على تجاوز في الشيء وتقدم لما ينبغي أن يقتصر عليه . من ذلك العدو ، وهو الحضر . تقول : عدا يعدو عدوا ، وهو عاد . قال الخليل : والعدو مضموم مثقل ، وهما لغتان : إحداهما عدو كقولك غزو ، والأخرى عدو كقولك حضور وقعود . قال الخليل : التعدي : تجاوز ما ينبغي أن يقتصر عليه . وتقرأ هذه الآية على وجهين : فيسبوا الله عدوا بغير علم و " عدوا " . والعادي : الذي يعدو على الناس ظلما وعدوانا . وفلان يعدو أمرك ، وما عدا أن صنع كذا . ويقال من عدو الفرس : عدوان ، أي جيد العدو وكثيره . وذئب عدوان : يعدو على الناس . قال :


تذكر إذ أنت شديد القفز نهد القصيرى عدوان الجمز



وتقول : ما رأيت أحدا ما عدا زيدا . قال الخليل : أي ما جاوز زيدا . ويقال : عدا فلان طوره . ومنه العدوان ، قال : وكذلك العداء ، والاعتداء ، والتعدي . وقال أبو نخيلة :


ما زال يعدو طوره العبد الردي     ويعتدي ويعتدي ويعتدي



قال : والعدوان : الظلم الصراح . والاعتداء مشتق من العدوان . فأما [ ص: 250 ] العدوى فقال الخليل : هو طلبك إلى وال أو قاض أن يعديك على من ظلمك أي ينقم منه باعتدائه عليك . والعدوى ما يقال إنه يعدي من جرب أو داء . وفي الحديث : لا عدوى ولا يعدي شيء شيئا . والعداء كذلك . وهذا قياس ، أي إذا كان به داء لم يتجاوزه إليك . والعدوة : عدوة اللص وعدوة المغير . يقال عدا عليه فأخذ ماله ، وعدا عليه بسيفه : ضربه لا يريد به عدوا على رجليه ، لكن هو من الظلم . وأما قوله :


وعادت عواد بيننا وخطوب



فإنه يريد أنها تجاوزت حتى شغلت . ويقال : كف عنا عاديتك . والعادية : شغل من أشغال الدهر يعدوك عن أمرك ، أي يشغلك . والعداء : الشغل . قال زهير :


فصرم حبلها إذ صرمته     وعادك أن تلاقيها عداء



فأما العداء فهو أن يعادي الفرس أو الكلب [ أو ] الصياد بين صيدين ، يصرع أحدهما على إثر الآخر . قال امرؤ القيس :

[ ص: 251 ]

فعادى عداء بين ثور ونعجة     وبين شبوب كالقضيمة قرهب



فإن ذلك مشتق من العدو أيضا ، كأنه عدا على هذا وعدا على الآخر . وربما قالوا : عداء ، بنصب العين . وهو الطلق الواحد . قال :


يصرع الخمس عداء في طلق



والعداء : طوار كل شيء ، انقاد معه عرضه أو طوله . يقولون : لزمت عداء النهر ، وهذا طريق يأخذ عداء الجبل . وقد يقال العدوة في معنى العداء ، وربما طرحت الهاء فيقال عدو ، ويجمع فيقال : أعداء النهر ، وأعداء الطريق . قال : والتعداء : التفعال . وربما سموا المنقلة العدواء . وقال ذو الرمة :


هام الفؤاد بذكراها وخامره     منها على عدواء الدار تسقيم



قال الخليل : والعندأوة : التواء وعسر قال الخليل : وهو من العداء . ونقول : عدى عن الأمر يعدي تعدية ، أي جاوزه إلى غيره . وعديت عني الهم ، أي نحيته عني . وعد عني إلى غيري . وعد عن هذا الأمر ، أي تجاوزه وخذ في غيره . قال النابغة :


فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له     وانم القتود على عيرانة أجد



[ ص: 252 ] وتقول : تعديت المفازة ، أي تجاوزتها إلى غيرها . وعديت الناقة أعديها . قال :


ولقد عديت دوسرة     كعلاة القين مذكارا



ومن الباب : العدو ، وهو مشتق من الذي قدمنا ذكره ، يقال للواحد والاثنين والجمع : عدو . قال الله - تعالى - في قصة إبراهيم : فإنهم عدو لي إلا رب العالمين . والعدى والعدى والعادي والعداة . وأما العدواء فالأرض اليابسة الصلبة ، وإنما سميت بذلك لأن من سكنها تعداها . قال الخليل : وربما جاءت في جوف البئر إذا حفرت ، وربما كانت حجرا حتى يحيدوا عنها بعض الحيد . وقال العجاج في وصف الثور وحفره الكناس ، يصف أنه انتهى إلى عدواء صلبة فلم يطق حفرها فاحرورف عنها :


وإن أصاب عدواء احرورفا     عنها وولاها الظلوف الظلفا



والعدوة : صلابة من شاطئ الواد . ويقال عدوة ، لأنها تعادي النهر مثلا ، أي كأنهما اثنان يتعاديان . قالالخليل : والعدوية من نبات الصيف بعد ذهاب الربيع ، يخضر فترعاه الإبل . تقول : أصابت الإبل عدوية ، وزنه فعلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية