صفحة جزء
( بقي ) الباء والقاف والياء أصل واحد ، وهو الدوام . قال الخليل : يقال : بقي الشيء يبقى بقاء ، وهو ضد الفناء . قال : ولغة طي بقى يبقى ، وكذلك لغتهم في كل مكسور ما قبلها ، يجعلونها ألفا ، نحو بقى ورضا . وإنما فعلوا ذلك لأنهم يكرهون اجتماع الكسرة والياء ، فيفتحون ما قبل الياء ، فتنقلب الياء ألفا ، ويقولون في جارية جاراة ، وفي بانية باناة ، وفي ناصية ناصاة . قال :


وما صد عني خالد من بقية ولكن أتت دوني الأسود الهواصر

يريد بالبقية هاهنا البقيا عليه . ويقول العرب : نشدتك الله والبقيا . وربما قالوا البقوى . قال الخليل : استبقيت فلانا ، وذلك أن تعفو عن زلله فتستبقي مودته . قال النابغة :

[ ص: 277 ]

فلست بمستبق أخا لا تلمه     على شعث أي الرجال المهذب

ويقول العرب : هو يبقي الشيء ببصره : إذا كان ينظر إليه ويرصده . قال الكميت :


ظلت وظل عذوبا فوق رابية     تبقيه بالأعين المحرومة العذب

يصف الحمار أنه أراد أن يرد بأتنه فوق رابية ، وانتظر غروب الشمس . وكذلك بات فلان يبقي البرق : إذا صار ينظر إليه أين يلمع . قال الفزاري :


قد هاجني الليلة برق لامع     فبت أبقيه وطرفي هامع

قال ابن السكيت : بقيت فلانا أبقيه : إذا رعيته وانتظرته . ويقال : ابق لي الأذان ، أي ارقبه لي . وأنشد :


فما زلت أبقي الظعن حتى كأنها     أواقي سدى تغتالهن الحوائك

ومن ذلك حديث معاذ رضي الله عنه : بقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يريد انتظرناه . وهذا يرجع إلى الأصل الأول; لأن الانتظار بعض الثبات والدوام .

التالي السابق


الخدمات العلمية