صفحة جزء
باب الباء والضاد وما يثلثهما

( بضع ) الباء والضاد والعين أصول ثلاثة : الأول الطائفة من الشيء عضوا أو غيره ، والثاني بقعة ، والثالث أن يشفى شيء بكلام أو غيره .

فأما الأول فقال الخليل : بضع الإنسان اللحم يبضعه بضعا و [ بضعه ] يبضعه تبضيعا : إذا جعله قطعا . والبضعة القطعة وهي الهبرة . ويقولون : إن فلانا لشديد البضيع والبضعة : إذا كان ذا جسم ولحم سمين . قال :

[ ص: 255 ]

خاظي البضيع لحمه خظا بظا

قال : خاظي البضيع شديد اللحم . وقال يعقوب : البضيع من اللحم جمع بضع ، كقولك عبد وعبيد . فأما الباضعة فهي القطعة من الغنم ، يقال : فرق بواضع . قال الأصمعي : البضعة قطعة من اللحم مجتمعة ، وجمعها بضع ، كما تقول بدرة وبدر ، وتجمع على بضع أيضا . قال زهير :


دما عند شلو تحجل الطير حوله     وبضع لحام في إهاب مقدد

ومن هذا قولهم : بضعت الغصن أبضعه ، أي : قطعته . قال أوس :


ومبضوعة من رأس فرع شظية     بطود تراه بالسحاب مكللا

فأما المباضعة التي هي المباشرة فإنها من ذلك ، لأنها مفاعلة من البضع ، وهو من حسن الكنايات .

قال الأصمعي : باضع الرجل امرأته : إذا جامعها ، بضاعا . وفي المثل : " كمعلمة أمها البضاع " يضرب للرجل يعلم من هو أعلم منه . قال : ويقال : فلان مالك بضعها ، أي : تزويجها . قال الشاعر :


يا ليت ناكحها ومالك بضعها     وبني أبيهم كلهم لم يخلقوا

[ ص: 256 ] قال ابن الأعرابي : البضع النكاح ، والبضاع الجماع .

ومما هو محمول على القياس الأول بضاعة التاجر من ماله طائفة منه . قال الأصمعي : أبضع الرجل بضاعة . قال : ومنه قولهم : " كمستبضع التمر إلى هجر " يضرب مثلا لمن ينقل الشيء إلى من هو أعرف به وأقدر عليه . وجمع البضاعة بضاعات وبضائع .

قال أبو عمرو : الباضع الذي يجلب بضائع الحي . قال الأصمعي : يقال : اتخذ عرضه بضاعة ، أي : جعله كالشيء يشترى ويباع ، وقد أفصح الأصمعي بما قلناه ، فإن في نص قوله : إنما سميت البضاعة بضاعة لأنها قطعة من المال تجعل في التجارة .

قال ابن الأعرابي : البضائع كالعلائق ، وهي الجنائب تجنب مع الإبل . وأنشد :


احمل عليها إنها بضائع     وما أضاع الله فهو ضائع

ومثله :


أرسلها عليقة وما علم     أن العليقات يلاقين الرقم

ومن باب الأعضاء التي هي طوائف من البدن قولهم الشجة الباضعة ، وهي التي تشق اللحم ولا توضح عن العظم . قال الأصمعي : هي التي تشق اللحم شقا خفيفا . ومنه حديث عمر أنه ضرب الذي أقسم على أم سلمة أن تعطيه ، فضربه أدبا له ثلاثين سوطا كلها تبضع وتحدر ، أي : تشق الجلد وتحدر الدم .

[ ص: 257 ] ومن هذا الباب البضع من العدد ، وهو ما بين الثلاثة إلى العشرة . ويقال : البضع سبعة . قالوا : وذلك تفسير قوله تعالى : بضع سنين . ومن أمثالهم : " تشرط البضاعة " ، يقول : إذا احتاج بذل بضاعته وما عنده .

وأما البقعة فالبضيع بلد ، قال فيه حسان :


أسألت رسم الدار أم لم تسأل     بين الجوابي فالبضيع فحومل

وباضع : موضع . وبضيع : جبل . وهو في شعر لبيد . والبضيع البحر . قال الهذلي :


فظل يراعي الشمس حتى كأنها     فويق البضيع في الشعاع خميل

وقال الدريدي : البضيع جزيرة تقطع من الأرض في البحر . فإن كان ما قاله ابن دريد صحيحا فقد عاد إلى القياس الأول .

وأما الأصل الثالث فقولهم : بضعت من الماء : رويت منه . وماء بضيع ، أي : نمير .

قال الأصمعي : شرب فلان فما بضع ، أي : ما روي . والبضع الري . قال الشيباني : بضع بضوعا ، كما يقال : نقع .

التالي السابق


الخدمات العلمية