صفحة جزء
( بلوي ) الباء واللام والواو والياء ، أصلان : أحدهما إخلاق الشيء ، والثاني نوع من الاختبار ، ويحمل عليه الإخبار أيضا .

فأما الأول فقال الخليل : بلي يبلى فهو بال . والبلى مصدره . وإذا فتح فهو البلاء ، وقال قوم هو لغة . وأنشد :


والمرء يبليه بلاء السربال مر الليالي واختلاف الأحوال

والبلية : الدابة التي كانت في الجاهلية تشد عند قبر صاحبها ، وتشد على رأسها ولية ، فلا تعلف ولا تسقى حتى تموت . قال أبو زبيد :

[ ص: 293 ]

كالبلايا رءوسها في الولايا     مانحات السموم حر الخدود

ومنها ما يعقر عند القبر حتى تموت . قال :


تكوس به العقرى على قصد القنا     ككوس البلايا عقرت عند مقبر

ويقال منه بليت البلية . قال اليزيدي : كانت العرب تسلخ راحلة الرجل بعد موته ، ثم تحشوها ثماما ثم تتركها على طريقه إلى النادي . وكانوا يزعمون أنها تبعث معه ، وأن من لم يفعل به ذلك حشر راجلا .

قال ابن الأعرابي : يقال بلى عليه السفر وبلاه . وأنشد :


قلوصان عوجاوان بلى عليهما     دءوب السرى ثم اقتحام الهواجر

يريد بلاهما .

قال الخليل : تقول ناقة بلو سفر ، مثل نضو سفر ، أي قد أبلاها السفر . وبلي سفر ، عن الكسائي .

وأما الأصل الآخر فقولهم بلي الإنسان وابتلي ، وهذا من الامتحان ، وهو الاختبار . وقال :


بليت وفقدان الحبيب بلية     وكم من كريم يبتلى ثم يصبر

ويكون البلاء في الخير والشر . والله تعالى يبلي العبد بلاء حسنا وبلاء سيئا ، وهو يرجع إلى هذا ; لأن بذلك يختبر في صبره وشكره .

[ ص: 294 ] وقال الجعدي في البلاء إنه الاختبار :


كفاني البلاء وإني امرؤ     إذا ما تبينت لم أرتب

قال ابن الأعرابي : هي البلوة والبلية والبلوى . وقالوا في قول زهير :


فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو

معناه أعطاهما خير العطاء الذي يبلو به عباده .

قال الأحمر : يقول العرب : نزلت بلاء ، على وزن حذام .

ومما يحمل على هذا الباب قولهم : أبليت فلانا عذرا ، أي أعلمته وبينته فيما بيني وبينه ، فلا لوم علي بعد .

قال أبو عبيد : أبليته يمينا أي طيبت نفسه بها . قال أوس :


كأن جديد الدار يبليك عنهم     نقي اليمين بعد عهدك حالف

قال ابن الأعرابي : يبليك يخبرك . يقول العرب : أبلني كذا ، أي أخبرني ; فيقول الآخر : لا أبليك . ومنه حديث أم سلمة ، حين ذكرت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه ، فسألها عمر : أمنهم أنا ؟ فقالت : لا ، ولن أبلي أحدا بعدك . أي لن أخبر .

قال ابن الأعرابي : يقال ابتليته فأبلاني ، أي استخبرته فأخبرني .

[ ص: 295 ] ذكر ما شذ عن هذين الأصلين : قال الخليل : تقول : الناس بذي بلي وذي بلي ، أي هم متفرقون . قال أبو زيد : هم بذي بليان أيضا ، وذلك إذا بعد بعضهم [ عن بعض ] وكانوا طوائف مع غير إمام يجمعهم . ومنه حديث خالد لما عزله عمر عن الشام : " ذاك إذا كان الناس بذي بلي ، وذي بلى " . وأنشد الكسائي في رجل يطيل النوم :


ينام ويذهب [ الأقوام ] حتى     يقال [ أتوا ] على ذي بليان

وأما بلى فليست من الباب بوجه ، والأصل فيها بل .

وبلي ابن عمرو بن الحاف بن قضاعة ، والنسبة إليه بلوي . والأبلاء : اسم بئر . قال الحارث :


فرياض القطا فأودية الشر     بب فالشعبتان فالأبلاء

التالي السابق


الخدمات العلمية