صفحة جزء
( عصوى ) العين والصاد والحرف المعتل أصلان صحيحان ، إلا أنهما متباينان يدل أحدهما على التجمع ، ويدل الآخر على الفرقة .

فالأول العصا ، سميت بذلك لاشتمال يد ممسكها عليها ، ثم قيس ذلك فقيل للجماعة عصا . يقال : العصا : جماعة الإسلام ، فمن خالفهم فقد شق عصا المسلمين . وإذا فعل ذلك فقتل قيل له : هو قتيل العصا ، ولا عقل له ولا قود فيه . ويقولون : هذه عصا ، وعصوان ، وثلاث أعص . والجمع من غير عدد عصي وعصي . ويقيسون على العصا فيقولون : عصيت بالسيف . وقال جرير :

[ ص: 335 ]

تصف السيوف وغيركم يعصى بها يا ابن القيون وذاك فعل الصيقل



وقال آخر :


وإن المشرفية قد علمتم     إذا يعصى بها النفر الكرام



وقال في تثنية العصا :


فجاءت بنسج العنكبوت كأنه     على عصويها سابري مشبرق



ومن الباب : عصوت الجرح أعصوه ، أي داويته . وهو القياس ، لأنه يتلأم أي يتجمع . وفي أمثالهم : " ألقى فلان عصاه " . وذلك إذا انتهى المسافر إلى عشب وأزمع المقام ألقى عصاه . قال :


فألقت عصاها واستقر بها النوى     كما قر عينا بالإياب المسافر



ومن الباب قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا ترفع عصاك عن أهلك ، لم يرد العصا التي يضرب بها ، ولا أمر أحدا بذلك ، ولكنه أراد الأدب .

قال أبو عبيد : وأصل العصا الاجتماع والائتلاف . وهذا يصحح ما قلناه في قياس هذا البناء .

والأصل الآخر : العصيان والمعصية . يقال : عصى ، وهو عاص ، والجمع عصاة وعاصون . والعاصي : الفصيل إذا عصى أمه في اتباعها .

[ ص: 336 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية