صفحة جزء
( عرس ) العين والراء والسين أصل واحد صحيح تعود فروعه إليه ، وهو الملازمة . قال الخليل : عرس به ، إذا لزمه . فمن فروع هذا الأصل العرس : امرأة الرجل ، ولبؤة الأسد . قال امرؤ القيس :


كذبت لقد أصبي على المرء عرسه وأمنع عرسي أن يزن بها الخالي



ويقال إنه يقال للرجل وامرأته عرسان ; واحتجوا بقول علقمة :

[ ص: 262 ]

أدحي عرسين فيه البيض مركوم



ورجل عروس في رجال عرس ، وامرأة عروس في نسوة عرائس وعرس . وأنشد :


جرت بها الهوج أذيالا مظاهرة     كما تجر ثياب الفوة العرس



وزعم الخليل أن العروس نعت للرجل والمرأة على فعول وقد استويا فيه ، ما داما في تعريسهما أياما إذا عرس أحدهما بالآخر . وأحسن [ من ] ذلك أن يقال للرجل معرس ، أي اتخذ عروسا . والعرب تؤنث العرس . قال الراجز :


إنا وجدنا عرس الحناط     مذمومة لئيمة الحواط



وقال في المعرس :


يمشي إذا أخذ الوليد برأسه     مشيا كما يمشي الهجين المعرس

قال أبو عمرو بن العلاء . يقال : أعرس الرجل بأهله ، إذا بنى بها ، يعرس إعراسا ، وعرس يعرس تعريسا . وربما اتسعوا فقالوا للغشيان : تعريس وإعراس . ويقال : تعرس الرجل لامرأته ، أي تحبب إليها . قال يونس : وهو ما يدل على القياس الذي قسناه . [ و ] عرس الصبي بأمه يعرس ، تقديره علم يعلم ، وذلك إذا أولع بها ولزمها . وكذلك عرس الرجل بصاحبه . قال المعقر :

[ ص: 263 ]

وقد عرس الإناخة والنزولا



وذكر الخليل : عرس يعرس عرسا ، إذا بطر ، ويقال : بل أعيا ونكل . وهذا إنما يصح إذا حمل على القياس الذي ذكرناه ، وذلك أن يعرس عن الشيء بالشيء . قال الأصمعي : عرست الكلاب عن الثور ، أي بطرت عنه . وهذا على ما ذكرناه كأنها شغلت بغيره وعرست .

قال يعقوب : العرس من الرجال : الذي لا يبرح القتال ، مثل الحلس . وقال غيره : رجل عرس مرس . ومن الباب العريس : مأوى الأسد في خيس من الشجر والغياض ، في أشدها التفافا . فأما قول جرير :


مستحصد أجمي فيهم وعريسي



فإنه يعني منبت أصله في قومه . ويقال عريس وعريسة . وتقول العرب في أمثالها :


كمبتغي الصيد في عريسة الأسد



ومن الباب التعريس : نزول القوم في سفر من آخر الليل ، يقعون وقعة ثم [ ص: 264 ] يرتحلون . قلنا في هذا : وإن خف نزولهم فهو محمول على القياس الذي ذكرناه ، لأنهم لا بد [ لهم ] من المقام . قال زهير :


وعرسوا ساعة في كثب أسنمة     ومنهم بالقسوميات معترك

وقال ذو الرمة :


معرسا في بياض الصبح وقعته     وسائر السير إلا ذاك منجذب



ومن الباب : عرست البعير أعرسه عرسا ، وهو أن تشد عنقه مع يديه وهو بارك . وهذا يرجع إلى ما قلناه .

ومما يقرب من هذا الباب المعرس : الذي عمل له عرس ، وهو الحائط يجعل بين حائطي البيت ، لا يبلغ به أقصاه ، ثم يوضع الجائز من طرف العرس الداخل إلى أقصى البيت ، ويسقف البيت كله .

ومن أمثالهم : " لا مخبأ لعطر بعد عروس " ، وأصله أن رجلا تزوج امرأة فلما بنى بها وجدها تفلة ، فقال لها : أين الطيب ؟ فقالت : خبأته ! فقال : لا مخبأ لعطر بعد عروس .

التالي السابق


الخدمات العلمية