صفحة جزء
( عرب ) العين والراء والباء أصول ثلاثة : أحدها الإنابة والإفصاح ، والآخر النشاط وطيب النفس ، والثالث فساد في جسم أو عضو .

فالأول قولهم : أعرب الرجل عن نفسه ، إذا بين وأوضح . قال رسول الله 0 صلى الله عليه وآله وسلم - : الثيب يعرب عنها لسانها ، والبكر تستأمر في نفسها [ ص: 300 ] وجاء في الحديث : " يستحب حين يعرب الصبي أن يقول لا إله إلا الله . سبع مرات " ، أي حين يبين عن نفسه . وليس هذا من إعراب الكلام . وإعراب الكلام أيضا من هذا القياس ، لأن بالإعراب يفرق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام ، وسائر أبواب هذا النحو من العلم .

فأما الأمة التي تسمى العرب فليس ببعيد أن يكون سميت عربا من هذا القياس لأن لسانها أعرب الألسنة ، وبيانها أجود البيان . ومما يوضح هذا الحديث الذي جاء : " إن العربية ليست بابا واحدا ، لكنها لسان ناطق " . ومما يدل على هذا أيضا قول العرب : ما بها عريب ، أي ما بها أحد ، كأنهم يريدون ، ما بها أنيس يعرب عن نفسه . قال الخليل : العرب العاربة هم الصريح . والأعاريب : جماعة الأعراب . ورجل عربي . قال : وأعرب الرجل ، إذا أفصح القول ، وهو عرباني اللسان : فصيح . وأعرب الفرس : خلصت عربيته وفاتته القرفة . والإبل العراب ، هي العربية . والعرب المستعربة هم الذين دخلوا بعد فاستعربوا وتعربوا .

والأصل الآخر : المرأة العروب : الضحاكة الطيبة النفس ، وهن العرب . قال الله - تعالى - : فجعلناهن أبكارا عربا أترابا ، قال أهل التفسير : هن المتحببات إلى أزواجهن .

[ ص: 301 ] والعرب ، بسكون الراء : النشاط . قال :


والخيل تنزع عربا في أعنتها



والعرب : الأثر ، بفتح الراء . يقال منه : عرب يعرب عربا .

والأصل الثالث قولهم : [ عربت ] معدته ، إذا فسدت ، تعرب عربا . ويقال من ذلك : امرأة عروب ، أي فاسدة . أنشدنا علي بن إبراهيم القطان ، قال : أنشدنا ثعلب عن ابن الأعرابي :


وما خلف من أم عمران سلفع     من السود ورهاء العنان عروب



فأما يوم الجمعة فإنه يدعى العروبة ، وهو اسم عندنا موضوع على غير ما ذكرناه من القياس . ويقولون : إنه كان يسمى في الزمن القديم العروبة . وكتاب الله - تعالى - وحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يجئ إلا بذكر الجمعة . على أنهم قد أنشدوا :


يوم العروبة أورادا بأوراد



وأنشدوا أيضا :


يا حسنه عند العزيز إذا بدا     يوم العروبة واستقر المنبر



وكل هذا عندنا مما لا يعول على صحته .

[ ص: 302 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية