صفحة جزء
( عرص ) العين والراء والصاد أصلان صحيحان : أحدهما يدل على إظلال شيء على شيء ، والآخر يدل على الاضطراب . وقد ذكر الخليل القياسين جميعا .

قال الخليل : العرص : خشبة توضع على البيت عرضا إذا أريد تسقيفه ، ثم يوضع عليها أطراف الخشب . تقول عرصت السقف تعريصا . وهذا الذي قاله [ ص: 268 ] الخليل صحيح ، إلا أن العرص إنما هو السقف بتلك الخشبة وسائر ما يتم به التسقيف .

وقال الخليل أيضا : العراص من السحاب : ما أظل من فوق فقرب حتى صار كالسقف ، لا يكون إلا ذا رعد وبرق . فقد قاس الخليل قياس ما ذكرناه من الإظلال في السقف والسحاب . وأنشد :


يرقد في ظل عراص ويطرده حفيف نافجة عثنونها حصب

ألا تراه جعل له ظلا .

والأصل الآخر الدال على الاضطراب . قال الخليل : العراص أيضا من السحاب : ما ذهبت به الريح وجاءت . قال : وأصل التعريص الاضطراب ، ومنه قيل : رمح عراص ، لاضطرابه إذا هز . قال أبو عمرو : ويقال ذلك في السيف أيضا ، وذلك لبريقه ولمعانه . ورمح عراص المهزة ، وبرق عراص . قال :

وكل غاد عرص التبوج

ومن الباب : عرصة الدار ، وهي وسطها ، والجمع عرصات وعراص . قال جميل :


وما يبكيك من عرصات دار     تقادم عهدها ودنا بلاها



ويقال : سميت عرصة لأنها كانت ملعبا للصبيان ومختلفا لهم يضطربون فيه كيف شاءوا . وكان الأصمعي يقول : كل جوبة منفتقة ليس فيها بناء فهي عرصة .

[ ص: 269 ] ومن الباب : العرص ، وهو النشاط ، يقال : عرص ، إذا أشر . قال : وتقول : حلبتها حلبا كعرص الهرة ، وهو أشرها ونشاطها ولعبها بيديها . واعترص مثل عرص . قال :


إذا اعترصت كاعتراص الهره     أوشكت أن تسقط في أفره

وقال أبو زيد : عرصت السماء تعرص عرصا ، إذا دام برقها . وباتت السماء عراصة . ويقال : غيث عراص ، أي لا يسكن برقه .

ومن الباب : عرص البيت . قال : هو من خبث الريح . وهذا مع خبث ريحه فإن الرائحة لا تثبت بمكان ، بل هي تضطرب . ومن ذلك لحم معرص ، قال قوم : هو الذي فيه نهوءة لم ينضج . وأنشد :


سيكفيك صرب القوم لحم معرص     وماء قدور في القصاع مشوب

التالي السابق


الخدمات العلمية