باب القاف والنون وما يثلثهما
( قنا ) القاف والنون والحرف المعتل أصلان يدل أحدهما على ملازمة ومخالطة ، والآخر على ارتفاع في شيء . فالأول قولهم : قاناه ، إذا خالطه ، كاللون يقاني لونا آخر غيره . وقال الأصمعي : قانيت الشيء : خلطته . قال
امرؤ القيس :
كبكر المقاناة البياض بصفرة
غذاها نمير الماء غير المحلل ومن ذلك قولهم : ما يعانيني هذا ، أي ما يوافقني . ومعناه أنه ينبو عنه فلا يخالطه .
ومن الباب : قنى الشيء واقتناه ، إذا كان ذلك معدا له لا للتجارة . ومال قنيان : يتخذ قنية . ومنه : قنيت حيائي : لزمته . واشتقاقه من القنية .
قال الشاعر :
فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي أني امرؤ سأموت إن لم أقتل
[ ص: 30 ] والقنو : العذق بما عليه ، لأنه ملازم لشجرته . ومن الباب المقناة من الظل فيمن لا يهمزها ، وهو مكان لا تصيبه الشمس . وإنما سمي بذلك لأن الظل ملازمه لا يكاد يفارقه .
ويقول أهل العلم بالقرآن : إن كهف أصحاب الكهف في مقناة من جبل .
والأصل الآخر : القنا : احديداب في الأنف . والفعل قني قنى . ويمكن أن تكون القناة من هذا ، لأنها تنصب وترفع; وألفها واو لأنها تجمع قنا وقنوات . وقناة الماء عندنا مشبهة بهذه القناة إن كانت قناة الماء عربية .
والتشبيه بها ليس من جهة ارتفاع ، ولكن هي كظائم وآبار فكأنها هذه القناة ، لأنها كعوب وأنابيب .
وإذا همز خرج عن هذا القياس ، فيقال : قنأ ، إذا اشتدت حمرته وهو قانئ . وربما همزوا مقنأة الظل ، والأول أشبه بالقياس الذي ذكرناه .