صفحة جزء
( بنو ) الباء والنون والواو كلمة واحدة ، وهو الشيء يتولد عن الشيء ، كابن الإنسان وغيره . وأصل بنائه بنو ، والنسبة إليه بنوي ، وكذلك النسبة إلى بنت وإلى بنيات الطريق . فأصل الكلمة ما ذكرناه ، ثم تفرع العرب . فتسمي أشياء كثيرة بابن كذا ، وأشياء غيرها بنيت كذا ، فيقولون ابن ذكاء الصبح ، وذكاء الشمس ، لأنها تذكو كما تذكو النار . قال :


وابن ذكاء كامن في كفر وابن ترنا

: اللئيم . قال أبو ذؤيب :


فإن ابن ترنا إذا جئتكم     يدافع عني قولا بريحا

شديدا من برح به . وابن ثأداء : ابن الأمة . وابن الماء : طائر . قال :


وردت اعتسافا والثريا كأنها     على قمة الرأس ابن ماء محلق

وابن جلا : الصبح ، قال :


أنا ابن جلا وطلاع الثنايا     متى أضع العمامة يعرفوني

[ ص: 304 ] ويقال للذي تنزل به الملمة فيكشفها : ابن ملمة ، وللحذر : ابن أحذار . ومنه قول النابغة :


بلغ زيادا وحين المرء يدركه     فلو تكيست أو كنت ابن أحذار

ويقال للجاج : ابن أقوال ، وللذي يتعسف المفاوز : ابن الفلاة ، وللفقير الذي لا مأوى له غير الأرض وترابها : ابن غبراء . قال طرفة :


رأيت بني غبراء لا ينكرونني     ولا أهل هذاك الطراف الممدد

وللمسافر : ابن السبيل . وابن ليل : صاحب السرى . وابن عمل : صاحب العمل الجاد فيه . قال الراجز :


يا سعد ياابن عمل يا سعد

ويقولون : هو ابن مدينة إذا كان عالما بها ، وابن بجدتها أي عالم بها [ ص: 305 ] وبجدة الأمر : دخلته . ويقولون للكريم الآباء والأمهات هو ابن إحداها . ويقال للبريء من الأمر هو ابن خلاوة ، وللخبز ابن حبة ، وللطريق ابن نعامة . وذلك أنهم يسمون الرجل نعامة . قال :


وابن النعامة يوم ذلك مركبي

وفي المثل : " ابنك ابن بوحك " أي ابن نفسك الذي ولدته . ويقال لليلة التي يطلع فيها القمر : فحمة ابن جمير . وقال :


نهارهم ليل بهيم وليلهم     وإن كان بدرا فحمة ابن جمير

يصف قوما لصوصا . وابن طاب : عذق بالمدينة . وسائر ما تركنا ذكره من هذا الباب فهو مفرق في الكتاب ، فتركنا كراهة التطويل .

ومما شذ عن هذا الأصل المبناة النطع . قال الشاعر :


على ظهر مبناة جديد سيورها     يطوف بها وسط اللطيمة بائع

[ ص: 306 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية