صفحة جزء
( قمع ) القاف والميم والعين أصول ثلاثة صحيحة : أحدها نزول شيء مائع في أداة تعمل له ، والآخر إذلال وقهر ، والثالث جنس من الحيوان .

[ ص: 28 ] فالأول القمع معروف ، يقال قمع وقمع . وفي الحديث : " ويل لأقماع القول " ، وهم الذين يسمعون ولا يعون ، فكأن آذانهم كالأقماع التي لا يبقى فيها شيء . ويقولون : اقتمعت ما في السقاء ، إذا شربته كله ، ومعناه أنك صرت له كالقمع .

والأصل الآخر ، وقد يمكن أن يجمع بينه وبين الأول بمعنى لطيف ، وذلك قولهم : قمعته : أذللته . ومنه قمعته ، إذا ضربته بالمقمع . قال الله تعالى : ولهم مقامع من حديد . وسمي قمعة بن إلياس لأن أباه أمره بأمر فانقمع في بيته ، فسمي قمعة . والقياس في هذا والأول متقارب; لأن فيه الولوج في بيته وكذلك الماء ينقمع في القمع . والأصل الآخر القمع : الذباب الأزرق العظيم . يقال : تركناه يتقمع الذبان من الفراغ ، أي يذبها كما يتقمع الحمار . وتسمى تلك الذبان : القمع . قال أوس :


ألم تر أن الله أنزل نصره وعفر الظباء في الكناس تقمع

ويقال : أقمعت الرجل عني ، إذا رددته عنك . وهو من هذا ، كأنه طرده . ومما حمل على التشبيه بهذا ، القمع : ما فوق السناسن من سنام البعير من أعلاه . ومنه القمع : غلظ في إحدى ركبتي الفرس . والقمع : بثرة تكون في الموق من زيادة اللحم .

[ ص: 29 ] ومما شذ عن هذه الأصول قولهم : إن قمعة مال القوم : خياره .

التالي السابق


الخدمات العلمية